عودة الشغف بالتصوير الفوتوغرافي التناظري في تحد للثورة الرقمية

التصوير الفوتوغرافي يشهد نهضة وانتشارا لاستخدامه وقد لعبت مواقع التواصل الاجتماعي دوار مهما في إحياء الولع بهذا النوع من التصوير.
الاثنين 2021/10/11
شباب يفضلون التناظر على الرقمي

برلين- رغم أن البعض يعتبره ضربا من الماضي يشهد التصوير الفوتوغرافي (الأنالوغ) انتشارا كبيرا في الآونة الأخيرة خاصة بين الشباب، فلماذا عاد الشغف به وسط ثورة رقمية وتقدم كبير في مجال الكاميرات الرقمية وكاميرات الهواتف الذكية؟

عندما تقدمت كوداك، الرائدة والعريقة في صناعة الكاميرات، بطلب لإعلان إفلاسها العام الجاري 2021 اعتقد كثيرون أن التصوير الفوتوغرافي التناظري سيكون ضربا من الماضي.

وحتى ذلك الوقت ظلت شركة كوداك الأميركية مسيطرة بلا منازع على سوق التصوير الفوتوغرافي لأكثر من قرن بما يشبه في وقتنا الحالي سيطرة شركات مثل فيسبوك وغوغل وأمازون على سوق التكنولوجيا.

فمع انتشار الهواتف الذكية أصبح أغلب الناس يمتلكون كاميرات تلتقط الصور ومقاطع الفيديو بجودة عالية تضاهي جودة كاميرات التصوير، إذ بات من السهل التقاط آلاف الصور في كل وقت وفي أي مكان، وهو ما جعل التصوير الفوتوغرافي أمرا قديما عفا عليه الزمن.

ورغم ذلك عاد التصوير الفوتوغرافي ليشهد في الآونة الأخيرة نهضة وانتشارا لاستخدامه خاصة بين محبي هذا النوع من التصوير، ومن بينهم جيسون كومرفيلد، وهو مصور أميركي في عامه التاسع والعشرين.

مبيعات الكاميرات الرقمية تراجعت بنسبة 90 في المئة تقريبا بين عامي 2010 و2019 في اليابان بحسب اتحاد منتجات التصوير
مبيعات الكاميرات الرقمية تراجعت بنسبة 90 في المئة تقريبا بين عامي 2010 و2019 في اليابان بحسب اتحاد منتجات التصوير

وفي مقابلة مع دويتشة فيللة قال كومرفيلد “أتحدث كثيرا عن التصوير الفوتوغرافي بعشق كبير عبر قناتي على موقع اليوتيوب. لم يكن لدي أي اهتمام في الماضي بالتصوير الفوتوغرافي، لكن بعد استخدامه أصبحت مدمنا على استخدام هذا النوع من التصوير”.

ويحظى كومرفيلد بمتابعة مكثفة على موقع اليوتيوب إذ يشاهده مئات الآلاف من المتابعين، بيد أنه ليس الشخص الوحيد الذي بات مولعا بالتصوير الفوتوغرافي، إذ انتشر الأمر بين الشباب وهو ما بات جليا على مواقع التواصل الاجتماعي.

فخلال السنوات القليلة الماضية شهدت مواقع إنستغرام ويوتيوب ورديت إنشاء مجموعات تضم ملايين المتابعين من محبي التصوير الفوتوغرافي، فيما حظي هاشتاغ “فيلميزنوتداد#” بشعبية واسعة وصلت إلى حد نشر أكثر من 20 مليون صورة.

وأكد كومرفيلد على أن مواقع التواصل الاجتماعي لعبت دورا في إحياء الولع بالتصوير الفوتوغرافي.

وقد لاحظت كبرى الشركات في مجال التصوير -لاسيما كوداك وفوجي فيلم- هذا الإقبال الشديد على التصوير الفوتوغرافي، وهو ما أشارت إليه شركة “كوداك ألاريس” التي توزع أفلام كوداك منذ إفلاس الشركة الأم.

