عُمان تفتح صفحة جديدة في شراكتها الاستثمارية مع بريطانيا

البلدان وقعا اتفاق شراكة استثمارية سيادية يهدف إلى تعزيز الروابط الاقتصادية وزيادة الاستثمارات في مجالات مثل الطاقة النظيفة والتكنولوجيا.
الخميس 2022/01/13
مناخ الأعمال موات للتوسع أكثر في النشاط

اكتسبت العلاقات الاقتصادية بين سلطنة عمان وبريطانيا زخما كبيرا بتوقيع البلدين على اتفاقية لتعزيز التعاون الاستثماري، في ظل تأكيد البلدين عزمهما على تذليل كافة العقبات أمام حركة التبادل التجاري بينهما، مع سعيهما لوضع أسس شراكات استراتيجية أكثر انفتاحا.

لندن - يعكس اهتمام سلطنة عُمان بتعزيز شراكاتها مع بريطانيا في ظل المقومات الجاذبة للبلد الخليجي في مقابل ضمان ضخ المزيد من الاستثمارات في المملكة المتحدة، مساعي البلدين إلى تحقيق أقصى استفادة من الفرص التي فرضتها العديد من المتغيرات.

ووقّع البلدان اتفاق شراكة استثمارية سيادية يهدف إلى تعزيز الروابط الاقتصادية، وزيادة الاستثمارات في مجالات مثل الطاقة النظيفة والتكنولوجيا، وهو ما يأتي تتويجا لاجتماع عقد الشهر الماضي بين السلطان هيثم بن طارق ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون.

وتتزامن الخطوة مع اجتماع المجموعة الاستشارية الاستراتيجية البريطانية - العمانية، والتي تريد رسم معالم أكثر وضوحا في العلاقات الثانية التجارية والاقتصادية مستقبلا.

ومن المتوقع أن تقود الشراكة الاستثمارية السيادية التي وقّعها في لندن الثلاثاء الماضي وزير الاستثمار البريطاني جيري جريمستون ورئيس جهاز الاستثمار العماني عبدالسلام المرشدي، الاستثمارات الاستراتيجية المشتركة في المرحلة المقبلة.

جيري جريمستون: نتطلع إلى أن تدعم شراكة الاستثمار السيادي أسس التعاون

وقال جريمستون في تصريحات عقب إبرام الشراكة الجديدة إن "سلطنة عمان تعد شريكا استراتيجيا طويل الأمد في الشرق الأوسط، ويسعدني أن المملكة المتحدة تعمل على تعميق علاقتنا الاستثمارية".

وأضاف "يشترك بلدانا في رؤية مستقبل مستدام ومزدهر، ونتطلع إلى أن تضمن شراكة الاستثمار السيادي أن يكون قطاعنا الخاص والمستثمرون الدوليون جزءا من تلك الرحلة".

وأكد أن الشراكة الجديدة ستعمل على تعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين وتحديد ودعم الاستثمارات التجارية، والتي تعد بالفعل جزءا مهما من العلاقات التجارية البالغة مليار جنيه إسترليني سنويا.

وترى مسقط أنه من خلال تركيز الجهود على الاستثمارات الاستراتيجية المشتركة سيكون الطرفان قادرين على الوصول إلى المزيد من النتائج المثمرة والملموسة، دعما لرغبة البلدين المشتركة في مواصلة تطوير شراكة ديناميكية وأقوى.

وقال المرشدي إن "هذه الشراكة تعتبر تجسيدا مثاليا لنشاط جهاز الاستثمار في إطار ‘رؤية عمان 2040’، لاسيما من أجل الاستدامة المالية وجذب المستثمرين الأجانب، الذين يعتبرونه شريكا لهم في الاستثمار المحتمل".

وتستثمر الشركات البريطانية في عمان منذ أمد بعيد، ومثلت نحو 50 في المئة من الاستثمارات الأجنبية في السلطنة في السنوات القليلة الماضية، وفق بيانات المركز الوطني العماني للإحصاء والمعلومات.

