عون يهرب من أزماته الداخلية بتدويل ملف اللاجئين السوريين

عاود الرئيس اللبناني ميشال عون تدوير ملف النازحين السوريين في لبنان بإعلان اعتزامه تقديم شكوى دولية لإعادتهم إلى بلدهم. ويقول مراقبون إن هذه الخطوة تأتي للتغطية على أزمات لبنان السياسية، إذ دأب عون على تدوير ملف النازحين السوريين كلما اشتدت عزلته الداخلية.
بيروت - وصفت مصادر سياسية لبنانية إعلان الرئيس اللبناني ميشال عون اعتزامه تقديم شكوى أمام المحافل الدولية بشأن التعاطي مع مسألة النازحين السوريين، بالهروب من أزمته السياسية الداخلية. وقالت المصادر إن الرئيس عون يلجأ إلى تدوير ملف النازحين السوريين كلما اشتدت عزلته الداخلية وكلما كان مساهما بشكل مباشر في الأزمات السياسية التي عرفها لبنان طوال عهده.
واستغربت المصادر انشغال عون بملف اللاجئين السوريين، في وقت يعيش فيه لبنان تعثرا في استكمال الاستحقاقات الدستورية (تشكيل حكومة جديدة وانتخابات رئاسة الجمهورية).
وقال عون، خلال لقائه وفد نقابة العاملين في الإعلام المرئي والمسموع الاثنين، "وضعنا دراسة قانونية حول ما تنص عليه القوانين المحلية والإقليمية والدولية في ما خص التعاطي مع النازحين وسنتقدم بشكاوى في المحافل الدولية للحصول على حقوقنا، خصوصاً وأن سوريا راغبة في استعادة النازحين ولا تعارض هذا الأمر، واستقبلت بالفعل قسماً منهم".
وأضاف "هذا الأمر يثير الريبة حول الأهداف الدولية من تشجيع النازحين على البقاء في لبنان"، مشيرا إلى أن "ما حصل في مؤتمر بروكسل حول قضية النازحين أثار المخاوف الجدية كونه شجع على دمجهم في المجتمعات التي تستقبلهم، على الرغم من تردي الأحوال المعيشية والاقتصادية والمالية وازدياد نسبة الجرائم بسبب النزوح إلى لبنان". وشدد "على أهمية دور الإعلام ومسؤوليته في حمل الحقيقة لأن الحقيقة تربي الشعب وتقيم له البنيان الثابت"، منتقدا الحملات التي تشن عليه.

ويبلغ عدد اللاجئين السوريين المقيمين في لبنان نحو 1.5 مليون بحسب تقديرات رسمية، ويعاني معظمهم أوضاعا معيشية صعبة، خاصة مع احتدام الأزمة الاقتصادية التي بدأت منذ نهاية 2019 مع بداية انهيار قيمة صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار. ورفضت مفوضية شؤون اللاجئين خطة لبنانية تقدمت بها بيروت مؤخرا تقضي بتأمين عودة 15 ألف نازح سوري شهريا إلى وطنهم.
وتقضي الخطة اللبنانية بتلقي النازحين المساعدات المادية والعينية في سوريا وتوقيف المفوضية المساعدات عن الـ15 ألف نازح الذين يجب أن يعودوا كل شهر لأن دفع المساعدات لهم في لبنان يشكل حافزا لهم للبقاء في لبنان.
ويهيمن الفراغ الرئاسي المرتقب في لبنان على تحركات وتصريحات الساسة اللبنانيين، بعد أن اشتدت المواجهة بين رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي والرئيس عون بشأن تنازلات ولادة الحكومة اللبنانية الجديدة.
وفي ظل الانقسام السياسي الحاد حول الاستحقاقات الدستورية القادمة، دخل السياسيون اللبنانيون في مواجهة تدور حول التفسيرات والاجتهادات والتجاوزات الدستورية، ذلك أن الأمر لا يرتبط فقط بمعركة الصلاحيات، بل بكيفية إدارة البلاد في حالة الشغور الرئاسي، خصوصا وأن الجميع يتصرف على أساس أن الانتخابات الرئاسية لن تحصل في موعدها.