وأعربت الشركة في تصريح لدويتشة فيللة عن “تحمسها وتفاؤلها بشأن مستقبل التصوير”.

وقالت الشركة “على الرغم من أن التصوير الرقمي يسيطر على السوق، إلا أنه منذ عام 2016 رأت الشركة تزايدا في الطلب على منتجات التصوير الفوتوغرافي وسط تنامي الرغبة في التصوير الفوتوغرافي التناظري خاصة بين الأجيال الشابة”. وأضافت الشركة أن الاستطلاعات تشير إلى أن ثلث المستهلكين تقل أعمارهم عن 35 عاما.

أما شركة فوجي فيلم فقد لاحظت في السنوات العشر الماضية انتعاشا كبيرا في مجال التصوير الفوتوغرافي، إذ باعت في عام 2010 أكثر من نصف مليون كاميرا من نوع “أنستاكس” في جميع أنحاء العالم، وخلال العام الماضي وصلت المبيعات إلى أكثر من 10 ملايين.

وقال آندي روس الذي يعمل في “فوجي فيلم أوروبا” إن “جيل الشباب يتجه بشكل خاص في الأعوام الأخيرة إلى شراء كاميرات التصوير الفوتوغرافي وامتلاك كاميرات بولارويد”.

وفي سياق متصل تزايدت أسعار كاميرات التصوير الفوتوغرافي في السنوات الأخيرة، إذ عزت الشركات المتخصصة في هذا المجال ذلك إلى ارتفاع أسعار المواد الخام وتكاليف الشحن. وأقرت شركة “إيباي” بأن هناك نموا في مبيعات كاميرات التصوير الفوتوغرافي في السنوات الأخيرة.

رغم ارتفاع الأسعار لا يزال عدد عشاق التصوير الفوتوغرافي في تزايد ما يدل على أن هذا النوع من التصوير له مستقبل واعد
رغم ارتفاع الأسعار لا يزال عدد عشاق التصوير الفوتوغرافي في تزايد ما يدل على أن هذا النوع من التصوير له مستقبل واعد

ورغم ارتفاع الأسعار لا يزال عدد عشاق التصوير الفوتوغرافي في تزايد ما يدل على أن هذا النوع من التصوير له مستقبل واعد. ودفع هذا السبب الكثير من الشركات مثل “سيلبرسالز” الألمانية إلى استثمار الكثير من الأموال في مجال التصوير الفوتوغرافي، وفقا لما أشار إليه مدير الشركة توماس بيرغمان.

وأضاف “يشهد مجال التصوير الفوتوغرافي للأفلام نشاطا مذهلا في الوقت الحالي”، مشيرا إلى أن “نصف عملاء الشركة من الشباب الذين تقل أعمارهم عن 20 عاما ممن يشتاقون البساطة، فضلا عن أن التصوير الفوتوغرافي يعطي نتائج عالية الجودة بأسعار منخفضة نسبيا خاصة للمبتدئين مقارنة بالكاميرات الرقمية باهظة الثمن”.

ويتزامن الطلب المتزايد على كاميرات التصوير الفوتوغرافي مع انخفاض الطلب على الكاميرات الرقمية حيث يفضل الكثيرون كاميرات الهواتف الذكية، إذ أظهرت بيانات “اتحاد الكاميرات ومنتجات التصوير” في اليابان تراجع مبيعات الكاميرات الرقمية بنسبة 90 في المئة تقريبا بين عامي 2010 و2019 في ظل جائحة كورونا.

وخلال العام الماضي أعلن  معرض “فوتوكينا” العالمي في مدينة كولونيا الألمانية -الذي يُعرف بتقديمه لأحدث ما وصلت إليه التكنولوجيا في مجال التصوير وتقنيات الصورة- أنه يعتزم وقف نشاطه حتى إشعار آخر.

وعزا المعرض قراره إلى انخفاض الطلب على شراء منتجات التصوير بالتزامن مع التراجع الكبير في المبيعات في مختلف أسواق العالم.

20