عنصرية لبنانية على خط نكتة إثيوبية.. غير مقبولة

تحت شعار “دارت الأيام”، تداول مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي في لبنان مقطع فيديو لعاملات إثيوبيات يدعون اللبنانيين للعمل في بلادهن لكن مع التأكد أن الدفع لن يكون بالدولار وهو ما أثار جدلا وسخرية واسعين.
بيروت - أثار مقطع فيديو لثلاث عاملات إثيوبيات، دعون خلاله اللبنانيين أثناء مغادرة مطار بيروت الدولي نحو بلادهن إلى القدوم إلى إثيوبيا لتوفر فرص العمل في بلادهن، جدلا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي.
وأظهرت العاملات الإثيوبيات سخرية من الحالة الاقتصادية الراهنة التي يمر بها لبنان في قولهن “تعالوا للعمل لدينا… لكن لن ندفع لكم بالدولار… تعالوا للعمل كخدام”.
تداولت مواقع صحافية وسياسية لبنانية الفيديو المثير للجدل، ثم تبادله مستخدمو تويتر تحت شعار “دارت الأيام”. وقالت الإعلامية رحاب الظاهر:
rihabd@
فيديو لثلاث إثيوبيات في مطار رفيق الحريري بيدعوا اللبنانيية للذهاب إلى إثيوبيا والعمل عندهنّ والدفع باللبناني… أكيد الفيديو مش عفوي ومش بسيط ومش تلقائي ومش مهضوم… وبيحمل كثير دلالات منها أنه كما تدين تدان وأنه يوم لك ويوم عليك.
وأعرب عدد من المغردين اللبنانيين عن استيائهم من محتوى الفيديو، ومن الأزمة الاقتصادية وتداعياتها.
ويشهد لبنان منذ نهاية الصيف انهيارا اقتصاديا متسارعا هو الأسوأ منذ عقود. ويتزامن مع شحّ في الدولار وقيود مصرفية مشددة على سحبه، ما جعل شريحة واسعة من اللبنانيين الذين يستقدمون عمالا أجانب للخدمة المنزلية أو لمؤسساتهم، عاجزين عن دفع الرواتب بالدولار. وبات بعضهم يدفع بالليرة اللبنانية التي تدهورت قيمتها وبات تحويلها إلى الدولار عملية خاسرة للعمال الذين يرسلون الأموال إلى عائلاتهم.
وتكررت مؤخرا ظاهرة تسريح العاملات أو إعادتهن إلى المكاتب التي استقدمتهن مع العجز عن دفع رواتبهم حتى بالعملة المحلية، وبعد فقدان عشرات الآلاف من اللبنانيين عملهم أو جزءا من رواتبهم. وبدأ لبنان تسيير رحلات “عودة طوعية” للعمال الأجانب المتضررين جراء الأزمة إلى بلدانهم بالتنسيق مع سفارات بلدانهم.
ويعيش في لبنان أكثر من 250 ألفا من عمال الخدمة المنزلية، بينهم أكثر من 186 ألف امرأة يحملن تصاريح عمل تتحدر غالبيتهن العظمى من إثيوبيا.
وعبرت إعلامية عن امتعاضها من مقطع فيدو الإثيوبيات وقالت:
ImaneIbrahim1@
هذا الفيديو لا يثير سوى الامتعاض، فتيات إثيوبيات عملن سنوات في لبنان يتحدثن العربية بطلاقة يضعن الماكياج يصففن شعرهن لا يوحي مظهرهن بأنهن مستضعفات يشربن من بئر ويرمين فيه حجرا، لم أر في هذا الفيديو سوى جحود وحقد طبقي مميت، ولبنان رح يرجع يوما ما أفضل بكتير بإذن الله.
وتفترض الإعلامية أن تسريح الشعر ووضع الماكياج دليل على عدم استضعافن.
وقال حساب:
fathiaaaaa9@
شو هال المنطق.. السبب الوحيد أنهن مش مستضعفات يضعن مكياج ويصففن شعرهن!هل تمزحين؟
وتساءلت مغردة:
_Drfeminist@
بعد اندلاع أزمة لبنان كنتم تلقون بالنكات التافهة مستهزئين أنكم ستذهبون لتعملوا في بلاد السود.. وعند سماع النكتة من فتيات إثيوبيات أحسستم بالنقص؟ وماذا إن كان شكلهن لا يوحي بأنهن غير مضطهدات؟ هل شكل العاملات دون كدمات أو دماء تسيل من وجوههن بسبب تعذيبك غريب عليك إلى هذه الدرجة؟
وسخر مغردون أن منتقدي الفيديو الذين يعتبرون الإثيوبيات “جاحدات” و”قليلات أدب”، هم من جماعة ما يسمى “المستر أو المدام”، أو أنهم من الجماعة الذين لا يملكون أدنى فكرة عن “عنصرية اللبنانيين” و”سوء نظام الكفالة”.
وعدّ مغردون الفيديو مجرد مزحة لا تستدعي كل هذا الغصب. وقال مغردون إن غضب لبنانيين من مقطع الفيديو يعكس مدى عنصريتهم، دليلهم في ذلك استخدام نفس أسلوب الإثيوبيات حين العودة من دول الخليج.
وكتب مغرد في هذا السياق:
mohammedhariz2@
نفس كثير من اللبنانيين..اللي عاشوا واشتغلوا بالخليج.. ودايما يرددوا.. نحن لبسنا أهل الخليج ..نحن بنينا مدنكم.. غريبة زعلت من فيديو واضح أنه مزح.. وما تكلمت بكلمة لعشرات اللبنانيين اللي أكلوا من فلوس الخليج ورموا في البير حجرا..
والعنصرية في لبنان ليست حدثا طارئا؛ إذ احتل لبنان المرتبة الثانية عالميا، وتربع على عرش المرتبة الأولى عربيا في خطاب العنصرية، وفق موقع “إنسايدر مونكي” الأميركي عام 2016.
ويرى فريق لبناني أنّ العنصرية تشوه صورة البلد الشرقي والتاريخي، وتسيء له بأنه بلد متعدد الطوائف.
وقال مغردون إن تطبيق تيك توك يعج بمقاطع فيديو للبنانيين ينقلون نفس “النكتة” عن ذهابهم للعمل في “بلاد السود والعبيد”، لكن لا أحد يحرك ساكنا حتى جاءت النكتة على لسان الإثيوبيات.
وكتبت إعلامية:
heba_jm@
بتعرفي وين المشكلة؟ إنو التيك توك معبّى فيديوهات للبنانين عم يحكوا نفس النكتة وأنو بدن يروحوا يشتغلوا بإثيوبيا والكل يضحك معهن بس لما طلعت نفس النكتة من إثيوبيات الكل “انقرص”.
وقال آخرون إن ما فعلته الإثيوبيات مبرر وهو رد طبيبعي على المعاملة السيئة التي تلقينها.
وسبق للبناني أن نشر على حسابه على فيسبوك تجارية على موقع فيسبوك، خبرا يعلن من خلاله نيته لبيع “خادمة نيجيرية بألف دولار بداعي السفر لمن يهمه الأمر”.
وقبلها، تداول ناشطون على مواقع التواصل مقطع فيديو لعاملة إثيوبية حاولت الانتحار من على شرفة منزل كفيلها في بيروت. سقطت أرضا… لكن محاولتها فشلت!
كما ضجت مواقع التواصل بصور عاملات منزليات وقع طردهن خارج المنزل، أو تركنهن أمام سفارات بلادهن في بيروت.