عودة الكاظمي تثير الجدل وتفتح باب التكهنات حول مشاركته بالانتخابات

رئيس الوزراء العراقي السابق يعود رغم التهديدات الأمنية بدعوة من قادة حاليين يأملون في استخدام علاقاته لمساعدتهم في مواجهة الأزمة الاقتصادية.
الأربعاء 2025/02/26
عودة تشكل هاجسا مقلقا للإطار التنسيقي الشيعي

بغداد – تشهد الساحة السياسية العراقية عودة وجوه بارزة إلى المشهد، لتشكيل تحالفات جديدة قد تعيد رسم موازين القوى من جديد، وذلك على إيقاع التحضيرات المبكرة للانتخابات التشريعية المقبلة.

وفي تطور مفاجئ، عاد رئيس الوزراء العراقي السابق مصطفى الكاظمي إلى العاصمة بغداد بعد نحو ثلاث سنوات على سفره إلى الخارج ما أثار تكهنات بشأن ما قد يترتب على هذه العودة، مع قرب الانتخابات البرلمانية المقررة في أكتوبر الحالي.

ورأى نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، أن عودة الكاظمي للبلاد، تمهد لتحركات جديدة بشأن مشاركته في الانتخابات المقبلة، فيما استغرب البعض الآخر من عودته لاسيما وأنه تعرض للتهديد بالتصفية من قبل فصائل مسلحة.

وأظهرت صورة تداولتها وسائل إعلام محلية مختلفة الكاظمي وهو يصافح ضابطين من الشرطة أمام منزله في المنطقة الخضراء (الرئاسية) وسط بغداد.

وغادر الكاظمي العراق بعد انتهاء ولايته كرئيس للوزراء في عام 2022، ويعيش في لندن والإمارات العربية المتحدة.

وسبق أن مارست قوى سياسية داخل قوى الإطار، خاصة التي لديها أجنحة مسلحة، ضغوطا كبيرة على الكاظمي خلال فترة حكمه أو بعد مغادرة منصبه من خلال ملاحقة بعض مساعديه قضائيا بتهم فساد وتجاوزات مالية.

وتمثل عودة رئيس الوزراء العراقي السابق إلى بلاده هاجسا مقلقا للإطار التنسيقي الشيعي، إذ وصفه القيادي في منظمة مختار الموسوي بأنه بلا ثقل سياسي أو جماهيري مطالبا الحكومة باعتقاله.

وقال الموسوي وهو نائب عن الإطار التنسيقي في تصريح لوكالة "المعلومة" الإخباري إن "الكاظمي لا يمتلك أي ثقل سياسي أو جماهيري"، مشيرا إلى أنه "لا يمثل شيئا في المشهد السياسي، وليس لديه أي رصيد سوى الأموال التي استولى عليها من الدولة".

وأضاف أن "الكاظمي ومن كان معه، بمن فيهم رائد جوحي وإخوته استغلوا فترة وجودهم في السلطة لتحقيق مكاسب مالية وسرقة الدولة ومن ثم غادروا البلاد". في إشارة إلى رئيس مكتب الكاظمي الذي صدر بحقه حكما بالسجن لمدة سنة على خلفية دور له في قضية سرقة الأمانات الضريبية المعروفة إعلامياً بـ"سرقة القرن".

وأشار الموسوي إلى أن "الحكومة كان ينبغي أن تلقي القبض على الكاظمي فور دخوله إلى العراق، خاصة أن هناك إجراءات قانونية صادرة بحقه، معتبرًا أن عدم اتخاذ أي إجراء بحقه يعكس ضعف الحكومة الحالية.

وتسلم الكاظمي منصب رئاسة الوزراء في مايو 2020، على خلفية إطاحة حراك تشرين الاحتجاجي بحكومة رئيس الوزراء الأسبق عادل عبدالمهدي.

وتتزامن عودة الكاظمي مع تحركات مكثفة تقودها شخصيات سياسية لخلق بديل سياسي بتوجهات مدنية وليبرالية في مقابل هيمنة أحزاب الإسلام السياسي التي قادت البلاد خلال العقدين الأخيرين.

وفي 15 فبراير الحالي، أعلن إياد علاوي، أول رئيس حكومة بعد 2003، عن تحالف سياسي جديد، تحت اسم "التجمع المدني الوطني العراقي"، وقال إنه يهدف للمشاركة في الانتخابات المنتظر أن تجري في أكتوبر 2025.

