عيد الحب فرصة الأزواج لاستعادة رومانسية غائبة

تبادل التهاني والهدايا بمناسبة عيد الحب أصبح من بين العادات التي انتشرت بين المحبين والأزواج في المجتمعات العربية، وتستعد الأسواق ومحال بيع الهدايا لهذه المناسبة فتعرض أفضل سلعها مما يقتنيه المحبون لبعضهم البعض، ومثلما تدخل هذه المناسبة حركية في الأسواق فإنها تدخل حركية في العلاقات العاطفية بين الأزواج والمخطوبين وقد يتخذها البعض فرصة لتجديد الاعتراف بالمشاعر والخروج من روتين وضغوط الحياة اليومية.
لندن – تجاوز عيد الحب ارتباطه بثقافة معينة ودين معين ليصبح من المناسبات العالمية كونه احتفاء بقيمة وعاطفة إنسانية، وبالرغم من اعتراض البعض من المتشددين فكريا على الاحتفاء به، إلا أن الكثير من الناس وفي جل الدول العربية يحتفون بالمناسبة. ويرى البعض أن عيد الحب لا يخص العاشقين وحدهم بل يمكن أن يكون مناسبة للتعبير عن عاطفة نبيلة نكنها للمقربين من أفراد الأسرة والأصدقاء والأحباب.
وتعبر صفحات منصات التواصل الاجتماعي اليوم والإرساليات القصيرة موظفة التكنولوجيات الحديثة عن الاحتفاء بعيد الحب حيث يصرح كثيرون بمشاعر الحب تجاه من يكنون لهم عواطف المحبة. وقد دخلت عادات إحياء المناسبة بين الشريكين في المجتمعات العربية ودأب الكثير منهم على الاحتفاء بها في 14 فبراير من كل عام.
وفي بغداد أطل عيد الحب هذا العام على العراقيين في أجواء من الاستقرار جعلت الاستعدادات له متميزة لاقتناء هدايا العيد التي يطغى عليها اللون الأحمر كتقليد لهذه المناسبة.
وعرضت الأسواق والمتاجر العراقية جميعا هدايا جميلة لعيد الحب أو ما يسمى (فالنتاين) باللون الأحمر في مقدمتها الدببة والوسائد وأغصان الورود ومواد الإنارة وبطاقات التهاني في مشهد يعكس حالة من الفرح والابتهاج في مشاركة العراقيين لشعوب العالم إحياء هذه المناسبة.
وقال فوزي الاتروشي وكيل وزارة الثقافة العراقية إن “عيد الحب مناسبة إنسانية لإبراز الطابع الحضاري للمجتمع ودعوة لنبذ العنف والحث على الحب في معانيه الشاملة”.
عيد الحب مناسبة إنسانية لإبراز الطابع الحضاري للمجتمع ودعوة لنبذ العنف والحث على الحب
وأضاف ”من البديهي أن يكون التوجه في هذا اليوم إلى المرأة كرمز للعطاء وكشريكة للرجل تستحيل الحياة دونها، وأن يكون عيد الحب بمثابة ظاهرة ضد الرجعية والتقاليد البالية التي تطلق العنان لكل أشكال العنف والقمع والاضطهاد في حين تحرم الاحتفال بالحب، وهذه أكبر جريمة يرتكبها المتلبسون بالدين حين يتكلمون باسم الله زورا“.
وأكد الاتروشي ”لم تخل حضارة على الأرض من آلهة للجمال والحب وعشتار رمز ذلك في حضارتنا الرافيدية مع تموز إله الخصب، وبعد نزول الأديان السماوية، والتي تنتمي كلها لمنبع واحد، مثل حب الإنسان لأخيه الإنسان مساحة واسعة في الفكر الديني وليس المختلق على أيدي بعض رجال وأحزاب الإسلام السياسي الذين صادروا جوهر الدين”.
وأردف “أنا شخصيا أدخلت من خلال إشرافي على لجنة المرأة في وزارة الثقافة تقليد الاحتفال سنويا بهذا العيد… وفي عيد الحب هذا العام تهمني مطالبة البرلمان بقوة بتشريع قانون مكافحة العنف الأسري”.
وختم قائلا “دعونا نحب بعضنا البعض وسنرى أن كل أزماتنا ستنفرج فالحب مفتاح الحلول”.
