"عن الآباء والأبناء".. هكذا ينتقل العنف من جيل إلى جيل

المخرج السوري طلال ديركي يقدم صورة نادرة عن معنى أن ينشأ طفل في كنف أب حلمه الأكبر إقامة خلافة إسلامية، ويدفع به إلى معسكرات التدريب ليصنع منه مقاتلا.
الثلاثاء 2018/09/25
ورثة العنف الأبرياء

الجونة (مصر) - بينما يعمل العالم على وقف الصراع في سوريا، يحاول المخرج السوري طلال ديركي تسليط الضوء على المستقبل والتفكر بعقلانية في جيل صاعد لم يعرف منذ ولادته سوى صوت البنادق والقنابل واعتاد رؤية الدم.

وفي سبيل هدفه نجح ديركي في اكتساب ثقة عائلة متشددة بالمناطق الخاضعة لسيطرة التنظيمات الإسلامية في سوريا، وصنع فيلمه الوثائقي الطويل بعنوان “عن الآباء والأبناء” الذي يشارك في مسابقة مهرجان الجونة السينمائي.

وتنقل كاميرا المخرج السوري صورة نادرة عن معنى أن ينشأ طفل في كنف أب حلمه الأكبر إقامة خلافة إسلامية، ولا يقف عند هذا الحد، بل يدفع ابنه إلى معسكرات التدريب ليصنع منه مقاتلا.

وتتّبع الكاميرا الأب، وهو الشخصية المحورية في الفيلم، وتكشف لنا جوانب من شخصيته كأب حنون على أبنائه وعطوف، ولكنه يسعى بشتى الطرق إلى تحقيق مراده ألا وهو قيام دولة الخلافة، وكلنا يعرف الأفعال الإجرامية التي آتاها المقاتلون المتشدّدون، لكن الفيلم وهو يعري جوانب من طموح الأب العنيف والمنغلق، فإنه أيضا يبيّن لنا ما يعانيه أبناؤه الذين نشأوا في بيئة حرب لا ذنب لهم فيها، وأجبروا على اتباع أفكار أبيهم لا من خلال العنف بل من خلال التأثر، وهو ما نراه أن الأب يرسل أحد أبنائه إلى معسكرات التدريب.

إنها صورة ثنائية متناقضة يرسمها الفيلم لشخصية المقاتل المتشدّد، بين العنف والعطف وبين حنان الأب وإلقاء ابنه إلى أتون الحرب، صورة ربما لم يكشفها أي عمل فني آخر، وربما تساهم في التوعية ومقاومة العنف والإرهاب والحرب والأفكار المتشددة.

وقال ديركي في مناقشة مع الجمهور بعد عرض الفيلم مؤخرا في مهرجان الجونة إن “الفيلم لا يتناول الشأن السوري فحسب، ما قد يفعله الشخص المتشدد دينيّا في ابنه يمكن أن يحدث في أفغانستان أو ليبيا أو أي دولة.. الفيلم هدفه تربوي وليس سياسيا”.

وأضاف “أركز في الفيلم على ثقافة العنف، كيف ينتقل العنف من جيل إلى جيل، كيف لطفل لا يدرك شيئا في الدنيا ألا يكون أمامه خيار سوى أن يصبح مقاتلا. لم أحاول الخوض في السياسة، لكن القضية الحقيقية كانت بالنسبة إليّ العلاقة بين الأب والابن”.

الفيلم مدته 99 دقيقة وهو إنتاج سوري/ألماني/ لبناني مشترك وسبق عرضه في مهرجان الأفلام الوثائقية بأمستردام ومهرجان صندانس بالولايات المتحدة ومهرجانات سينمائية أخرى في اليونان ورومانيا وإستونيا وسويسرا ولوكسمبورغ.

وعن صناعة الفيلم والمدة التي استغرقها تصويره، قال ديركي “الفيلم استغرق 330 يوم تصوير على مدى عامين ونصف سافرت خلالها إلى سوريا ست مرات”.

وأضاف أن الفيلم هو الجزء الثاني من ثلاثة بدأها مع “العودة إلى حمص” في 2013 ثم “عن الآباء والأبناء”، بينما سيكون الجزء الثالث عن “سوريا بعد الحرب”.

14