عُمان تترقب مكاسب تطبيق ضريبة القيمة المضافة

المواطنون والشركات في اختبار التأقلم مع الخطوة وإنجاح مسار الحكومة في تعزيز إيرادات الميزانية
الثلاثاء 2021/08/17
للحكومة نصيب من القيمة المضافة للسلع

تفرض التأثيرات العميقة لأزمة الجائحة على العمانيين وتداعيات ذلك على اقتصاد بلدهم الضعيف التأقلم مع السياسات الحكومية المتعلقة بالتقشف والتي يجسدها تطبيق ضريبة القيمة المضافة مما يجعلهم أمام حتمية التحكم أكثر في النفقات وتغيير خارطة المصاريف.

مسقط – تدرك الحكومة العمانية أن الإصلاحات الاقتصادية التي تقوم بها لمواجهة تراجع الإيرادات، إذ كان أحدثها فرض ضريبة القيمة المضافة بعد أن تأخرت في تنفيذ الخطوة لعامين تقريبا، أنه لا مفر من إقناع المواطنين بجدوى هذا الأمر مع تبسيط الخطوة أمام الشركات من أجل التسجيل لدى جهاز الضرائب.

وتثير ضريبة القيمة المضافة الجدل بين أوساط المحللين بشأن قدرة سلطنة عمان على تعويض التأثير المالي الكبير لأزمة وباء كورونا وما تبعه من تداعيات على سوق النفط كما هو الحال في السعودية والإمارات والبحرين، بينما تترقب مسقط مكاسب ذلك مع استكمال مراحل تطبيق الضريبة.

وفعليا، بدأت عُمان في منتصف أبريل الماضي فرض الضريبة المقدرة بنحو 5 في المئة لضمان الاستدامة المالية بالسلطنة بعدما تراكمت عليها ديون هائلة على مدار السنوات القليلة الماضية على خلفية تراجع إيراداتها المتأتية من النفط على الرغم من أنها منتج صغير في المنطقة.

وتطبق الضريبة على جميع موردي السلع والخدمات، وبالتالي سيترك ذلك أثاره على سلسلة التوريد بأكملها، مع مراعاة بعض الاقتطاعات للتوريدات الخاضعة لنسبة الصفر وكذلك التوريدات المعفاة التي تمت مناقشتها قبل الإقدام على الخطوة.

وتعتبر القيمة المضافة ضريبة غير مباشرة يتحمل قيمتها المستهلك النهائي بينما يقوم المورّد الخاضع للضريبة باحتساب وتحصيل الضريبة وسدادها إلى جهاز الضرائب.

وقامت الحكومة بتوسيع قائمة السلع الخاضعة لضريبة القيمة المضافة بمعدل الصفر في المئة من 93 سلعة غذائية أساسية إلى 488 سلعة غذائية وذلك ضمن حزمة مبادرات الحماية الاجتماعية التي أقرها السلطان هيثم بن طارق.

1.04 مليار دولار الإيراد السنوي المتوقع من فرض ضريبة القيمة المضافة وفق التقديرات

وتتمثل السلع الغذائية الخاضعة للمعدل الصفري لضريبة القيمة المضافة في الخضروات والفواكه والبقوليات والحبوب والتمر والتوابل والزيوت والأسماك واللحوم الحمراء والدواجن إضافة إلى الألبان والأجبان والشاي والبن والسكر والملح والعصائر غير المضاف إليها سكر أو مواد تحلية.

ووسط محاولات من العمانيين للتأقلم مع الوضع الجديد الذي جاء في وقت حساس يمر به الاقتصاد تبرز مساعي من طرف السلطات بهدف تقليل آثار ذلك على الناس وأنها مرحلة مهمة لإعادة بناء الاقتصاد على أساس تنويع مواردة بشكل مستدام.

وتعتبر الخطوة اختبارا لمدى تحمل المواطنين لسياسة التقشف، التي اضطرت الحكومة اتباعها لإحلال التوازن المالي، ومدى إمكانيتهم التأقلم مع هذا القرار خلال السنوات المقبلة.

