عودة السفير الجزائري إلى باريس تطوق الأزمة

تبون وماكرون يؤكدان على رغبتهما في تعزيز التعاون الثنائي وتنظيم أساليب التواصل.
الأحد 2023/03/26
تهدئة مؤقتة

الجزائر - أعلن الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون عن استمرار العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، وعن عودة السفير الجزائري إلى باريس قريبا بعد أسابيع من التوتر والسجال الدبلوماسي والإعلامي بينهما، لكن رغم ذلك لا أحد بإمكانه الجزم بتطبيع تلك العلاقات بسبب بقاء مصادر الخلاف قائمة بين الطرفين، ويمكن لها أن تعيد كل شيء إلى مربع الصفر.

ووضع اتصال هاتفي دار بين تبون وماكرون حدا للتوتر الدبلوماسي والسجال الإعلامي الذي طفا إلى سطح العلاقات الثنائية بين البلدين خلال الأسابيع الأخيرة، في أعقاب ما عرف بداية شهر فبراير الماضي بقضية الناشطة الفرنسية - الجزائرية أميرة بوراوي.

وعبر الرئيسان عن رغبتهما في "تعزيز التعاون الثنائي، وتنظيم أساليب التواصل، وتأكيد زيارة تبون إلى باريس خلال شهر مايو المقبل"، وهو ما يوحي بأن الرجلين أزالا "سوء التفاهم" الذي سببته الحادثة، و"اتفقا على إيجاد سبل لتفادي تكرار المنزلقات التي سجلت عند وقوع الحادثة".

وفيما أكد مسؤولون فرنسيون حينها بأن الإدارة الدبلوماسية لم تقم إلا بواجبها تجاه مواطنة تحمل الجنسية الفرنسية، ووفرت لها الحماية عند وقوعها تحت خطر الترحيل القسري إلى بلدها الأصلي، فإن برقية لوكالة الأنباء الرسمية الجزائرية وجهت تهما غير مسبوقة للفرنسيين، لاسيما دائرة الاستعلام الخارجي، ومؤسسات دبلوماسية وكوادر من كبار موظفي ومستشاري قصر الإليزيه.

◙ اتصال هاتفي بين تبون وماكرون يضع حدا للتوتر الدبلوماسي والسجال الإعلامي الذي طفا إلى سطح العلاقات الثنائية بين البلدين

واستطاعت الناشطة المذكورة تجاوز المعبر الحدودي “أم الطبول” الرابط بين الجزائر وتونس في ظروف غامضة، واعترفت بأنها وصلت إلى الأراضي التونسية بطريقة غير نظامية، وأنه تم توقيفها من قبل الأمن التونسي من أجل ترحيلها إلى الجزائر، لكن القضاء التونسي أجل البت في قضيتها بنفس اليوم وأرجع لها جواز سفرها، وهو ما أدى بها إلى طلب الحماية من المصالح القنصلية الفرنسية على اعتبار أنها مواطنة فرنسية أيضا.

وأوعزت السلطات الجزائرية آنذاك لوكالة الأنباء الرسمية بإصدار برقية وصفت بـ”الخطيرة” و”غير المسبوقة في تاريخ العلاقات الجزائرية الفرنسية”، كان من الصعب الاعتقاد بأن الطرفين يمكن لهما تجاوز تداعياتها بمثل هذه السهولة.

ووصفت برقية وكالة الأنباء الجزائرية مؤسسات وكوادر فرنسية بـ"الباربوز" المكلف بتدمير التقارب المسجل في الآونة الأخيرة بين البلدين بفضل الرئيسين تبون وماكرون، و"الباربوز" هو فصيل أمني غير منظم وغير رسمي يحمل أصحابه لحى مزيفة، أنشأته المخابرات الفرنسية مطلع ستينيات القرن الماضي لمواجهة تنظيم المنظمة السرية المعادي لجلاء فرنسا من الجزائر.

وفيما تطابقت محتويات البيانات الصادرة من الطرفين حول الاتصال الهاتفي الذي احتوى الأزمة، خاصة في ما تعلق بالعودة القريبة للسفير الجزائري محمد موسي إلى منصبه بباريس، حرص الطرفان على تفادي ذكر المبادر بالاتصال، أو طبيعة التنازلات التي قدمها كلاهما للآخر، خاصة بالنسبة إلى الطرف الجزائري الذي ظهر متشنجا وانفعاليا في التعاطي مع قضية أميرة بوراوي، وعرض بلاده لموقف حرج أمام ما يوصف بـ"الشريك الحتمي"، بسبب محتوى تلك البرقية.

كما أن الخارجية الجزائرية اعتبرت أن ترحيل الناشطة السياسية المعارضة "عملية إجلاء سرية وغير قانونية تمّت بمساعدة دبلوماسيين وأمنيين فرنسيين".

وذكر بيان قصر الإليزيه أن الرئيسين تحدثا عن العلاقات الثنائية وعن تنفيذ إعلان الجزائر الموقع خلال زيارة ماكرون إلى الجزائر في أغسطس الماضي، وشددا على ضرورة تعزيز التعاون بين البلدين في كافة المجالات خلال زيارة قادمة.

ومن المتوقع أن يزور تبون فرنسا خلال شهر مايو المقبل، وهي خطوة مهمة في محاولة التقريب بين البلدين اللذين تجمعهما روابط إنسانية وتاريخية قوية للغاية، أبرزها حقبة الاستعمار وحرب الاستقلال والهجرة الجزائرية إلى فرنسا.

2