عيون المها

أن يكون الغزل بالعيون السود هو الغالب، فإنه أمر مفهوم في المجتمعات العربية.
السبت 2023/07/29
عيون جريئة

لم يكتب أبوالطيب المتنبي الكثير من الشعر في باب الغزل، غير أن قليله يكفي ليهز القلوب. من ذلك يقول،“لو بات سهم من الأعداء في كبدي/ ما نال منيَ ما نالته عيناك”، وهو ما استلهمته العراقية زهور حسين حين أنشدت بصوت ملتاع “يم عيون حراقة/ قولي اشوكت نتلاقه”.

 ولم يكن البغدادي علي بن الجهم بعيدا عن ذلك الموقف الحائر حين قال “عيون المها بين الرصافة والجسر/ جلبن الهوى من حيث أدري ولا أدري”.

 أما عبدالحليم حافظ فقد كان يدري حين قال “لعيون السود رموشهم ليل/ ليل بيحلم بلي غايب/ العيون السود خذوني/ أه يا قلبي يلي ذايب”.

 قبلها كان العندليب غنى “أبو عيون جريئة”، ولا أحد في إمكانه أن يحدد المدى الذي يمكن أن تصل إليه جرأة عيني المرأة.

وإذا كان الأمر يتعلق بالعيون السود، فإن ناظم الغزالي كان سباقا حين غنى “يم العيون السود ما جوزن أنا/ خدك القيمر أنا اتريق منه”. بعد سنوات غنت وردة الجزائرية “العيون السود”.

في الوقت نفسه كتبت غادة السمان كتابا بعنوان “عيناك قدري”، ولكن بدر شاكر السياب كان قد سبقها حين قال في أنشودة المطر “عيناك غابتا نخيل ساعة السحر/ أو شرفتان راح ينأى عنهما القمر”.

 أن يكون الغزل بالعيون السود هو الغالب، فإنه أمر مفهوم في المجتمعات العربية، غير أن شادية خرجت عن ذلك التقليد فغنت، “ولا قدك مية/ يا بو عيون العسلية”، في حين تفادت فيروز الدخول في ذلك النزاع حين غنت “سمرا يم عيون أوساع والتنورة النيلية/ مطرح ضيق ما بيساع راح حطك في عينيا”.

 أما أن تكون للقلب عيون، فذلك ما صارت تبشر به نجاة الصغيرة.

 ومثلما اشتكى عبدالحليم حافظ من رموش عيني نادية لطفي السود، فإن محرم فؤاد كان صريحا في تشخيصه للعلة حين قال “رمش عينو اللي جارحني رمش عينو”، والعين ليست كذلك في كل الأوقات، فهي لا تجرنا إلى معارك جانبية دائما. تقول وحيدة خليل “عين بعين عالشاطي تلاقينه/ غير القمر ما واحد عرف بينه”.

 وقد تتحول العين إلى ضحية كما ورد على لسان شادية “يا سارق من عيني النوم”، ولكن الخلاصة التي توصل إليها جرير هي التي تظل تثير جدلا واسعا بين المولعين والمولعات بالعيون.

يقول جرير “إن العيون التي في طرفها حور/ قتلننا ثم لم يحين قتلانا/ يصرعن ذا اللب حتى لا حراك به/ وهن أضعف خلق الله أركانا”.

18