عون يبشر بتسوية قريبة لملف الحدود البحرية تنقذ عهدته الرئاسية

التسوية المرتقبة للخلاف مع إسرائيل مؤجلة إلى ما بعد نهاية العهدة.
الخميس 2022/09/15
موارد بترولية يحتاجها لبنان بشدة

يبحث الرئيس اللبناني ميشال عون مع اقتراب نهاية ولايته في الحادي والثلاثين من أكتوبر القادم عن إنجاز يتوج به عهده الذي لم يحقق خلاله أي انجاز يذكره اللبنانيون. ووجد عون في استعجال ملف تسوية الحدود البحرية مع إسرائيل منفذا، إلا أن خبراء يشككون في التوصل إلى اتفاق قبل نهاية العام الجاري.

بيروت- يعكس تبشير الرئيس اللبناني ميشال عون بقرب تسوية الخلاف بشأن الحدود البحرية مع إسرائيل استعجالا، قالت مصادر لبنانية إنه يندرج ضمن مساعي عون لإنجاز الاتفاق قبل نهاية عهدته الرئاسية التي تقترب من نهاياتها دون انجازات.

وقالت مصادر مطلعة على مفاوضات ترسيم الحدود، إن التسوية باتت قريبة بالفعل بعد تجاوز عدد من النقاط الخلافية، إلا أنها لن تكون قبل نهاية ولاية عون في الحادي والثلاثين من أكتوبر القادم وإنما قد تتأخر إلى نهاية العام الجاري.

وأضافت المصادر أن نقاطا فنية ما زالت عالقة تستوجب بعض الوقت للحسم فيها وهو ما يحرم الرئيس اللبناني من “إنجاز” يتوج به عهدته الرئاسية الخاوية من أي أثر قد يتذكره اللبنانيون.

ميشال عون: التسوية ستعطي الاقتصاد دفعة للخروج من الأزمة

وتشارف ولاية عون على النهاية دون إنجازات تذكر، بل يستعد عون للمغادرة تاركا البلاد في أسوأ أزمة اقتصادية واجتماعية منذ عقود، فيما خسر حزبه (التيار الوطني الحر) شعبيته وثقله البرلماني نتيجة الإخفاقات في إدارة الوزارات الموكلة إليه خاصة وزارة الطاقة الموكل إليها ملف الكهرباء.

وأعلن عون الأربعاء أن الاتصالات لإنجاز ملف ترسيم الحدود الجنوبية البحرية مع إسرائيل “قطعت شوطاً متقدماً”. وقال في بيان أصدرته الرئاسة اللبنانية إن ثمة تفاصيل تقنية يتم دراستها لما فيه مصلحة لبنان وحقوقه وسيادته.

وأضاف أن “إنجاز ملف ترسيم الحدود البحرية الجنوبية سيمكّن لبنان من إطلاق عملية التنقيب عن النفط والغاز في الحقول المحددة ضمن المنطقة الاقتصادية الخالصة”. وتابع “هذا الأمر سيعطي الاقتصاد اللبناني دفعة إيجابية لبدء الخروج من الأزمة التي يرزح تحتها منذ سنوات”.

ومن جهتها، أبدت إسرائيل تفاؤلا حذرا بالتوصل إلى اتفاق مع لبنان حول ترسيم الحدود البحرية بين الجانبين. ونقلت هيئة البث الإسرائيلية (رسمية) الثلاثاء، عن مسؤول لم تسمه قوله إن “هناك تفاؤلا حذرًا في إسرائيل بالنسبة إلى مفاوضات ترسيم الحدود البحرية مع لبنان”.

والجمعة الماضية، قال مصدر رسمي لبناني إنه يمكن التوصل إلى اتفاق لترسيم الحدود البحرية “خلال فترة قريبة جدا” إذا تم التفاهم على بعض النقاط العالقة بشأن الخط 23 وحقل قانا كاملا الذي تطالب به بيروت.

والجزء الشمالي من حقل “قانا” يقع في البقعة الجغرافية البحرية رقم 9، وضمن الخط 23 الذي يعتبره لبنان حدوده البحرية وفقا للخرائط المودعة لدى الأمم المتحدة، فيما يوجد الجزء الجنوبي ضمن الخط 29.

