عنف وتخريب والجيش يتدخل.. احتجاجات اجتماعية تشعل جنوب تونس

الأحد 2020/12/20
احتجاجات تنبئ بثورة جديدة

تونس - اشتعلت احتجاجات اجتماعية في جنوب تونس مساء السبت، تطورت إلى أعمال تخريب وسرقات، ما اضطر الجيش إلى نشر وحداته لحماية المؤسسات.

وشهدت مدينة توزر حالة من التوتر استمرت حتى وقت متأخر من مساء السبت بين محتجين وقوات الأمن بسبب مطالبات بتقسيم أراض سكنية في الجهة وتسوية وضعياتها القانونية.

ويتهم المحتجون السلطات الجهوية بوجود عمليات فساد واستحواذ غير قانونية لأراض في الجهة، وبدأوا اعتصاما أمام مقر المحافظة قبل تدخل قوات الأمن لتفريقهم بالغاز المسيل للدموع.

وتشهد مناطق عدة جنوب تونس من حين إلى آخر صراعات بينها حول الأراضي المشاعة، التي لا تخضع عادة لتوثيق عقاري، ومن ذلك مواجهات بين قريتي يشتي وجرسين من ولاية قبلي، عام 2017، أدت إلى سقوط 78 جريحا.

وقال شهود إن محتجين قطعوا طرقا وأشعلوا النيران في العجلات في شوارع رئيسية ودخلوا في عمليات كر وفر مع الأمن وسط المدينة.

وأظهرت مقاطع فيديو من قبل نشطاء في الجهة، عمليات تخريب وسطو استهدفت أحد المراكز التجارية الكبرى التابعة لسلسلة متاجر كارفور.

وأصيب في المواجهات خمسة محتجين وعدد من قوات الأمن بجروح، بحسب ما ذكرت وكالة الأنباء التونسية.

ونفت "تنسيقية أحداث توزر الجديدة" التي نظمت الاعتصام والوقفة الاحتجاجية السبت، والتي تحولت لاحقا إلى عمليات كر وفر، مسؤوليتها عن عمليات خلع عدد من الفضاءات التجارية في مدينة توزر والعبث بمحتوياتها.

وبين راغب الزين منسق التنسيقية أن بعض المنحرفين والمخربين استغلوا حالة التوتر التي سادت وعمليات المطاردة الأمنية للقيام بهذه الأعمال.

وأشار إلى أنه تم الإفراج عن ستة من أعضاء التنسيقية وقع إيقافهم عشية السبت على خلفية مشاركتهم في التحركات الاحتجاجية وذلك إثر تدخل فرع الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، مؤكدا أن لا علاقة لهم بعمليات التخريب والسرقة التي تمت في حدود التاسعة مساء في أحد الفضاءات التجارية.

وحمّل نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي الأحزاب السياسية وخصوصا حركة النهضة الإسلامية السبب المباشر في تردي الحياة السياسية والاجتماعية، حتى أن الاتحاد العام التونسي للشغل اتهمها بشكل مبطن بإثارة النعرات بين الجهات وتأزيم الوضع العام بالبلاد.

وفي مدينة القصرين تجددت المواجهات بين عدد من المحتجين الذين رشقوا وحدات الأمن بالحجارة والقوات الأمنية التي ردت باستعمال الغاز المسيل للدموع لتفريقهم.

وألقت قوات الأمن القبض على 10 أشخاص من المشاركين في هذه الأحداث، وتبين أنهم أطفال لم يبلغوا السن القانونية، ليتم استدعاء أوليائهم لإمضاء التزام لدى وحدات الأمن قبل إطلاق سراحهم.

واستعملت قوات الأمن مضخمات الصوت لدعوة المتجمهرين إلى الهدوء وإلى العودة إلى منازلهم. كما عززت قوة عسكرية الوحدات الأمنية على مقربة من مركز الأمن الوطني بحي النور لتأمين المنشأة الأمنية.

وتشهد تونس احتجاجات قطاعية ومهنية في عدة مناطق للمطالبة بتحسين ظروف العيش وتوفير فرص عمل للعاطلين.

ويرى مراقبون أن هناك مجموعة من العوامل المتداخلة التي تمهد لتفجر الوضع في تونس، منها الطبقة السياسية التي تسيدت المشهد طيلة السنوات الماضية ويعتبرونها أنها المتسبب الرئيسي في ما يحصل نتيجة سياساتها وخياراتها، ومنها النظام السياسي القائم على المحاصصة والتوافقات والذي شرعن الفساد ووسع دائرته مما أدى إلى عدم الاستقرار الحكومي.

ويقوم النظام السياسي في تونس، الذي حدده دستور 2014، على منح صلاحيات واسعة للبرلمان المناطة به مهام تزكية الحكومة وتمرير مشاريع القوانين، بينما تقتصر مهام رئيس الجمهورية على ملفات الأمن القومي والعلاقات الخارجية.

وينتقد معارضو النظام السياسي الحالي النظام الانتخابي الذي ساهم في حدوث تشتت داخل البرلمان التونسي، وهو ما جعل مختصين في القانون الدستوري يرجحون أن الحل لهذه المعضلة يكمن في الدفع نحو تنقيح القانون الانتخابي.