عودة رموز من العشرية الماضية إلى المشهد التونسي تسجيل موقف أم بطلب

حركة النهضة راهنت على أن تلعب الأزمة الاقتصادية دورا في تأليب الحاضنة الشعبية للرئيس، لكن ومع مؤشرات عن انفراجة، بات هذا الرهان ضعيفا.
الخميس 2022/10/27
البرهان على تأليب الشارع

تونس - طرح ظهور الرئيس التونسي الأسبق فؤاد المبزع، ورئيس مجلس النواب السابق محمد الناصر، ودعوات الحوار التي وجهاها، تساؤلات حول ما إذا كانت هذه العودة إلى المشهد السياسي، بعد غياب طويل نسبيا، مجرد تسجيل موقف وإبراء ذمة، أم أنها بطلب من قوى سياسية، تحاول مجددا خلق أرضية تواصل مع الرئيس قيس سعيد.

ويعد المبزع والناصر أحد الوجوه البارزة في العشرية السابقة، وقد فضل الجانبان الابتعاد عن المشهد السياسي والإعلامي في تونس خلال الفترة الماضية، الأمر الذي جعل من عودتهما إلى المشهد، وفي هذا التوقيت بالذات، حيث تستعد البلاد لانتخابات تشريعية، مثار جدل في الأوساط السياسية والشعبية التونسية.

محمد الناصر: تونس في حاجة إلى الحوار بين جميع الأطراف
محمد الناصر: تونس في حاجة إلى الحوار بين جميع الأطراف

ويرى نشطاء أن عودة المبزع والناصر لا تبدو بريئة، لاسيما وأنها تترافق مع ما تروج له جبهة الإنقاذ التي تقودها حركة النهضة، لخارطة طريق تستند على إجراء حوار وطني.

ودعا الرئيس الأسبق المبزع في تصريحات صحافية على هامش محاضرة بعنوان “تونس كما عشتها 1940 – 1970”، الثلاثاء، في إطار لقاء نظّمه المعهد العالي لتاريخ تونس المعاصر، إلى وجوب عقد حوار وطني.

وقال المبزع الذي تولى رئاسة الجمهورية إبان ثورة 2011، إن الحوار وحده “كفيل بتجاوز الخلافات في تونس اليوم والخروج بها من أزمتها”، مستشهدا في ذلك بالحوار الوطني الذي أفضى إلى حكومة مهدي جمعة (2014) والخروج بالبلاد من أزمتها آنذاك.

وأشار إلى أنّ تونس اليوم في حاجة إلى الحوار والنقاش ووضع كافة المشاكل والخلافات على الطاولة، لإيجاد حلول لها، على غرار مسألة التعليم وغيرها من المسائل التي تهمّ الشعب التونسي.

وتعيش تونس، منذ إعلان الرئيس سعيد في الخامس والعشرين من يوليو 2021 عن مسار سيطر بموجبه على السلطة السياسية، تجاذبات أثرت بشكل كبير على الوضع في البلاد المتأزم بطبعه.

ويرفض الرئيس التونسي الحوار مع القوى التي استفادت من الحكم طيلة العشرية الماضية وعلى رأسها حركة النهضة الإسلامية، ويحمل سعيد هذه القوى المسؤولية عن الأزمة الاقتصادية والمعيشية التي تتخبط فيها البلاد اليوم، كما يتهمها بالاستقواء بالخارج، للإجهاز على المسار الانتقالي الحالي.

وعلى مدار الأشهر الماضية سعت حركة النهضة والقوى الحليفة لها ضمن جبهة الإنقاذ للضغط على سعيد، من خلال شن حملات ضده في الخارج، وأيضا من خلال حشد أنصارها في الشارع لكن جميع جهودها باءت حتى الآن بالفشل.

فؤاد المبزع: الحوار وحده كفيل بتجاوز الخلافات في تونس
فؤاد المبزع: الحوار وحده كفيل بتجاوز الخلافات في تونس

ويقول مراقبون إن حركة النهضة راهنت في الفترة الماضية على أن تلعب الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد دورا في تأليب الحاضنة الشعبية للرئيس، لكن ومع مؤشرات عن انفراجة وشيكة لاسيما بعد توصل الحكومة لاتفاق مع صندوق النقد الدولي، بات هذا الرهان ضعيفا.

ويرى المراقبون أن حركة النهضة التي تستشعر اليوم أن الوضع بات خارج سيطرتها بالكامل، لاسيما مع إبداء قوى دولية تغيرا في الموقف حيال الرئيس سعيد، ومضي الأخير قدما في استكمال المسار الذي أطلقه بإجراء انتخابات تشريعية في ديسمبر المقبل، بالتأكيد ستحاول البحث عن حلول من خارج الصندوق، كطلب دعم شخصيات وطنية ولها ثقلها السياسي لإقناع سعيد بأهمية الحوار.

واعتبر رئيس مجلس النواب السابق في الندوة ذاتها التي شارك فيها الرئيس الأسبق أنّ “تونس اليوم في حاجة إلى الحوار بين جميع الأطراف لفضّ كافّة الخلافات والخروج من الأزمة الراهنة التي تعيشها البلاد”.

وشدد الناصر الذي تولى رئاسة البرلمان خلال عهد الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي على ضرورة “التضامن الوطني بين الجميع والابتعاد عن المصالح الشخصيّة والجهويّة الضيّقة”.

ولفت إلى أهمية أن تتحلّى قيادات الدولة والأحزاب وكلّ من يتحمّل مسؤولية في البلاد، بمثل هذه القيم وذلك بالابتعاد عن المصالح الشخصيّة والتفكير في ما ينفع المجموعة “ليكون قادرا على كسب ثقتها”.

وقال الناصر إنّ نُكران الذات هي “صفة يجب أن تتوفّر في كل قيادي متحمّل للمسؤولية، لكنها للأسف ليست دائما متوفّرة لدى القياديين في تونس وكانت أحد الأسباب التي يعاني منها الشعب التونسي في الماضي وفي الحاضر”.

4