عيد العمال يودع الاحتفالية ويعود إلى المطلبية: معيشة بغلاء وصدامات

باريس- خرج عيد العمال العالمي هذا العام عن طابعه الاحتفالي التقليدي الذي يقوم على تعداد المكاسب إلى وضع مغاير، حيث سيطرت على المناسبة الصدامات والشكاوى من غلاء المعيشة في البلدان الفقيرة والغنية على حد سواء، وذلك في ظل أزمة عالمية كبيرة.
وفي فرنسا، نزل مئات الآلاف إلى شوارع فرنسا الاثنين للاحتجاج على إصلاح نظام التقاعد الذي أقرّه الرئيس إيمانويل ماكرون، في تظاهرات تخلّلتها خصوصاً صدامات بين الشرطة ومتظاهرين في باريس.
وقالت الأمينة العامّة للاتحاد العمّالي العام صوفي بينيه إنّ نسبة المشاركة “في هذا الأول من مايو هي الأكبر” في تاريخ عيد العمّال في البلاد.
◙ الصدامات والشكاوى من غلاء المعيشة سيطرت على ذكرى عيد العمال في البلدان الفقيرة والغنية على حد سواء
وفشلت الحكومة الفرنسية في الوصول إلى اتفاق مع النقابات وبات الموضوع بيد القضاء، وهو تصعيد قد يتواصل في الأشهر القادمة.
وفي بريطانيا، قابل الممرّضون عيد العمال بإضراب جديد بناء على دعوة نقابتهم الرئيسية للمطالبة بزيادة الرواتب في مواجهة التضخّم، وهو إضراب سيؤثّر على المزيد من الخدمات في المستشفيات رغم تقليص مدته بأمر من المحكمة.
وللمرة الأولى، يطال هذا الإضراب الذي يستمر 28 ساعة، العناية المركّزة وقسم الأمراض السرطانية، وفقاً للنقابة، رغم بعض الاستثناءات في مستشفيات قد يؤدي فيها نقص الممرّضين إلى تعريض حياة المرضى للخطر.
وفي ألمانيا، أكبر اقتصاديات أوروبا، دافع يورغ هوفمان رئيس نقابة عمال المعادن في ألمانيا (آي جي ميتال)، بشدة عن حق النقابات في الإضرابات.
وخلال مسيرة تم تنظيمها بمناسبة عيد العمال، قال هوفمان “لن نقبل بأي تقييد لحق الإضراب، نقطة، تم، انتهى”.
من جانبه، طالب المستشار الألماني أولاف شولتس الشركات في بلاده بتدريب المزيد من الشباب، مشددا “يجب على الجميع أن يتحدوا مرة أخرى وأن يبذلوا كل ما في وسعهم بحيث يتواصل ارتفاع عدد وظائف التدريب في ألمانيا”.
ورغم أهمية المناسبة، فإن إيطاليا اتخذت قرارا معاكسا أثار ضدها النقابات، وهو إلغاء “دخل المواطنة”، حيث تظاهر آلاف الأشخاص في كل أنحاء البلاد الاثنين من تورينو إلى روما وتم رشق مبان حكومية بالبيض.
وألغت الحكومة الاثنين “دخل المواطنة”، وهو مساعدة يستفيد منها الملايين من الفقراء، واستبدلته بشيك اجتماعي نطاقه محدود، في قرار وصفته المعارضة والنقابات بأنه “استفزاز”.
وبالنسبة إلى المدافعين عنه يعتبر “دخل المواطنة” عامل تهدئة اجتماعيا وقد أعطى نتائج في مناطق الجنوب الفقيرة فيما ترى الحكومة أنه مكلف (8 مليارات يورو في 2022).
وفيما كان “دخل المواطنة” مخصصا لكل شخص يبرز تلقيه دخلا متواضعا جدا بما يشمل الشباب، فإن “شيك الإدماج” سيخصص للعائلات التي تضم أشخاصا معوقين أو قاصرين أو تزيد أعمارهم عن 60 عاما.
وقالت رئيسية الحكومة الإيطالية جورجيا ميلوني “نقوم بإصلاح ‘دخل المواطنة’ لإحداث فرق بين هؤلاء القادرين على العمل وغير القادرين على ذلك”.
وبحسب المعهد الإيطالي للإحصاء فإن “دخل المواطنة” الذي أدخلته حكومة الخمس نجوم عام 2019 انتشل مليون شخص من الفقر رغم أن نصف الفقراء تقريبا لا يحصلون عليه.
عربيا، تزامن عيد العمال مع قرار وزارة التموين والتجارة الداخلية المصرية رفع أسعار معظم السلع المدعومة المباعة لأكثر من نصف عدد السكان اعتبارا من الاثنين.
ومن ضمن السلع التي ارتفعت أسعارها، زجاجة الزيت النباتي التي زاد سعرها إلى 30 جنيها (0.97 دولار) من 25 جنيها، كما ارتفع سعر كيسي السكر والأرز بوزن كيلوغرام واحد إلى 12.60 جنيه من 10.50 جنيه. وهو ما من شأنه أن يزيد من حجم الغضب بين الفئات الضعيفة في مصر وقد يفجر احتجاجات تلقائية ضد قرار الحكومة.
وفي موريتانيا حذرت النقابات من أن تدني الرواتب وارتفاع الأسعار ينذران بالخطر، إذا لم تتخذ الحكومة إجراءات لتحسين ظروف العمال. جاء ذلك في بيانات وتصريحات بمناسبة عيد العمال.
وقال أمين عام “الكونفيدرالية العامة لعمال موريتانيا” عبدالله ولد محمد إن “البلد يعيش ظروفا صعبة بفعل استمرار الارتفاع المذهل للأسعار”.
وفي لبنان انطلقت مظاهرة في وسط بيروت تطالب بمواجهة الانهيار الذي يواجهه لبنان. وردد المتظاهرون شعارات انتقدوا فيها أداء الحكام وأعلنوا فيها أن الوطن للأغنياء والوطنية للفقراء.