ولكن السلطات تعمل أيضا من أجل حث الشركات والتجار على الدخول ضمن هذه الدائرة ضمن أربع مراحل للتسجيل في ضريبة القيمة المضافة في السلطنة.

وذكرت وكالة الأنباء العمانية الرسمية أن جهاز الضرائب سيبدأ الثلاثاء عقد أولى جلساته الافتراضية حول ضريبة القيمة المضافة والتي تأتي ضمن برامج الحملة التوعوية “معاك وعشانك”.

وتهدف العملية إلى التعريف بضريبة القيمة المضافة وآلية التطبيق إلى جانب تحقيق الوعي المجتمعي بالضوابط القانونية لتطبيق الضريبة بما يضمن حفظ حق المستهلك والتاجر.

والضريبة واحدة من سلسلة خطوات اتخذها السلطان هيثم بن طارق لتحسين الكفاءة المالية بعد تأخر إصلاحات مهمة لسنوات في عهد سلفه السلطان قابوس الذي توفي في يناير من العام الماضي.

روبرت موجيلنيكي: هناك حاجة ماسة لإيرادات إضافية تُمول الميزانية

ويضع منتج النفط الصغير نسبيا قياسا بجيرانه الخليجيين خططا منذ فترة طويلة لإصلاح اقتصاده وتنويع مصادر إيراداته واستحداث ضرائب وإصلاح منظومة الدعم لكن تلك الإجراءات وبعضها مثل فرض الضرائب تشوبها حساسيات.

وحتى الآن انتهى جهاز الضرائب من الإشراف على مرحلتين من تسجيل الشركات في ضريبة القيمة المضافة، الأولى تمت في الربع الأول من 2021 وخصصت للشركات التي يزيد دخلها السنوي عن مليون ريال (2.6 مليون دولار).

أما الربع الثاني فكان مخصصا للشركات التي يتراوح دخلها السنوي بين نصف مليون ريال ومليون ريال (1.3 مليون دولار و2.6 مليون دولار).

وبحسب بيانات جهاز الضرائب، فقد بلغ عدد المسجلين في الضريبة حتى منتصف هذا العام حوالي 17.5 ألف تاجر ومسدي خدمات في السلطنة التي تطمح إلى أن يتضاعف العدد بنهاية العام الجاري.

وتمتد الفترة الثالثة بين يوليو وسبتمبر، وهي مخصصة للشركات التي تبلغ عن دخل سنوي يتراوح بين 250 ألف ريال ونصف مليون ريال (651 ألف دولار و1.3 مليون دولار).

وسيكون الربع الرابع من العام مخصصا للشركات التي يتراوح دخلها السنوي بين 38 ألف ريال وربع مليون ريال (99 ألف دولار و651 ألف دولار).

وقال روبرت موجيلنيكي الباحث لدى معهد دول الخليج العربية في واشنطن لوكالة رويترز في وقت سابق إن “من المتوقع أن يصل الإيراد السنوي من الضريبة الجديدة إلى 400 مليون ريال (نحو 1.04 مليار دولار).

وأضاف “هناك حاجة ماسة لتدفقات إضافية من الإيرادات للمساعدة في تمويل الميزانية”، التي تقول الحكومة إن عجزها سيصل إلى 2.24 مليار ريال (5.82 مليار دولار) بنهاية هذا العام.

وتعتزم مسقط فرض ضريبة دخل في سابقة بين دول الخليج الغنية بالنفط، تُطبق على أصحاب الدخل المرتفع بدءا من العام المقبل في إطار خطط لخفض عجز الميزانية.

ويُعوّل على أن يكون لتطبيق ضريبتي القيمة المضافة والدخل أثرٌ إيجابي على التنمية الاقتصادية والاجتماعية وعلى القدرة التنافسية الدولية للبلد الخليجي مستقبلا.

ويقول المسؤولون إن الموارد المالية التي سيتم تحصيلها من فرض الضرائب سوف تسهم في بناء اقتصاد مستدام للأجيال القادمة كما أنها ستساعد في تحسين الخدمات العامة ومواصلة تطوير البنية التحتية والخدمات العامة وغيرها.

10