عيدروس سالم الدياني: الرواية مزدهرة في اليمن رغم الحرب

الشعر والرواية لا يزاحم أحدهما الآخر.
الجمعة 2022/11/04
واقع اليمن المؤلم يعد بإبداع مزدهر

الكثير من الأقلام الأدبية في اليمن باتت تتجه إلى كتابة الرواية في بلاد حافلة بالحكايات، وخاصة تلك التي تواجه البشر في وجودهم وتخلق منهم قصصا تراجيدية تلخص معاناة الإنسان وتوقه إلى التحرر. “العرب” كان لها هذا اللقاء مع الروائي اليمني عيدروس سالم الدياني حول تجربته وواقع الرواية اليمنية اليوم.

عدن - يسعى القاص والروائي اليمني عيدروس سالم الدياني للاقتراب من مناطق معتمة في أعماله السردية التي تعبر عن أصوات خافتة في المجتمع اليمني تتقاذفها الصراعات الداخلية وقسوة المنافي كما هو الحال في روايته “نخلة وبيت”، الفائزة بجائزة محمد عبدالولي للقصة والرواية.

ويتحدث الكاتب لـ”العرب” عن أجواء كتابتها وكيف استقبلها القراء والنقاد، قائلا “إن ‘نخلة وبيت‘ هي الرواية الأولى ولذلك فقد ترددت كثيرا قبل البدء في كتابتها، وحين كتبتها لم أكن واثقا من نضجها، ولذلك كنت أعدل فيها بين فترة وأخرى، وأيضا قمت بعرضها على بعض الأصدقاء المقربين من الأدباء والقراء، فكان لهؤلاء الدور الأكبر في تشجيعي، لما رأيت من إعجاب الكثير منهم بالرواية، واستفدت أيضا من ملاحظاتهم التي أسدوها لي”.

رواية مزدهرة

عيدروس سالم الدياني: جمهور القصة في وسائل التواصل أوسع لقصر مساحتها
عيدروس سالم الدياني: جمهور القصة في وسائل التواصل أوسع لقصر مساحتها

عن حبكة الرواية واشتغالاتها السردية الداخلية، يقول الدياني “في البداية كان هناك راوٍ واحد للرواية، يتحدث بصوت المتكلم، ثم رأيت أن أجعل للرواية راويين، يتقاسمان سرد الأحداث، فكل منهما يسرد الأحداث الأقرب له أو الأحداث التي ستبدو أوضح من جهته.عوض وسعدان، اللذان ينتميان لطبقتين اجتماعيتين مختلفتين، ومع ذلك فلم يكن سعدان وحده الذي يأسره الماضي ويحكم عليه بالشقاء لانتمائه الطبقي المتدني، فالبلاد كلها أسيرة الماضي، عاجزة عن التقدم، بائسة وفقيرة، تتجرع الآلام، ومع ذلك فهناك شعاع أمل نسعى خلفه دوما ونحاول الخروج من ذلك الوضع البائس”.

ويتابع “الرواية تحكي عن حياة الناس في محافظة شبوة في مراحل زمنية مختلفة، تمتد منذ فجر الاستقلال وحتى بداية القرن الواحد والعشرين، وهذه الفترات كان فيها الاستقلال والعهد الشمولي الاشتراكي ثم عهد دولة الوحدة، وما رافق تلك المراحل من تحولات اجتماعية واقتصادية والأثر الواضح لكل مرحلة على الناس. كما تتحدث الرواية أيضا عن حياة الاغتراب التي يضطر إلى عيشها الكثير من اليمنيين نتيجة لعوامل كثيرة لعل أوضحها هو الفقر والعوز. وحياة الغربة كواقع معاش بعيدا عن الأحلام الواعدة التي لا ترى في الغربة سوى المال الذي يجنى من خلالها”.

ويرى الدياني أن الرواية في اليمن تشهد مرحلة ازدهار، ردا على سؤال “العرب” حول رؤيته لواقع الرواية اليمنية وهل استطاعت مزاحمة الشعر، ويقول “الحقيقة أنني قرأت البعض من الروايات ولذلك فالحكم على الرواية سيكون من خلال قراءتي المتواضعة، فالرواية تشهد ازدهارا كبيرا، والأقلام الروائية والقصصية كثيرة، منها أقلام متميزة ومبدعة. والشعر والرواية باعتقادي لا يزاحم أحدهما الآخر، فلكل فن من يقرأه ومن يتذوقه، وهناك من يستطيع بإبداعه لفت النظر إليه أيا كان جنس ما يكتبه، لكن واقع الرواية اليمنية ينبئ بمستقبل مشرق لما تحويه الساحة من أقلام روائية جيدة، أنتجت وتنتج أدبا متميزا”.

الحرب والقصص

بوكس

عن انعكاسات الحرب على الأدب اليمني وخصوصا الرواية، يقول الدياني “الحرب مؤلمة وبصمتها تمتد إلى كل شيء، ولعل الأدب أولها، فالأدب يلتقط الكثير من الصور التي نعيشها، ولا أكثر تأثيرا علينا من الحرب والألم الذي يعم شعبا كاملا دون استثناء، وإن كان هناك تفاوت في المعاناة ومقدار الألم الذي أنتجتنه الحرب من شخص لآخر ومن فئة لأخرى، فذلك التفاوت نجده أيضا في سطور الروايات ما بين مقل منها ومستكثر وستتطرق روايتي القادمة للحرب وبعض آثارها على الناس، ومعاناة الكثير من جرائها، ولو بصورة غير مباشرة”.

ويؤكد الدياني أن الحرب أثرت تأثيرا سلبيا على كل مناحي الحياة، الاجتماعية والنفسية والاقتصادية في اليمن، ويستدرك “ولكن الجانب الأدبي كان شمعة مضيئة لا أراها تأثرت سلبا من الحرب، بل رأيت الكثير من الأقلام نشطت وكتبت وأبدعت، ولا أدري هل الحرب هي التي أثرت فيها إيجابا، واستفزت المعاناة لدى الكُتاب فأعملوا أقلامهم على الصفحات وسطروا تلك المعاناة شعرا ونثرا، أم أن هناك عوامل أخرى أجهلها”.

ويعمل الدياني على إنجاز رواية جديدة بعد صدور “نخلة وبيت”، روايته الأولى بعد مجموعته القصصية “انتقام صغير” في العام 2019.

وحول قصة انتقاله من كتابة القصة إلى الرواية وإمكانية عودته لكتابة القصة مجددا يقول “اتجهت للرواية بعد صدور مجموعتي القصصية الأولى ومع ذلك فمازلت أكتب القصة القصيرة، وهناك بعض القصص كتبتها بعد صدور المجموعة، وسأحاول أن أكمل مجموعة أخرى وأقوم بنشرها حين أكون راضيا عنها تمام الرضا. القصة القصيرة ممتعة وأحب قراءتها، ومحاولة كتابتها رغم مزاحمة الرواية لها. كما أن جمهور القصة في وسائل التواصل أوسع لقصر مساحتها بحيث يمكن للشخص قراءة القصة في دقائق معدودة من خلال الفيسبوك أو أي موقع آخر”.

13