ومع اقتراب بدء سريان مهلة الستين يوما لانتخاب رئيس الجمهورية خلالها، بدءا من الأول من سبتمبر وحتى الحادي والثلاثين من أكتوبر، تتجّه الأنظار إلى ما سيقرره رئيس مجلس النواب نبيه بري، في ما يخصّ الدعوة إلى انتخاب رئيس الجمهورية من عدمه.
ويدرس ميقاتي إسناد مهام إدارة صلاحيات رئاسة الجمهورية في حال الفراغ الرئاسي إلى حكومة تصريف الأعمال التي يديرها الآن، إلا أن عون يرفض هذا المقترح. وقال الرئيس اللبناني الخميس إن حكومة تصريف الأعمال اللبنانية لن تكون قادرة على ممارسة مسؤولياتها على نحو كامل، في حال تعذر انتخاب رئيس جديد للجمهورية ضمن المواعيد الدستورية لأي سبب كان.
ووفقا لبيان من الرئاسة اللبنانية، أكد عون أن الفراغ الرئاسي لا يمكن تغطيته بسلطة تنفيذية غير مكتملة الصلاحيات وغير حائزة على ثقة مجلس النواب. ونقلت مصادر مقربة من قصر بعبدا أن عون يدرس تكوين حكومة انتقالية في الأيام الأخيرة لعهده يعين هو رئيسها لإدارة الفراغ الرئاسي، وهو سيناريو في مواجهة تحركات ميقاتي لملء الفراغ.
وتشير المصادر إلى بدء الحديث عن رئيس ماروني لحكومة انتقالية تملأ الفراغ الرئاسي حال حصوله، على غرار الحكومة العسكرية الانتقالية التي شكلها ميشال عون في عام 1989 بتكليف من رئيس الجمهورية الأسبق أمين الجميل.
◙ تجنب الفراغ الرئاسي في لبنان بتشكيل حكومة جديدة تقف مطالب عون وتياره السياسي (التيار الوطني الحر) عقبة أمام تحقيقه
وكان الرئيس الأسبق الجميل قد كلّف في آخر يوم قبل انتهاء عهدته الرئاسية قائد الجيش آنذاك ميشال عون بتكوين حكومة عسكرية انتقالية تتولى مسؤوليات رئيس الجمهورية، بعدما عجز المجلس النيابي عن انتخاب خليفة له. ولا يستبعد محللون لجوء الرئيس عون إلى استنساخ هذا السيناريو.
وترهن مصادر سياسية تجنب الفراغ الرئاسي في لبنان بتشكيل حكومة لبنانية جديدة، إلا أن مطالب عون وتياره السياسي (التيار الوطني الحر) يقفان عقبة أمام ذلك. ويطالب رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل (صهر عون) بضمانات وتعهدات قبل الإفراج عن الحكومة الجديدة وهو ما يرفضه ميقاتي المتمسك بحكومة إصلاحات.
ويطالب مسبقا بمعرفة موقف رئيس الحكومة ووزير المالية من رفع الغطاء والحماية عن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة لإقالته. كما يطالب بالتزام رئيس الحكومة ووزير العدل ووزير المالية بتسهيل إنهاء التحقيق العدلي في جريمة انفجار مرفأ بيروت المجمد حاليا بسبب الدعاوى المرفوعة من بعض الشخصيات الملاحقة من قاضي التحقيق، ضد الأخير، والعالقة في الهيئة الاتهامية في محكمة التمييز.
ويصر باسيل على وجود السياسيين في الحكومة وهو ما يعكس أنه يريد أن يكون وزيرا فيها من أجل مشاركة رئيس الحكومة في الحصول على صلاحيات الرئاسة عندما يستجدّ فراغ رئاسي، وبالتالي يكون له دور في اختيار الرئيس المقبل عن طريق تأثيره في قرارات الحكومة ونفوذه فيها إذا طال هذا الفراغ، طالما يتعذر انتخابه هو بسبب العقوبات الأميركية المفروضة عليه منذ نوفمبر 2020.