عودة قطرية إلى أسواق الدين لسد فجوة إيرادات الغاز

الحكومة في حاجة إلى الإسراع في تنويع مصادر الدخل لمعاضدة جهود مواجهة تأثيرات تقلب أسواق الطاقة.
الجمعة 2025/02/21
حصتي تقلصت، يا لها من ورطة!

تعتزم قطر العودة مجددا إلى أسواق الدين العالمية لبيع سندات مقومة بالدولار بهدف سد فجوة مالية في موازنة 2025، بعد سنوات من الفوائض المنجرة عن ارتفاع إيرادات مبيعات الغاز، وهو تأكيد على حاجة الدولة إلى اقتفاء أثر جيرانها في تنويعها اقتصادها.

الدوحة - تسعى قطر إلى بيع سندات دولارية، معتمدة على سمعتها كواحدة من أكثر الدول المصدرة أمانا في الأسواق الناشئة للمساعدة في سد فجوة الموازنة الناجمة جزئيا عن انخفاض أسعار الغاز والنفط.

وتتجه الحكومة لبيع سندات ممتازة غير مضمونة بسعر فائدة ثابت على شرائح لآجال ثلاث وعشر سنوات. ومن المتوقع أن يحصل الإصدار على تصنيف أي.أي 2 من موديز وأي.أي من أس آند بي وأي.أي من فيتش.

وبعد تحقيقها فائضا في موازنتها وحسابها الجاري في 2024، تتوقع الدولة حدوث عجز هذا العام. ووافق أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني على الموازنة الجديدة في ديسمبر الماضي والتي تتضمن عجزا ماليا بمقدار 3.62 مليار دولار.

فادي جندي: الحكومة سوف تستفيد من تقييمات ضيق فروق الائتمان
فادي جندي: الحكومة سوف تستفيد من تقييمات ضيق فروق الائتمان

وتم تحديد ذلك العجز بافتراض متوسط سعر الغاز الطبيعي السائل المرتبط بتكلفة النفط الخام، عند 60 دولارا للبرميل، وهو أقل بكثير من المستوى الحالي لخام برنت البالغ حوالي 76 دولارا.

وسجلت موازنة قطر للعام 2024 فائضا بقيمة تقدر بحوالي 1.55 مليار دولار، مقابل تقديرات سابقة بواقع 300 مليون دولار.

وبعد ابتعاد عن أسواق الدين العالمية دام أربع سنوات، جمعت الدوحة 2.5 مليار دولار في مايو الماضي، من خلال إصدار سندات خضراء مزدوجة الشريحة، وهي الأولى من نوعها من قبل دولة عضو في مجلس التعاون الخليجي.

وكان التسعير ضيقا، حيث تم تسعير السندات الخضراء لأجل خمس سنوات عند 30 نقطة أساس، بانخفاض من 70 نقطة أساس. وأغلقت السندات الخضراء لأجل 10 سنوات عند 40 نقطة أساس، مقابل 80 نقطة أساس.

ويبلغ الفارق بين إصدارات السندات الجديدة في قطر وسندات الخزانة الأميركية نحو 67 نقطة أساس، مقارنة بمتوسط الأسواق الناشئة البالغ 317 نقطة أساس، مما يجعلها واحدة من الدول النامية الأقل خطورة بالنسبة إلى مستثمري السندات.

وقال فادي جندي مدير محافظ الدخل الثابت في شركة أرقام كابيتال في دبي “بالنظر إلى مدى ضيق فروق الائتمان في قطر، حتى مقارنة بالمؤشرات الإقليمية، ومدى تسطيح منحنيات العائد حاليا، فمن المنطقي أن تستفيد الدولة من هذه التقييمات والإصدارات.”

وأضاف في تصريح لوكالة بلومبيرغ “سيكون هناك طلب قوي على هذا الإصدار ذي التصنيف أي.أي من كل من قبل البنوك المحلية وكذلك المستثمرين الأكثر تأثرا بالتصنيف.”

وقدّم المستثمرون طلبات لاقتناص ديون بأكثر من 12 مليار دولار، وفقا لمصدر مطلع على الصفقة طلب عدم الكشف عن هويته أثناء حديثه مع بلومبيرغ.

