عودة مرسيدس تقدم شهادة ثقة لمناخ الأعمال المصري

منحت شركة مرسيدس بنز الألمانية شهادة ثقة كبيرة بالتحسن، الذي طرأ على مناخ الأعمال المصري، بإعلانها عن خطط إنشاء مصنع لها بالتعاون مع أحد الشركاء المحليين، وهو ما يمكن أن يشجع على تدفق استثمارات أخرى إلى قطاع تصنيع السيارات في البلاد.
القاهرة- رحبت الأوساط الاقتصادية المصرية بعودة شركة مرسيدس بنز الألمانية العملاقة لصناعة السيارات الفارهة إلى السوق المصرية بعد غياب دام 4 سنوات، وأكدت هذه الأوساط أن العودة تعكس الثقة الكبيرة في مناخ الأعمال، الذي يشق طريقه إلى الأمام رغم كل العقبات.
وقالت الشركة في بيان إنها “تجري مناقشات في هذا الصدد مع الحكومة المصرية لمساندة هذا المشروع التصنيعي”. وأكدت أنها ستقدم الدعم فيما يتعلق بمفاهيم النقل الحديثة في المشروعات القادمة.
وأشار ماركوس شافر عضو مجلس إدارة فرع الإنتاج والإمداد في مرسيدس إلى أن “مصر تعد موقعا جذابا وقادرا على المنافسة في قطاعي الإنتاج وتقديم الإمدادات”.
وتأتي عودة مرسيدس بعد أن دخلت في مفاوضات مع القاهرة نهاية 2016 لبحث الخطوة عقب تخارج شركة دايملر من الشركة المصرية الألمانية للسيارات “إجا”، والتي كانت تجمع وتصنع سيارات مرسيدس في مصر.
ونسبت وكالة شينخوا الصينية لرئيسة وحدة الدراسات الاقتصادية والمالية بمركز الحوار للدراسات السياسية والإعلامية حنان فتحي قولها إن “هذا القرار جاء نتيجة الخطوات الصحيحة التي يسير عليها الاقتصاد المصري في الفترة الأخيرة خاصة مع نجاح تطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادي”. وتنفذ الحكومة المصرية منذ أكثر من عامين برنامجا للإصلاح الاقتصادي كان تحرير أسعار صرف الجنيه من أهم ركائزه الأساسية.
وتوصلت القاهرة في شهر أغسطس 2016 إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي تحصلت بمقتضاه على قرض بقيمة 12 مليار دولار لدعم برنامج الإصلاح على مدار ثلاث سنوات.
وحقق تحرير سعر الصرف نتائج إيجابية انعكست على الاقتصاد المحلي، ونجح في تحويل دفة الاقتصاد المصري من حالة الضعف إلى التعافي، وسط توقعات بطفرات كبيرة في النمو الاقتصادي على مدار السنوات المقبلة.
وأوضحت فتحي أن عودة مرسيدس للسوق المصرية ستكون عنصر جذب كبيرا ومهما للغاية لدخول شركات واستثمارات أجنبية أخرى للبلاد، وستزيد من الثقة الدولية في الاقتصاد المصري.
وأشارت إلى أن الخطوة ستعزز ترتيب مصر على خارطة الاقتصاد العالمي لما تملكه الشركة الألمانية من سمعة في السوق العالمية.
ولقي قرار الشركة الألمانية ترحيبا رسميا واسعا في الأوساط الاقتصادية المصرية، حيث رأى المسؤولون المصريون أن افتتاح مصنع لعملاق تصنيع السيارات بالبلاد مؤشر قوي على نجاح سياسات الحكومة لتحسين مؤشرات النمو.
وأكد محمد المهندس رئيس غرفة الصناعات الهندسية باتحاد الصناعات المصرية، أن عودة مرسيدس تعكس نجاح برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي انتهجته مصر خلال السنوات الأخيرة، وعودة الثقة لدى المستثمرين في الاقتصاد المصري.
وأشار إلى أن قطاع السيارات من القطاعات كثيفة العمالة، ويجب الاستفادة التامة من التكنولوجيا الألمانية المتقدمة في هذا القطاع. وتطمح مصر لأن تكون مركزا إقليميا لتصنيع السيارات، خاصة بعد أن أعلنت الهيئة الاقتصادية لتنمية محور قناة السويس العام الماضي عن تأسيس أول منطقة عالمية لتجارة السيارات على مساحة تقدر بحوالي 200 ألف متر.
ووصف الرئيس عبدالفتاح السيسي قرار مرسيدس بأنه يعكس تحسين مناخ الاستثمار وأداء الأعمال في مصر، في ضوء تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي الشامل، بالإضافة إلى انفتاح مصر للتعاون مع الشركة الألمانية في إطار سياستها الرامية إلى تطوير السيارات بمختلف فئاتها.
وقال بسام راضي المتحدث باسم رئاسة الجمهورية، إن “قرار مرسيدس ستكون له انعكاسات إيجابية على مناخ الاستثمار في مصر، وعلى تصنيف البلاد الائتماني”. وأضاف أن الخطوة من شأنها “تشجيع الشركات الأخرى على القدوم للاستثمار في مصر، لما يمثله القرار من رسالة إيجابية لمجتمع المال والأعمال في العالم”.
وحولت مصر أنظارها الشهر الماضي، للتجربة المغربية في توطين صناعة السيارات بعد أن فشلت في تطبيق البرامج، التي أعدتها وروجت لها على مدى سنوات طويلة، في ظل شكوك في قدرتها على تحقيق الأهداف التي وضعتها للوصول بنسب التصنيع المحلي إلى 46 بالمئة.
ويتوقع أن تشكل عودة الشركة إلى مصر دفعة قوية لمجال التصنيع بشكل عام في البلاد، بالإضافة إلى توفير فرص عمل لمئات المصريين، وتعزيز ثقة المستثمر الأجنبي في السوق المصرية، في ظل توقعات دولية بتحسن الأوضاع بشكل سريع خلال السنوات القليلة القادمة.
وكان بنك ستاندرد تشارترد، الذي يتخذ من لندن مقرا له، قد أعلن في تقرير له هذا الشهر، أن الاقتصاد المصري سيحقق طفرة كبيرة ليكون ضمن أكبر 10 اقتصاديات عالمية في العام 2030، حيث يتوقع أن يبلغ 8.2 تريليون دولار.
وحققت مصر معدل نمو بلغت نسبته 5.3 بالمئة خلال العام المالي السابق الذي انتهي في أواخر يونيو الماضي، وهو أعلى معدل نمو سنوي منذ عقد من الزمن، بينما تستهدف الحكومة خلال هذا العام تحقيق نمو نسبته 5.8 بالمئة.