عُمان تستثمر في الظرفية الدولية للتحول إلى مركز دولي للطاقة النظيفة

مسقط وبرلين تتطلعان إلى شراكة أعمق خلال زيارة السلطان هيثم.
الجمعة 2022/07/15
احتفاء ألماني بزيارة سلطان عمان هيثم بن طارق

تشكل الشراكة في مجال الطاقة النظيفة أحد أبرز محاور زيارة سلطان عمان هيثم بن طارق إلى ألمانيا، حيث تواجه الأخيرة تحديات كبيرة خصوصا على مستوى توفير بدائل للغاز الروسي، وتملك السلطنة جميع المقومات التي تؤهلها لأن تكون مركزا دوليا لإنتاج الهيدروجين الأخضر، ما يجعل برلين كما غيرها من العواصم الغربية مهتمة بالتعاون معها.

مسقط - تعد الظرفية الدولية الحالية فرصة ثمينة بالنسبة إلى سلطنة عمان للدفع قدما باتجاه مشروعها الطموح في التحول إلى مركز دولي للطاقة النظيفة، خاصة وأنها تملك جميع المقومات التي تؤهلها لتحقيق الهدف المنشود، والذي سيمكنها من تخفيف الاعتماد على النفط وتنويع مصادر دخلها وتوفير المزيد من مواطن الشغل لموطنيها.

وتقول أوساط سياسية عمانية إن السلطنة بدأت تتحرك بالفعل على صعيد نسج شراكات واعدة لاسيما مع الدول الأوربية في مجال الطاقة النظيفة، مشيرة إلى أن هذا الملف يشكل أحد المحاور الرئيسية لزيارة السلطان هيثم بن طارق إلى برلين.

وبدأ سلطان عمان الخميس زيارة هي الأولى من نوعها إلى جمهورية ألمانيا الاتحادية تمتد لثلاثة أيام، وكان في مقدمة مستقبليه المستشار أولاف شولتس وعدد من كبار المسؤولين الألمان.

وحظي السلطان هيثم باحتفاء لافت من قبل الحكومة الألمانية التي أقامت مأدبة غداء على شرفه، تم خلالها بحث العلاقات الثنائية المتنامية بين البلدين وسُبُل الارتقاء بمستويات التعاون والشراكة القائمة بينهما إلى آفاق أوسع في مختلف المجالات خدمة للمصالح المشتركة بين الشعبين العُماني والألماني.

عمان بإمكانها أن تكون شريكا مميزا لألمانيا في مجال الطاقة النظيفة، نظرًا لما تتميز به السلطنة من مقومات

واستطاعت سلطنة عمان خلال السنوات الماضية بناء شبكة من العلاقات المتينة مع الدول الغربية ولاسيما الأوروبية، وهي تعمل على توثيقها من خلال حركة دبلوماسية نشطة. وترى الأوساط السياسية أن زيارة السلطان هيثم إلى برلين تشكل دفعة جديدة في العلاقات الثنائية وتعزيز أوجه التعاون في جميع القطاعات وخاصة الطاقة.

وتأتي الزيارة في توقيت حساس جدا بالنسبة إلى ألمانيا التي تواجه اليوم تحديات كبيرة خصوصا على مستوى توفير بدائل للغاز الروسي، مع تلويح موسكو بإمكانية وقف إمدادات الغاز عبر خط “نورد ستريم 1”.

ويدفع التهديد الروسي ألمانيا إلى البحث عن سبل لاستيعاب الخطوة الروسية في حال تحققت من خلال الإعلان عن جملة من الخطط من بينها العودة إلى النفط والفحم وترشيد استهلاك الطاقة، إلى جانب تسريع خطوات الاعتماد على مصادر الطاقة النظيفة.