وتعرض الكاظمي لاتهامات من جانب فصائل موالية لإيران بالتواطؤ في اغتيال قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني.

وفي أبريل عام 2023، أعلن الادعاء العام العراقي إحالة الكاظمي إلى التحقيق في قضية مقتل سليماني وأبومهدي المهندس، نائب رئيس الحشد الشعبي.

واغتيل سليماني والمهندس بقصف صاروخي أميركي قرب مطار بغداد الدولي في 3 يناير 2020، وكان حينها الكاظمي يشغل منصب رئيس جهاز المخابرات العراقي.

ولم يدل رئيس الوزراء السابق بأي تصريحات علنية فور عودته، إلا أنه من المتوقع أن تتابع الأوساط السياسية هذه الزيارة عن كثب، لمعرفة ما إذا كانت تحمل رسائل معينة أو ترتيبات جديدة في المشهد العراقي.

وقال ثلاثة مسؤولين في مكتبه -تحدثوا لوكالة أسوشيتد برس الأميركية شريطة عدم الكشف عن هوياتهم لأنهم غير مخولين بالحديث علنا- إن التهديدات الأمنية ضد رئيس الوزراء السابق لا تزال قائمة.

وأضافوا أنه عاد بناء على دعوة من الزعماء السياسيين العراقيين الحاليين الذين يأملون أن يتمكن من استخدام علاقاته لمساعدتهم في مواجهة الأزمة الاقتصادية المتفاقمة التي تهدد استقرار البلاد.

إلى ذلك كشفت شبكة "دايفيسكورس" الأميركية المعنية بالتحليلات السياسية الثلاثاء عن الأسباب التي قالت إنها وراء عودة الكاظمي الى العراق، مؤكدة أن عودته الحالية أتت من خلال "دعوة" وجهت اليه لــ"استغلال" علاقته الإيجابية مع الأميركيين. 

وقالت الشبكة إن "الدعوة وجهت الى الكاظمي من قبل القادة العراقيين في محاولة لاستخدام علاقاته الإيجابية مع الأميركيين والسعوديين لمعالجة المشاكل الاقتصادية التي تهدد استقرار العراق". 

وتابعت "الكاظمي المعروف بعلاقته الوثيقة مع الأميركيين، وصل الآن بغداد للعمل كحلقة وصل مع الحكومة العراقية في محاولة لتحسين العلاقات واستغلال معارفه لتحريك العراق في بحار الفوضى الاقتصادية التي تجري حاليا في المنطقة والمؤثرة بشكل كبير على استقرار البلاد". 

وأشارت الشبكة إلى أن العقوبات الاقتصادية التي تهدد الإدارة الأميركية بتطبيقها على العراق وخصوصا القطاع المصرفي، أصبحت الآن "خطرا كبيرا" على الاستقرار العراقي، الأمر الذي دعا الى استخدام الكاظمي في الفترة الحالية التي وصفتها الشبكة بانها "حرجة" مع اقتراب الانتخابات العراقية. 

واختتم تقرير الشبكة بالتأكيد على أن وصول الكاظمي الى بغداد يحمل في طياته أيضا "مساعي سياسية"، مشددة على "نفوذ الكاظمي ما يزال مستمرا حتى الان في داخل البلاد بالإضافة الى نفوذه مع الأميركيين والسعوديين، الامر الذي يشير الى نوايا لإعادته مرة أخرى الى المشهد السياسي".

ويتمتع الكاظمي بعلاقات جيدة مع الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية، ويسعى العراق حاليا إلى تعزيز العلاقات مع البلدين، خاصة وأن الاضطرابات الإقليمية على مدار العام الماضي تركت إيران في موقف ضعيف.

وخلال فترة ولايته، استضافت بغداد سلسلة من المحادثات بين إيران والسعودية، مما ساعد في تمهيد الطريق أمام الخصمين الإقليميين لاستعادة العلاقات الدبلوماسية رسميًا في عام 2023 بعد خلاف دام سبع سنوات. كان رئيسًا سابقًا للمخابرات العراقية قبل أن يصبح رئيسًا للوزراء في عام 2020 في أعقاب الاحتجاجات الجماهيرية المناهضة للحكومة التي أطاحت بالحكومة السابقة.

ومن المقرر أيضًا أن يعقد العراق انتخابات برلمانية في وقت لاحق من هذا العام، مما يثير احتمال أن يكون الكاظمي يستعد لمحاولة العودة السياسية.