عودة صادرات النفط الليبية تثقل كاهل سوق الخام في أوروبا

طرابلس - كشفت مصادر بالسوق ومحللون أن استئناف إنتاج النفط الليبي بعد أزمة سياسية بشأن المصرف المركزي أدى إلى فائض في إمدادات الخام في أوروبا، وهو ما أجبر بائعين متنافسين على خفض أسعارهم.
وتسببت الأزمة قبل حلها في تقليص صادرات البلد العضو في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) إلى أدنى مستوى في أربع سنوات.
وأعلنت المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا استئناف الإنتاج في الثالث من أكتوبر الحالي بعد تعيين محافظ جديد للمركزي. وبحلول يوم 13 أكتوبر بلغ الإنتاج نحو 1.3 مليون برميل يوميا، وهو ما يقترب من مستويات ما قبل الأزمة.
ويتزامن توقيت زيادة الإنتاج مع أعمال صيانة في مصاف أوروبية ومع إغلاق عدة مصاف في البحر المتوسط وشمال غرب أوروبا بشكل كامل أو جزئي. ويقول متعاملون ومحللون إن هذا يضعف أسعار الخامات المنافسة.
وبحسب بيانات مجموعة بورصة لندن للأوراق المالية (أل.أس.إي.جي)، فإن علاوة سعر خام أذربيجان الخفيف مقابل خام برنت القياسي انخفضت إلى 1.55 دولار للبرميل، وهو أدنى مستوى له منذ أبريل الماضي.
وقالت صوفيا بريبلودناجا المحللة لدى شركة أف.جي.إي إنيرجي إن “فروق الأسعار بين خامات المتوسط الرئيسية الأخرى، مزيج اتحاد خط أنابيب بحر قزوين (سي.بي.سي) والخام الصحراوي ومزيج السدر الليبي، تراجعت أيضا في أول 11 يوما من أكتوبر”.
◙ 1.3 مليون برميل إنتاج ليبيا في أكتوبر، وهو يقترب من مستويات ما قبل أزمة البنك المركزي
وأضافت لرويترز أنه “بالنظر إلى المستقبل، فإن خامات البحر المتوسط ستواجه المزيد من الضغوط الهبوطية من ثاني أكبر حقل يوفر مزيج سي.بي.سي وهو حقل كاشاجان، والذي يعود من الإغلاق الكامل بسبب الصيانة بعد العاشر من نوفمبر المقبل”. وأكد أحد المتعاملين أن أسعار الخام من غرب أفريقيا، وهو أيضا بديل للخام الليبي، قد تتراجع أيضا.
وتم طرح خام بوني النيجيري الخفيف الأسبوع الماضي بسعر يقارب علاوة قدرها دولار واحد للبرميل فوق خام برنت، وتم تسعيره بأقل من ذلك قليلا، وهو الأدنى منذ ديسمبر 2023، وفقا لبيانات أل.أس.إي.جي.
وبدأت أزمة المركزي الليبي في نهاية شهر أغسطس الماضي، وهو ما أدى إلى إغلاق عدد من حقول النفط والموانئ. وتعد الدولة، التي عانت من حرب طاحنة بعد الإطاحة بنظام معمر القذافي في عام 2011، مقسمة بين حكومتين، إحداهما في الغرب والأخرى في الشرق.
وتتنافس الحكومتان على السلطة؛ الأولى من طرابلس وتأسست عام 2021 ويرأسها عبدالحميد الدبيبة كجزء من عملية سلام برعاية الأمم المتحدة، والثانية معينة من البرلمان ويقودها أسامة حماد وتحظى بدعم من جانب خليفة حفتر.
وتملك ليبيا أكبر احتياطيات نفط في أفريقيا، لكن إنتاج الخام غالبا ما يكون في قلب الصراع السياسي، حيث تغلق جماعات مسلحة أو محتجون المرافق بشكل دوري للضغط من أجل الحصول على مطالب لهم.
وأفادت منصة غلوبال فاير العالمية لتحليل البيانات في أرقام أوردتها وكالة الأنباء الليبية الرسمية بأن ليبيا جاءت في المركز الأول بين بلدان القارة، من حيث احتياطياتها النفطية، وفق الإحصائيات المثبتة التي أظهرت أنها تبلغ 50 مليار برميل من الخام.
ووفقا لبيانات كبلر، انخفضت صادرات ليبيا من النفط الخام في سبتمبر إلى نحو 550 ألف برميل يوميا، وهو أدنى مستوى لها في أربع سنوات، ونصف المتوسط لشهري يوليو وأغسطس الماضيين. وتعافت صادرات شهر أكتوبر حتى الآن إلى أكثر من 600 ألف برميل يوميا، ومن المتوقع أن ترتفع أكثر.
وقال أحد المتعاملين لدى شركة تشتري عادة من ليبيا، والذي رفض نشر اسمه، إن “المؤسسة الوطنية للنفط خصصت شحنات للمصافي بمواعيد تحميل قريبة للغاية”. ولم ترد المؤسسة الوطنية للنفط على طلب من رويترز للتعليق.
وأوضح المتعامل أن المصافي اتخذت بالفعل ترتيبات بديلة لشراء خامات أخرى، على افتراض أن انقطاع الإمدادات الليبية سيستمر لفترة أطول.
◙ المصافي في أوروبا ستظل تستقبل شحنات ليبية لكنها في وضع يسمح لها بالمطالبة بتخفيضات كبيرة
وذكر متعامل آخر أن المصافي في أوروبا ستظل تستقبل شحنات ليبية لكنها في وضع يسمح لها بالمطالبة بتخفيضات كبيرة. ولم يتسن لرويترز تأكيد مستويات الصفقات التي تتم عادة تحت غطاء من السرية.
وبحسب بيانات كبلر، فإن إيطاليا أكبر مشتر للخام الليبي إذ حصلت على ثلث إجمالي الصادرات الليبية في عام 2023، تليها إسبانيا وفرنسا والولايات المتحدة واليونان.
وفي عام 2023 تصدرت ليبيا قائمة البلدان الأفريقية المصدرة للنفط، بواقع 1.19 مليون برميل، حسب ما أفادت به المؤسسة الوطنية للنفط الأربعاء استنادا إلى بيانات منظمة أوبك.
وتحتل نيجيريا المرتبة الثانية بنحو 1.18 مليون برميل، تليها أنغولا بأكثر من مليون برميل يوميا، ثم الجزائر بحوالي 973 ألفا، تليها مصر بقرابة 453 ألفا، والكونغو 271 ألفا، والغابون بنحو 223 ألف برميل يوميا.
ويأتي تقدم ليبيا رغم الظروف التي تعيشها البلاد، وتأثيرات الخلافات السياسية المستمرة بين الفرقاء على صناعة النفط جراء إغلاق حقول الإنتاج الرئيسية كورقة ضغط في الملفات الخلافية.
وبلغت الإيرادات النفطية العام الماضي 20.7 مليار دولار، ويقل هذا المبلغ عن 22.1 مليار دولار تم تسجيلها في 2022، الذي شهد ارتفاعات هي الأعلى على أسعار الخام منذ 2008، عند متوسط 98 دولارا للبرميل، مقارنة مع 81 دولارا في 2023.