وأعلنت المطاعم الكبرى في مناطق متفرقة بالبلاد عن برامج ترفيهية وحفلات غنائية يحييها مطربون عراقيون تتخللها وجبات طعام عراقية، فضلا عن طرح هدايا مغلفة باللون الأحمر وأخرى بشرائط حمراء.
وكانت المولات والمراكز التجارية محطة لاستقبال المحتفلين من خلال إقامة تجمعات احتفالية تتخللها فعاليات ترفيهية ومسابقات وتقديم هدايا للمشاركين.
وكان المحبون والعوائل على موعد لتبادل الهدايا في المناطق السياحية والمنتزهات.
وقالت المتخصصة في مجال الإخراج لمسرح الطفل والتي تشغل منصب معاون مدير عام دار ثقافة الأطفال في العراق فاتن الجراح (63 عاما) “أنا أترحم في هذا اليوم على القديس فلانتين لأنه أعطانا هذه الفرصة للاحتفال سنويا بهذا العيد الجميل عيد الحب”.
وأشارت إلى أن “هذا العيد مرتبط بتضحيات قدمها قديس من أجل الحب وأخذت مدى أوسع في ما بعد بين الشعوب، خاصة وأن البشرية بحاجة اليوم إلى الإحساس بمعاني الحب وتبادل كلمات خالية من العنف والبغضاء”. وذكرت الجراح أن “المجتمع العراقي اليوم يستقبل عيد الحب وهو يعيش حالة من التفاؤل والبهجة”.
فيما يقول طه العبيدي (21 عاما) طالب جامعي إن ”المشاعر والأحاسيس لا تحتاج إلى مناسبات لإحيائها لأنها تعيش معنا بشكل يومي، لكن تخصيص يوم لها أمر مهم لأنه يجعل منه يوما مميزا يعيشه الجميع كل بحسب ما يريد وبقضاء ساعات استثنائية”.
كما احتفى الفلسطينيون في قطاع غزة بعيد الحب، ووصفت الاحتفالات بأنها محتشمة بسبب الظروف الاقتصادية التي خلّفت الكثير من الإحباط واليأس لدى السكان.
ولم يستطع محمد شعبان (27 عاما)، الذي اعتاد أن يقدّم لزوجته هدية في عيد الحب، هذا العام أن يقدمها لها بسبب فشل مشروعه التجاري الذي كان مورد رزقه.
وقال شعبان إنه “شعر بالحزن بسبب التغيّرات السلبية التي طرأت على حياته”، وأشار إلى أنه يكتفي هذا العام بشراء وردة واحدة حمراء اللون، علّها تفي بغرض التعبير عن محبته لزوجته.
وقال المسؤول الشاب بمحل “سفير الحب” بمدينة غزة، زين عبدو، إن “الاحتفال بعيد الحب هذا العام مختلف عن الأعوام السابقة، نتيجة تدهور الظروف المعيشية، لكن رغم ذلك، الإقبال على شراء الهدايا لا يزال متواصلا من قبل فئة الشباب كون الشعب الفلسطيني شغوفا بالفرح والمحبة”.
وتابع عبدو “كل الناس يمرون بأوضاع اقتصادية صعبة، لكنهم يحبون الفرح”. وأعلن المحل التجاري عن تخفيضات للبضائع التي يعرضها، من أجل تشجيع الزبائن على الشراء. وفي أحد أسواق مدينة غزة، زيّنت بعض المحال التجارية أبوابها باللونين الأحمر والوردي استعدادا لاستقبال عيد الحب. كما افترش عدد من الباعة المتجولين الأرض وعرضوا قطعا فنية ودببة حمراء اللون للبيع.
وقال هاني فايز (32 عاما) إن وضعه الاقتصادي شهد هذا العام تحولا كاملا، موضحا “خلال الأعوام السابقة كنت أشتري هدية لزوجتي لكي أرسم على وجهها ابتسامة"، لكن عدم القدرة على شراء فايز هدية لزوجته لن “يغيّر من مكانتها عنده أو من المحبّة التي يكنّها لها”، كما قال. ويأمل فايز أن تتحسن الأوضاع خلال الفترة المقبلة لكي يتمكّن من توفير حاجياته وحاجيات أسرته.