الدولة ستستمر في الحيطة المالية، خاصة تقليص الإنفاق على البنية التحتية
الدولة ستستمر في الحيطة المالية، خاصة تقليص الإنفاق على البنية التحتية

ويبدو أن أسعار الغاز ليست وحدها التي تؤثر على إيرادات أحد أكبر منتجي الغاز في العالم، بل إن إجراء أوروبيا قد يقلص إمدادات شركة قطر للطاقة المملوكة للدولة في أحد أكبر أسواقها، يعد أحد مصادر القلق.

وكان وزير المالية علي الكواري قد اعتبر أن فرض الاتحاد الأوروبي لاشتراطات صارمة للإفصاح عن معايير الاستدامة البيئية والاجتماعية والحوكمة على الشركات الكبرى التي تتعامل معه من شأنه أن يولد منافسةً غير عادلة.

وقال في تصريحات على هامش المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس الشهر الماضي إن “هذه القواعد قد تؤثر على إمدادات قطر من الغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا.”

وتابع الكواري “مثل هذه اللوائح تُعد منافسة غير عادلة، وإذا تعرضنا لضغوط، سنبحث عن أسواق أخرى لصادراتنا.”

وشكلت صادرات الغاز القطري إلى التكتل نحو 13 في المئة من إجمالي شحنات البلاد في العام الماضي، بانخفاض من 16 في المئة على أساس سنوي، وبنسبة 18 في المئة خلال عام 2022.

وتعكس تصريحات الكواري أيضا مخاوف سعد الكعبي الرئيس التنفيذي لقطر للطاقة، والذي قال إن القواعد الجديدة “لا معنى لها على الإطلاق.”

وحل البلد الخليجي بالمركز الثالث عالميا في تصدير الغاز العام الماضي بعد الولايات المتحدة وأستراليا، مستحوذا على قرابة 19.3 في المئة من حجم التجارة العالمية مع بيع كميات بلغت نحو 79.2 مليون طن.

3.62

مليار دولار مقدار العجز المالي المتوقع في الموازنة العامة للدولة خلال سنة 2025

وحاولت قطر التعافي من اكتئاب ما بعد مونديال كرة القدم 2022 عبر استضافة المزيد من الأحداث العالمية بعد أشهر من تدفّق مئات الآلاف من مشجعي كرة القدم إلى فنادقها وملاعبها والذين حضروا في أكبر حدث رياضي يشهده الشرق الأوسط.

ومن الواضح أنها لم تستفد على النحو الأمثل من ارتفاع أسعار الطاقة بعد اندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا قبل ثلاث سنوات، في ظل تأخر عن الإمارات والسعودية والبحرين وسلطنة عمان في تنويع الاقتصاد.

ويقول المسؤولون القطريون إن الدولة لديها خطة لتنويع مصادر الدخل ترتكز على 4 قطاعات رئيسية، وهي التصنيع منخفض الكربون والتكنولوجيا والسياحة والخدمات اللوجستية.

وبحسب الكواري، تستهدف الحكومة تحقيق نمو في الاقتصاد غير المعتمد على الوقود الأحفوري بنسبة 4 في المئة سنويا بحلول عام 2030.

وبالنسبة إلى الديون، فإن لدى الحكومة سندات بقيمة ملياري دولار تُستحق في شهر أبريل المقبل. ويتوقع محللو وكالة فيتش أن تواصل الحكومة استبدال الإصدارات المستحقة القادمة وتنويع مصادر تمويلها.

وقالوا في تقرير نشر في سبتمبر الماضي إن مسار الدين اللاحق سيعتمد على الطريقة التي تختار بها الحكومة توزيع فوائضها المالية.

بدورهم، يشير محللو موديز إلى أن التحسن الكبير في مؤشرات قطر المالية الذي تحقق خلال الفترة من 2021 – 2023 سيستمر على المدى المتوسط.

وجاءت هذه الرؤية بدعم من توقعات وكالة التصنيف بأن الحكومة سوف تستمر في الحفاظ على الحيطة المالية، وذلك من خلال الاستمرار في تقليص برنامج الإنفاق على البنية التحتية.

وذكرت موديز في أحد تقاريرها العام الماضي أن “الزيادة الكبيرة في إنتاج الغاز في قطر والتي ستتواصل خلال الفترة بين عامي 2026 و2028، ستعزز النمو والإيرادات الحكومية والصادرات.”

10