عون منتش بنصر ليس صاحبه ولا يحسب له

حزب الله المستفيد سياسيا وماليا من اتفاق ترسيم الحدود مع إسرائيل.
الخميس 2022/10/13
هدية قبل برهة على تسليم المفاتيح

سعى الرئيس اللبناني ميشال عون الأربعاء إلى استثمار اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل سياسيا، ما قد يخدم حزبه التيار الوطني الحر الذي تراجعت شعبيته داخل بيئته المسيحية، ويشهد مرشحه لانتخابات الرئاسة جبران باسيل معارضة من الحلفاء قبل الخصوم.

بيروت - وصفت دوائر سياسية اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل بالخطوة التي تخدم حزب الله، الباحث عن ترميم شعبيته المتراجعة في الداخل، على عكس الرئيس اللبناني ميشال عون المنتشي بنصر لا يحسب له.

واعتبر عون الأربعاء أن إنجاز اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل “سينتشل لبنان من الهاوية التي أُسقط فيها”.

ووضح الرئيس اللبناني أن “إنجاز اتفاقية ترسيم الحدود البحرية الجنوبية بعد المفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل، سيمكّن لبنان من استخراج النفط والغاز، وبالتالي سيُنتشل من الهاوية التي أُسقط فيها”.

وأضاف أن إسقاط لبنان في الهاوية جاء “نتيجة عدم تغيير طريقة الحكم لسنوات، إضافة إلى الهدر الذي شاب عمل المؤسسات والإدارات العامة”.

الجميع في لبنان يدرك أنه ما كان لاتفاق ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل أن يبرم دون موافقة حزب الله ومباركته

وفي معرض التسويق السياسي للدور المحدود الذي لعبه في إبرام الاتفاق، وجه عون انتقاده للسياسيين في وصول البلاد إلى وضع اقتصادي مأزوم، لكنه تناسى دور حزبه التيار الوطني الحر في ذلك.

وغفل عون، وفق مراقبين، عن أداء وزراء حزبه خلال فترة حكمه والذين فشلوا في إدارة المؤسسات العامة، خاصة إدارة وزارة الطاقة، إذ غرقت البلاد في الظلام لفترات عديدة، إلى جانب معاناة اللبنانيين اليومية في توفير الكهرباء والغاز والضرورويات الحياتية.

ويقول المراقبون إن الجميع في لبنان يدرك أن ما كان للاتفاق أن يبرم دون موافقة حزب الله، وأن الحزب الذي أفرج على الاتفاق يدرك جيدا أن توقيته يخدم أجنداته السياسية الداخلية والإقليمية، ويمثل انفراجة يعمل عليها الحزب منذ تراجع نتائجه في الانتخابات التشريعية.

ودفع حزب الله إلى توقيع الاتفاق بهدف امتلاك مصدر للتمويل يواصل به السيطرة على لبنان والتحكم في مختلف مفاصله الأمنية والسياسية، في حين يشعر اللبنانيون بأن الحزب صاحب الفضل في حصول البلد على الغاز من خلال تهديداته باستهداف الشركات العاملة في التنقيب، وهو ما يجعل الجميع مستقبلا يسكتون ولا يطالبون بمعرفة أين تنفق عائدات الغاز.

وباتت مسألة التمويل ملحة بالنسبة إلى حزب الله وقيادته، في ظل مؤشرات على أن إيران لن تقدر في المستقبل على تأمين حاجيات الحزب وسلاحه، وتقديم التمويل الذي يستطيع بواسطته شراء المواقف السياسية وتثبيت تحالفاته داخل البيت المسيحي والحفاظ على الدعم الشعبي في مناطق سيطرته، وهي عناصر بدأت تهتزّ إثر نشوب الأزمة الاقتصادية الحادة في لبنان وتعالي الأصوات التي تحمّله مسؤولية ذلك.

ويسعى الرئيس اللبناني الذي تنتهي ولايته في الحادي والثلاثين من أكتوبر الجاري إلى اختتام عهدته بإنجاز ما، إلا أن محللين يشيرون إلى أن إبرام الاتفاق قبل نهاية ولايته ربما يكون “هدية” من حزب الله، الذي قال عنه الرئيس عون في وقت سابق إنه “تخلى عنه”.

ويستبعد المراقبون أن يؤثر اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل على خياراته الانتخابية الرئاسية بدعم رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل (صهر عون). ويتحفظ حزب الله إلى حد الآن على دعم أي مرشح رئاسي، لكن خياراته منحصرة بين رئيس تيار المردة سليمان فرنجية وقائد الجيش جوزيف عون.

وبغض النظر عن مسألة إلى من يعود الفضل في اتفاق ترسيم الحدود البحرية الذي سيدر دون شك عائدات مالية هامة يحتاجها لبنان بشدة، يعتقد البعض أن الإفراط في التفاؤل وفي الحديث عن إيجابيات تلوح في الأفق مبالغ فيه وغير واقعي، وقد يكون هذا منطقيا نسبيا لأن اللبناني اعتاد على أن يتلقى الضربات والخيبات ويتعايش مع الأزمات الاقتصادية والسياسية والأمنية وغيرها.

ويشير متابعون إلى أن أمام هذا الاتفاق، بات من الواجب على اللبنانيين جميعا، من أحزاب وتيارات وطوائف ومواطنين على اختلاف أهوائهم ومشاربهم، أن يبحثوا عن الإيجابية وعن كيفية الاستثمار فيها، إلا أن فساد النخبة السياسية في لبنان قد يعرقل الإصلاحات المرجوة التي ستساعد الموارد المالية الإضافية الناتجة عن الاتفاق في تحقيقها.

ولا يتوقع محللون انفراجة قريبة في الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي يمر بها لبنان، إلا أن توظيف الموارد المالية بشكل سليم قد يخفف على المدى المتوسط معاناة اللبنانيين اليومية.

وصادق مجلس الوزراء الإسرائيلي الأربعاء على اتفاق توسطت فيه الولايات المتحدة لترسيم الحدود البحرية مع لبنان، مما يمهد الطريق لمراجعة برلمانية محتملة ومحتدمة لمدة أسبوعين، قبل أن تدخل حيز التنفيذ.

وإذا تم إقرار الاتفاق، فإن الاتفاق، الذي أشادت به الأطراف الثلاثة المعنية باعتباره إنجازا تاريخيا، سيمثل نقطة تحول هائلة بعد عقود من الحرب والعداء، كما أنه يفتح الباب أمام التنقيب عن الطاقة قبالة سواحل البلدين.

2