عون يتعهد برفع الغطاء السياسي عن أي متورط في انفجار بيروت

الرئيس اللبناني يتجنب الحديث مباشرة عن رفض وزير الداخلية إحالة مدير الأمن العام إلى التحقيق
الخميس 2021/07/15
تدخلات سياسية تعيق تقدم التحقيق في ملف الانفجار

بيروت - أثار رفض محمد فهمي، وزير الداخلية بحكومة تصريف الأعمال اللبنانية، منح الإذن بملاحقة المدير العام للأمن عباس إبراهيم في قضية انفجار مرفأ بيروت، استنكار أهالي الضحايا الذين نفذوا وقفة احتجاجية الأربعاء أمام مقر الأمن العام في العاصمة.

وتأتي هذه الوقفة الاحتجاجية بعد صدامات بين المتظاهرين من أهالي الضحايا وقوات الأمن اللبناني الثلاثاء أمام مبنى منزل وزير الداخلية في العاصمة بيروت، أطلقت خلالها الشرطة الغاز المسيل للدموع على الحشود، ما أسفر عن سقوط جرحى، بحسب شهود عيان.

وبعد يوم على اندلاع الاحتجاجات على طريقة التعامل مع التحقيق، أكد الرئيس اللبناني ميشال عون أنه لن يكون هناك غطاء سياسي لأي شخص متورط في الانفجار الهائل الذي وقع العام الماضي في ميناء بيروت، في انتقاد واضح لرفض فهمي ملاحقة المدير العام للأمن.

وتجنب عون في تصريحه الإشارة بشكل مباشر إلى رفض فهمي ملاحقة المدير العام للأمن، حيث اكتفى بالتأكيد خلال لقاء مع باتريك دوريل موفد الرئيس الفرنسي الأربعاء على أن التحقيقات لا تزال "مستمرة في جريمة تفجير مرفأ بيروت".  

وهزّ انفجار مروّع مرفأ بيروت في الرابع من أغسطس 2020، جراء تخزين كميات هائلة من نيترات الأمونيوم لسنوات بعلم كبار المسؤولين الحكوميين بلا إجراءات وقاية، ما أودى بأكثر من مئتي شخص وأصاب ما يزيد على 6500، فضلا عن تدمير أحياء عدة في العاصمة اللبنانية.

ومذاك لم يسفر التحقيق عن توجيه الاتهام إلى أي مسؤول، ويشدد أهالي الضحايا على أن التدخّلات السياسية تعيق التقدّم في هذا الملف.

ولا يزال سبب الانفجار غير واضح، كما أن التحقيق الذي أجراه طارق البيطار المحقق العدلي الذي يتولى الملف لم يسفر عن تقدم يذكر.

وفي يوليو الجاري طلب المحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار الإذن من وزير الداخلية للتحقيق مع مدير الأمن العام اللبناني، إلى جانب 5 قادة أمنيين وعسكريين، بينهم قائد الجيش السابق جان قهوجي.

لكن وزير الداخلية رفض الأسبوع الماضي منح الإذن من أجل التحقيق مع عباس في قضية انفجار المرفأ، بحسب تصريح صحافي للبيطار.

وقال البيطار في حديث تلفزيوني السبت الماضي، إنه تسلم رسميا قرار رفض فهمي السماح بالتحقيق مع المدير العام للأمن العام.

وطلب البيطار رفع الحصانة البرلمانية عن 3 وزراء سابقين (من النواب الحاليين) للتحقيق معهم في القضية، وأعلن عزمه استجواب رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب.

وأثار التأخير في التحقيقات ورفع الحصانة عن النواب إحباط أهالي ضحايا الانفجار، لاسيما وسط تقارير تفيد بأن معظم القادة اللبنانيين، بمن في ذلك الرئيس، على علم بالمتفجرات في الميناء.

واندلعت احتجاجات في العاصمة اللبنانية استمرت لساعات أمام منزل وزير الداخلية، حيث اعتبر المتظاهرون أن تحرك فهمي، ورفضه رفع الحصانة عن أحد كبار المسؤولين الأمنيين المتهمين في قضية الميناء، يعيق التحقيق.

ورفع الأهالي صور أبنائهم الضحايا، وأطلقوا هتافات تطالب "القيادات العسكرية والأمنية برفع الحصانة عن أنفسها والمثول أمام التحقيق".

وعلى إثر الصدامات بين الشرطة والمتظاهرين من أسر الضحايا، حثت منظمة العفو الدولية السلطات اللبنانية على رفع الحصانات الممنوحة لجميع المسؤولين، قائلة إن إجراء تحقيق محايد ضروري لمستقبل أفضل في بلد له تاريخ من "الإفلات من العقاب الراسخ".

وقالت لين معلوف، نائبة المدير الإقليمي لمنظمة العفو الدولية، "مطلب المحتجين بسيط: فلندع العدالة تأخذ مجراها. أي فشل في القيام بذلك هو إعاقة للعدالة".

ودعت حوالي خمسين منظمة غير حكومية بينها منظمة العفو الدولية، في منتصف يونيو إلى إجراء تحقيق في الانفجار تتولاه الأمم المتحدة، وذلك بسبب "التدخلات السياسية الصارخة، وعدم احترام معايير المحاكمة العادلة، وانتهاكات الإجراءات القانونية الواجب اتباعها".

ويمر لبنان بمخاض أسوأ أزمة اقتصادية في البلاد، لكن القيادة السياسية لم تتمكن من تشكيل حكومة لقيادة المفاوضات مع صندوق النقد الدولي من أجل حزمة الإنعاش.

وفشل لبنان في تشكيل حكومة جديدة منذ نحو 10 أشهر على تكليف الحريري بتشكيلها، نتيجة خلافات بينه وبين رئيس الجمهورية على تقاسم الحصص، فيما فشلت الجهود الفرنسية والمحلية في تضييق الخلافات بينهما.

والتقى الحريري الأربعاء بعون في جهود متجددة لحل المأزق السياسي، عقب عودته من رحلة قصيرة إلى مصر التقى خلالها الرئيس عبدالفتاح السيسي.

وقدم الحريري لعون تشكيلة الحكومة الجديدة التي تتألف من 24 وزيرا، وقال إنه يتوقع ردا من عون الخميس.

وتأتي تشكيلة الحكومة الجديدة بمثابة آخر عرض وزاري يقدمه رئيس الوزراء المكلف قبل أن يتجه نحو الاعتذار عن عدم استكمال المهمة، في حال رفض رئيس الجمهورية التشكيلة الجديدة، على غرار المحاولات السابقة، بحسب ما أكدته مصادر في "تيار المستقبل" الذي يترأسه الحريري، في الأيام الأخيرة.