عودة الإخوان المسلمين إلى الشأن العام تقلق القوى المدنية في الأردن

نجح الإخوان المسلمون في الأردن في تحقيق اختراق مهم في الانتخابات المحلية واللامركزية، الأمر الذي قد يعبد الطريق أمامهم للمصالحة مع الدولة، في مقابل ذلك تضيف القوى المدنية إلى سجلها خسارة جديدة في ظل عدم قدرتها على الخروج من المربع الضيق الذي حصرت نفسها به.
السبت 2017/08/19
ظاهرة صوتية

عمان – تثير عودة جماعة الإخوان إلى الشأن العام الأردني عبر بوابة الانتخابات المحلية واللامركزية مخاوف القوى المدنية، فالجماعة رغم ترويجها خطابا وطنيا منفتحا على الجميع، إلا أن الكثير يتشككون في ذلك في ظل القيادة الصقورية التي تحكمها، وارتباطاتها الإقليمية.

وحاول الناطق الرسمي باسم الحكومة محمد المومني تبرير مشاركة الجماعة غير القانونية والتخفيف من هواجس القوى الرافضة لهذه العودة.

وقال المومني الجمعة إن الانتخابات مفتوحة لمشاركة جميع المواطنين، والقوى السياسية والقوى الحزبية بالأردن، وأضاف “إنه لا يجب الخلط بين العمل السياسي والحزبي، بالعمل الخدمي، لأن هذا أمر خطير”.

وأكد المومني مجددا أنه لا يجب أن يكون القرار في البلدية مبنيا على توجهات سياسية، بل لاحتياجات المواطنين البلدية والخدمية.

محمد الحجوج: نتائج الإخوان هي جزء من بلورة علاقة جديدة مع السلطة

وحصدت جماعة الإخوان تحت يافطة التحالف الوطني للإصلاح 76 مقعدا، أي نحو نصف مرشحيه البالغين 154 مرشحا، في الانتخابات التي أجريت الثلاثاء الماضي، وفق قانون جديد للامركزية أقر في العام 2015.

ونجحت الجماعة في اقتناص رئاسة ثلاث بلديات لعل أبرزها بلدية الزرقاء الكبرى التي فاز فيها القيادي الصقوري علي أبوسكر، وهو إنجاز وصفته الجماعة بالمهم.

ومعلوم أن الزرقاء هي ثاني كبرى البلديات بعد العاصمة عمان، وهي أحد المعاقل التاريخية للإسلاميين.

وكانت جماعة الإخوان قد قاطعت الانتخابات المحلية لمدة 15 سنة، على خلفية رفضها لقانون الانتخابات النيابية.

وبالنظر للغة الأرقام فإن الجماعة لم تحقق فوزا كبيرا فحصولها على 76 مقعدا من مجمل 2418 مقعدا ليس رقما وازنا ومؤثرا، ولكن من ناحية المحافظات التي اخترقتها الجماعة تعتبر النتيجة مهمة.

ويقول مراقبون إن النقطة الأهم بالنسبة للجماعة هو أن هذا الاستحقاق سيعبد لها الطريق للعودة والمصالحة مع الدولة، بعد سنوات من التوتر بينهما على خلفية ما حدث في بدايات ما سمي بالربيع العربي، حيث سعت الجماعة لاستثمار الأحداث لتحسين تموضعها السياسي ولم لا المنافسة على الحكم؟ وهذا ما أثار النظام الأردني.

ولفت محمد الحجوج النائب السابق في البرلمان الأردني لـ”العرب” إلى أن النتائج التي حققها حزب جبهة العمل الإسلامي الغطاء السياسي لجماعة الإخوان هي جزء من بلورة علاقة جديدة بين الأخيرة والسلطة.

وحرصت الجماعة مع بداية ظهور النتائج الأولية للانتخابات على إرسال رسائل إيجابية تجاه السلطة الأردنية، مشيدة بنزاهة الانتخابات، على خلاف المرات السابقة حيث عادة ما كانت تقفز إلى استنتاجات حتى قبيل بدء أي استحقاق مشككة في شفافيته ومصداقيته.

في المقابل بدت السلطة راضية هي الأخرى على مشاركة الجماعة التي أعطت الاستحقاق زخما أكبر، رغم أن نسبة التصويت فيه لم تتجاوز عتبة 32 بالمئة.

سامح المحاريق: الإصلاح في الأردن يعاني من التعثر وعدم القدرة على إنتاج قوى جديدة فاعلة

وسجلت محافظة عجلون (شمال) النسبة الأعلى، بواقع 62.81 بالمئة، في حين سجلت العاصمة عمّان النسبة الأقل، بواقع 16.8 بالمئة.

وبغض النظر عن نتائج الاقتراع، توضح الأرقام الكلية أن ثلثي من يحق لهم التصويت، لم يشاركوا في العملية، وإن تفاوتت الأسباب، من مقاطعة متعمدة إلى عدم اكتراث.

ويرى مناصرو التيار الإسلامي أن نسب المشاركة كان يمكن أن تكون أقل بكثير لولا مشاركة الجماعة، وبالتالي فإن الحكومة كانت الرابح الأكبر من هذه المشاركة.

‏وهناك قناعة لدى الأوساط الحداثية بأن القوى المدنية في الأردن تتحمل جزءا من المسؤولية عن عودة الجماعة وتقاربها مع السلطة، فهذه القوى حصرت نفسها في بوتقة عاجية، وبدل قيامها بمراجعات نقدية تعيدها إلى أرض الواقع ظلت تكابر إلى حين انفصالها شبه التام عن الشارع الأردني.

ويقول المحلل السياسي الأردني سامح المحاريق لـ”العرب”، “تقدم نتائج الانتخابات البلدية عنوانا محيراً يتوزع بين صعود الإخوان مجددا وبين تراجع وتهالك الآخرين، وتحديدا القوى الليبرالية واليسارية، وفي الحالتين تبقى مسيرة الإصلاح في الأردن تعاني من التعثر وعدم قدرتها على إنتاج قوى جديدة فاعلة، وهو ربما ما سيحتم على الدولة الأردنية أن تتقارب مع الإخوان، ولكن ذلك قطعا سينطوي على تنازلات من الطرفين”.

‏ويعتبر المحاريق أن التقارب بين الجماعة والدولة سيكون ضمن إطار ضابط يأخذ بعين الاعتبار تحالفات الأردن الإقليمية.

2