وأضاف المصدر اللبناني أن الوسيط الأميركي أموس هوكشتاين “استعرض مع المسؤولين اللبنانيين الاتصالات التي قام بها مع شركة توتال الفرنسية والجانب الفرنسي بعد اللقاءات التي عقدها في باريس منذ فترة”.

وأبدى هوكشتاين، بحسب المصدر “تفاؤله بإمكانية التوصل إلى اتفاق، وأشار إلى أن هذا الأمر ضروري، وخاصة في هذه المرحلة”.

وأجرى المسؤول الأميركي زيارة إلى لبنان الاثنين، استمرت بضع ساعات، التقى فيها الرئيس عون، ورئيس مجلس النواب نبيه بري، ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي.

n

ويتنازع لبنان وإسرائيل على منطقة بحرية غنية بالنفط والغاز في البحر المتوسط تبلغ مساحتها 860 كيلومترا مربعا، وتتوسّط الولايات المتحدة في مفاوضات غير مباشرة بينهما لتسوية النزاع وترسيم الحدود.

ويأمل سياسيون لبنانيون في أن تساعد الموارد الهيدروكربونية المحتملة قبالة الساحل اللبناني في انتشال البلاد المثقلة بالديون من أعمق أزمة اقتصادية تواجهها.

ومن شأن الاتفاق أن يجلب أرباحا للبلدين من مخزونات الغاز الموجودة في المنطقة المتنازع عليها، الأمر الذي سيساعد لبنان في التخلص من أزمته الاقتصادية.

ووفق الاتفاق البحري المحتمل، ستحصل شركات طاقة دولية على حقوق البحث واستخراج الغاز الطبيعي، ومن ثمّ يتفق الطرفان على وسيط دولي سيحدد مستوى الأرباح التي ستحصل عليها كل دولة.

وفي أكتوبر 2020 انطلقت مفاوضات غير مباشرة بين بيروت وتل أبيب برعاية الأمم المتحدة بهدف ترسيم الحدود، وعُقدت 5 جولات كان آخرها في مايو 2021، ثم توقفت نتيجة خلافات جوهرية.

نقاط فنية ما زالت عالقة تستوجب بعض الوقت للحسم فيها وهو ما يحرم الرئيس اللبناني من "إنجاز" يتوج به عهدته الرئاسية الخاوية

ومطلع يونيو الماضي استقدمت إسرائيل إلى حقل “كاريش” سفنا تابعة لشركة “إنرجين” اليونانية – البريطانية مخصصة لاستخراج الغاز، ما أثار اعتراض الحكومة اللبنانية كون المنطقة متنازعا عليها.

وأفادت صحيفة يديعوت أحرنوت الإسرائيلية، نقلًا عن مصدر إسرائيلي، بأنّ “المفاوضات بين إسرائيل ولبنان حول الحدود البحرية يوجد فيها تفاؤل حذر بشكل خاص”، لافتًا إلى أنه “بالنسبة إلى طريقة المفاوضات، يمكن أن تتعقد الأمور وقد تؤدي إلى سوء تقدير مع حزب الله”.

وقال إنّ “استقرار لبنان ليس أمراً سيئاً بالنسبة إلينا”، مضيفا “سنستخرج الغاز بأسرع ما يمكن من منصة كاريش، وإذا حاول حزب الله اختبارنا سيدفع ثمنا باهظا”.

وبدورها، أشارت صحيفة “إسرائيل هيوم”، نقلاً عن مسؤول إسرائيلي تعليقاً على أنباء عن إحراز تقدم في المحادثات الجارية بين إسرائيل ولبنان، “إننا نراقب وتبقى سياستنا سارية، سنبدأ في استخراج الغاز من كاريش بمجرد اكتمال الاستعدادات، وأي هجوم على منصة حفر الغاز سيؤدي إلى رد إسرائيلي”. واعتبر المسؤول أنه “على الرغم من التقدم، لا يزال هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به وعلى الحكومة اللبنانية اتخاذ قرار”.

ولفت المسؤول إلى أنه “لا يزال من غير الواضح متى سيبدأ الإنتاج الفعلي للغاز”، لكنه حذر حزب الله من أنه “سيرتكب حسابات خاطئة كبيرة إذا اتخذ إجراءات ضد نشاط التنقيب عن الغاز الإسرائيلي”.

2