عون يدعو إلى حوار وطني لانتشال لبنان "الغارق في أزماته"

بيروت - يمر لبنان تزامنا مع عيده الـ77 للاستقلال بأسوأ مرحلة، في وقت تنقاد فيه البلاد نحو الانهيار في ظل تعثر تشكيل حكومة إنقاذ وطني وتدهور متسارع للوضعين المالي والاقتصادي وغياب الدعم الخارجي.
ودعا الرئيس اللبناني ميشال عون إلى "إطلاق حوار وطني لبحث ما تفرضه التحولات بالمنطقة والعالم من تغيرات، وللخروج بموقف موحّد يحصّن لبنان ولا يسمح بأن يكون ضحية التفاهمات الكبرى" وكبش فداء لمحرقتها.
جاء ذلك في كلمة لميشال عون السبت بمناسبة الذكرى السابعة والسبعين لاستقلال لبنان.
وقال عون إن "المتغيرات الإقليمية والدولية ستكون لها انعكاسات هامة على لبنان، ولا يقع على عاتق أي مسؤول أو أي حكومة أن يقررا منفردين السياسات التي يجب اعتمادها إزاء الواقع الجديد الذي يحتاج إلى الكثير من التضامن".
وتابع "وطننا اليوم، أسير منظومة فساد سياسي، مالي، إداري، مغطى بشتى أنواع الدروع الطائفية والمذهبية والاجتماعية حتى أضحى الفساد ثقافة وفلسفة لها منظّروها ومن يبررها ويدافع عنها".
ولفت الرئيس اللبناني إلى أنه "لا قيام لدولة قادرة وفاعلة في ظل الفساد، والبداية هي بالتحقيق المالي الجنائي ثم إقرار مشاريع قوانين الإصلاح والمحاسبة والانتظام المالي في مجلس النواب وفي مقدمها استعادة الأموال المنهوبة".
وتطرّق عون في كلمته عن انسحاب شركة تدقيق دولية من مراجعة حسابات مصرف لبنان المركزي، قائلا "إنّ انسحاب 'ألفاريز ومارسال' من المهمة الموكلة إليها هو انتكاسة لمنطق قيام الدولة، فالتدقيق الجنائي هو مدخل كل إصلاح".
وبررت الشركة وقف عملها، بعدم حصولها على المعلومات والمستندات المطلوبة، وعدم تيقنها من التوصل إلى هكذا معلومات، رغم حصولها مطلع الشهر الجاري على تمديد عملها ثلاثة أشهر لتسلم المستندات المطلوبة.
وقال عون إن التدقيق الجنائي مع مصرف لبنان ضروري لمحاربة الفساد، مشددا على أنه سيتخذ ما يلزم من إجراءات لإعادته إلى مساره بعد انسحاب شركة استشارية تعاقدت لإجراء التدقيق.
وتابع الرئيس اللبناني أن "المتاريس المصلحيّة" وضعت لعرقلة عملية التدقيق التي وصفها بأنها مطلب أساسي للمانحين الأجانب وصندوق النقد الدولي لمساعدة لبنان على الخروج من الانهيار المالي.
ويعاني لبنان منذ أشهر أزمة اقتصادية هي الأسوأ منذ انتهاء الحرب الأهلية (1975 - 1990)، إضافة إلى استقطاب سياسي حاد، في مشهد تتصارع فيه مصالح دول إقليمية وغربية.
وتفجّرت في أكتوبر من العام الماضي احتجاجات ضخمة على النخبة الحاكمة في لبنان، إذ حمّلها الناس مسؤولية رعاية مصالحها المكتسبة في الوقت الذي كان فيه الدين العام يتزايد. وقد أدت جائحة فايروس كورونا إلى زيادة الضغوط على موارد البلاد.
ولم يشكل لبنان حتى الآن حكومة منذ أن أطاح انفجار بيروت بالحكومة السابقة. ويبذل سعد الحريري رئيس الوزراء المكلف، طبقا لنظام تقاسم السلطة في البلاد، جهودا مضنية لتشكيل حكومة جديدة.
وفي وقت يسعى فيه الحريري إلى تشكيل حكومة إصلاحات، تعمل أطراف سياسية أبرزها حزب الله وحركة أمل على عرقلتها، فيما تربط القوى الكبرى المعنية بالشأن اللبناني تقديم يد المساعدة له بالقيام بإصلاحات جذرية.
وحول التحقيقات في انفجار المرفأ، قال عون "ثلاثة أشهر ونصف مضت على كارثة انفجار مرفأ بيروت ولا يزال لبنان والعالم بانتظار نتائج التحقيق".
وفي 4 أغسطس الماضي، وقع انفجار ضخم في مرفأ بيروت أدى إلى مصرع أكثر من 200 شخص، وإصابة ما يزيد على 6 آلاف آخرين، بجانب دمار مادي هائل في الأبنية السكنية والمؤسسات التجارية.
ووفق تقديرات رسمية أولية، وقع انفجار المرفأ في عنبر 12، الذي قالت السلطات إنه كان يحوي نحو 2750 طنا من مادة "نترات الأمونيوم" شديدة الانفجار، كانت مصادرة ومخزنة منذ عام 2014.
ويحتفل لبنان في 22 نوفمبر من كل عام باستقلاله عن الاستعمار الفرنسي عام 1943.