وتوضح الأوساط ذاتها أنه بغض النظر عن مآلات الأزمة الروسية – الأوكرانية المتفجرة منذ مارس الماضي، فإن الأوروبيين استفاقوا على حقيقة مؤلمة ناجمة عن فداحة الارتهان لروسيا في قطاع الطاقة، وهم يسعون جاهدين لإنهاء هذا الوضع، وأحد أهم التوجهات هو الرهان على الطاقات المتجددة.

وتقول هذه الأوساط إن عمان بإمكانها أن تكون شريكا مميزا لألمانيا في مجال الطاقة النظيفة، نظرًا لما تتميز به السلطنة من مقومات وعوامل رصينة للاستثمار في هذا الحقل المهم جعلتها محط اهتمام أغلب دول العالم، مثل إنتاج الهيدروجين الأخضر حيث تتوفر في عمان أهم العوامل الأساسية لإنتاجه وهي الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والمساحات الشاسعة.

مسقط استطاعت خلال السنوات الماضية بناء شبكة من العلاقات المتينة مع الدول الغربية ولاسيما الأوروبية

وكان السلطان هيثم هيأ المجال للاستثمار في هذا القطاع الواعد، عبر توجيه الحكومة بتسريع إجراءات تنظيم قطاع الهيدروجين الأخضر، وتأسيس شركة لتنمية هذا القطاع في مارس الماضي يؤكد على البيئة الجاذبة للاستثمار في سلطنة عُمان خاصة في هذا الحقل، حيث أن هناك مشروعات استثمارية قائمة منها مشروع “هايبورت الدقم” لإنتاج الهيدروجين الأخضر.

وإلى جانب التركيز على أهمية بناء شراكة في مجال الطاقة النظيفة ركزت المحدثات بين المسؤولين العمانيين والألمان، على هامش زيارة السلطان هيثم، على باقي جوانب التعاون بين الطرفين.

وخلال لقاء جمع وزير الخارجية العماني بدر البوسعيدي مع وزير الدولة بوزارة الخارجية الألمانية أندرياس ميكاليس، تم التأكيد على تطلُّع البلدين إلى تحقيق المزيد من التعاون في المجالات الاقتصادية والاستثمارية.

وترتبط عمان بعلاقات جيدة مع ألمانيا، وبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين في نهاية عام 2021 حوالي 201.8 مليون ريال عُماني، حيث بلغت الواردات الألمانية إلى سلطنة عُمان حوالي 172.9 مليون ريال عُماني في حين بلغ حجم الصادرات العُمانية إلى ألمانيا 28.8 مليون ريال عُماني.

وتشير الإحصاءات الصادرة عن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات في عمان إلى أن حجم التبادل التجاري بين البلدين قد وصل في نهاية مارس الماضي إلى 4. 53 مليون ريال، وتمثلت أهم الصادرات العُمانية إلى ألمانيا في المعدات الإلكترونية وأسماك التونة والمواد الصيدلانية والطبية ومعادن ومواد بلاستيكية ومنتجات بولي إيثيلين تيريفتالات والكابلات الكهربائية، فيما تمثلت الواردات الألمانية إلى السلطنة في الآلات الصناعية والكهربائية والمواد الكيميائية الصناعية والمركبات والمستحضرات الصيدلانية والبلاستيك.

وتتنوع استثمارات جهاز الاستثمار العُماني مع ألمانيا في عدد من النشاطات، منها فندق هيلتون دوسلدورف الذي يمتلك الجهاز 90 في المئة منه، وشركة أدفاريو المعنية بتشغيل محطة خزانات النفط الرئيسية في ميناء صحار الصناعي وتبلغ تكلفتها الاستثمارية 27 مليون دولار أميركي، وشركة أوكيو للصناعات الكيميائية (أوكسيا) التي تقوم بتصنيع وتوريد وتسويق المنتجات البتروكيماوية ومشتقاتها في العالم، وتعد الشركة أكبر منتجي مركبات أوكسو الكيميائية في العالم وتبلغ تكلفتها الاستثمارية 1.8 مليار دولار.

3