وكدليل على هذه الشراكة المتنامية، أبرمت شركة غرين فيولز البريطانية الرائدة في مجال تحويل النفايات مؤخرا، شراكة موسعة تضم مستثمرين عمانيين لتشكيل واكود إنترناشيونال، وهو مشروع مشترك استثمر حوالي مليوني دولار في عملياته التي تتخذ من عمان مقرا لها منذ انطلاقه في العام الماضي.

ويعتبر معمل واكود الحيوي في مدينة خزائن الاقتصادية في عُمان أول مصنع للديزل الحيوي يعمل بالطاقة الشمسية في العالم.

وسيقوم المصنع بمعالجة 20 طنا يوميا من زيت الطهي المستخدم الذي تم جمعه من المطاعم ومؤسسات تجهيز الأغذية، إلى وقود الديزل الحيوي القياسي الأوروبي، للاستهلاك المحلي كوقود للطرق وللتصدير إلى المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي.

ومن المتوقع أن يبدأ توسع بريطانيا خارج عمان في باقي دول الخليج هذا العام، وقد أدت الشراكة بالفعل إلى خلق وظائف جديدة في المنطقة.

ووفق مركز الإحصاء العماني، فقد استثمرت الشركات البريطانية نحو 7.9 مليار ريال (4.1 مليار جنيه إسترليني) من أسهم الاستثمار الأجنبي المباشر في عُمان.

وهذا المبلغ يعادل 49.6 في المئة من رصيد الإنفاق الرأسمالي للاستثمار الأجنبي المباشر العماني في الربع الأخير من عام 2020.

عبدالسلام المرشدي: الشراكة تجسيد مثالي لنشاط جهاز الاستثمار لرؤية 2040

وتشترك بريطانيا وعمان في علاقة تجارية بلغت قيمتها ما يقرب من 979 مليون جنيه إسترليني في الفترة الفاصلة بين يوليو 2020 ويوليو 2021، بحسب البيانات الرسمية.

وكانت بريطانيا قد عززت تعاونها مع عمان، حيث ضخت استثمارات في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم، وهو ما أعلن عنه في شهر سبتمبر 2020.

وتماشيا مع رغبة عُمان في الانفتاح مع حرصها الشديد على الحفاظ على استقلالية قرارها السيادي، فإن الاستثمار البريطاني سيساعد في معادلة المصالح التجارية للعديد من الدول الأخرى للبلاد ومن بينها الصين.

وتعمل شركة دقم نافال دوك يارد كمشروع عُماني مشترك مع شركة بابكوك إنترناشيونال ومقرها لندن، وتمتلك رصيفين في ميناء الدقم قادرين على استقبال البواخر الضخمة والقيام بإصلاحات السفن.

وتأتي الخطوة الجديدة في الوقت الذي تستعد فيه بريطانيا ودول الخليج لإطلاق محادثات رسمية حول اتفاقية التجارة الحرة الجديدة.

ومن المتوقع أن تبدأ المفاوضات هذا العام مع اتفاق مستقبلي من المقرر أن يعزز الروابط في مجالات مثل الاستثمار والخدمات.

ويرجح خبراء أن تكون هناك مكاسب لدول الخليج تتمثل بتحسين شروط الاستثمار والقوة التفاوضية، لاسيما في ما يتعلق باتفاقيات التجارة الحرة.

وترتبط بريطانيا بالفعل بعلاقات استراتيجية اقتصادية وتجارية واستثمارية وعسكرية وطيدة مع دول الخليج، وقد تجاوز حجم التجارة مع المنطقة 30 مليار دولار في العام 2020.

وتستهدف إبرام اتفاقات تجارية في المنطقة في أعقاب الخروج من الاتحاد الأوروبي. وقد خطت خطوة أولى العام الماضي صوب مفاوضات تجارية مع دول الخليج الست.

10