عناصر من الميليشيات تقتحم مقر مفوضية الانتخابات في ليبيا

مجلس النواب الليبي يشكل لجنة للتواصل مع المفوضية من أجل رصد العراقيل التي تواجه عملية الاقتراع.
الأربعاء 2021/12/08
الطريق إلى صناديق الاقتراع في ليبيا لا يزال محفوفا بالمخاطر

طرابلس - عمدت مجموعة من المتظاهرين المحسوبين على الميليشيات الثلاثاء إلى اقتحام مقر المفوضية بطرابلس، تعبيرا عن رفضهم للعملية الانتخابية الجارية والمطالبة بتأجيلها إلى حين إجراء استفتاء على الدستور، في وقت قرر مجلس النواب الليبي الثلاثاء تشكيل لجنة للتواصل مع مفوضية الانتخابات للوقوف على العراقيل التي تواجه الاستحقاق المقبل.

ويأتي هذا التصعيد الجديد كإصرار من الإسلاميين لعرقلة الاستحقاق الانتخابي، قبل ساعات على إعلان المفوضية عن القائمة النهائية للمرشحين الذين سيخوضون الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها يوم الرابع والعشرين من ديسمبر الجاري.

وقال مسؤول بالمفوضية الوطنية العليا للانتخابات في ليبيا مساء الثلاثاء إنه تم اقتحام مقر المفوضية بالعاصمة طرابلس، مؤكدا أن هذا قد يعرقل الانتخابات الرئاسية المقررة نهاية العام.

وأشار المسؤول في تصريحات لوسائل إعلام ليبية إلى أن من قاموا باقتحام المقر يصفون أنفسهم بأنهم "ثوار طرابلس"، لافتا إلى أن المقتحمين نصبوا خيامهم بمحيط مقر المفوضية في طرابلس.

وأوضح أنه من المحتمل أن تقوم المفوضية بنقل جميع العاملين والملفات الخاصة بها من طرابلس، لمباشرة مهامها من مدينة أخرى، وذلك حرصا على سلامة الموظفين.

وأظهرت مقاطع فيديو مصورة لحظة وصول المحتجين إلى مقر المفوضية ونصب خيام أمامه لتنفيذ اعتصام، رافعين شعارات "لا للانتخابات دون دستور".

وأكدت وسائل إعلام ليبية أن تلك العناصر تنتمي إلى ميليشيا إغنيوة (التابعة لعبدالغني الككلي) وميليشيات الزاوية ومصراتة، وهي ميليشيات محسوبة على الإسلاميين ومن خلفهم تنظيم الإخوان.

ودعا عضو مجلس النواب صالح افحيمة إلى وقف العبث بالانتخابات، قائلا في تدوينة عبر صفحته على فيسبوك "عندما تصادر رأي الأغلبية وتعيق تحقيق رغباتهم في ممارسة حقهم الديمقراطي، فإنك تكون قد تخليت عن السلمية في تعبيرك عن رأيك ودخلت في طور محاولة إخضاع آراء الآخرين لرأيك".

وأكد النائب أن الانتخابات ليست هدفا في حد ذاتها وإنما هي وسيلة للوصول إلى الاستقرار السياسي، مضيفا "من يرتضي الديمقراطية سبيلا للحكم وطريقة للوصول إليه، يجب عليه أن يقبل نتائجها".

ودعا عضو ملتقى الحوار السياسي أحمد الشركسي إلى معاقبة المقتحمين لمقر المفوضية العليا للانتخابات في طرابلس.

وقال الشركسي في تغريدة على تويتر "‏لو لم يواجه اقتحام المفوضية بعقوبات واضحة وصريحة تطول المقتحمين ومن حرّضهم من السياسيين، من المجتمع الدولي".

وأضاف "على هذا المجتمع الدولي أن يغلق فمه عن المشكلة الليبية، ولندع الأمر للصوص والبلطجية والميليشيات شرقا وغربا، ولنسكت لأنّنا لا طائل لنا بهم، فهم الأقوى والأقدر على صناعة الحدث".

وفي وقت سابق الثلاثاء أعلن مجلس النواب الليبي تشكيل لجنة من 5 أعضاء للتواصل مع مفوضية الانتخابات، من أجل رصد العراقيل أمام الانتخابات المقرر انطلاقها في الرابع والعشرين من ديسمبر الجاري.

وقال المتحدث باسم المجلس عبدالله بليحق في بيان عبر صفحته على فيسبوك "خلصت جلسة اليوم (الثلاثاء) إلى تشكيل لجنة للتواصل مع المفوضية الوطنية العليا للانتخابات، للوقوف على الصعوبات والعراقيل التي تواجه العملية الانتخابية".

وأضاف بليحق "على اللجنة أن تقدم تقريرها إلى المجلس قبل الجلسة المقبلة في الرابع عشر من ديسمبر الجاري".

وأوضح أن اللجنة تضم 5 أعضاء، بواقع عضو من كل من اللجنة التشريعية والدستورية، والداخلية، والدفاع والأمن القومي، والعدل، ولجنة متابعة الأجهزة الرقابية بالمجلس.

وكان مجلس النواب الليبي عقد الثلاثاء جلسة مغلقة لمناقشة التطورات الأخيرة التي شابت عملية الانتخابات، برئاسة النائب الثاني لرئيس المجلس أحميد حومة، وذلك بناء على طلب موجه من أكثر من 70 نائبا كانوا قد أبدوا قلقهم إزاء "التطورات السلبية للعملية الانتخابية"، وطالبوا بعقد جلسة برلمانية لمساءلة مفوضية الانتخابات والجهات القضائية المشرفة على العملية الانتخابية.

وعبّر 72 نائبا في بيان الأحد عن عدم رضاهم عن العملية الانتخابية الجارية، منتقدين طريقة إدارة المفوضية للعملية الانتخابية، خاصة مرحلة الطعون، وتجاوزها للقوانين الانتخابية التي أقرها مجلس النواب، ومحاولات التأثير على عمل القضاء، إلى جانب السكوت على التدخلات الخارجية في سير العملية الانتخابية، وشبهات التزوير.

وحذّر النواب رئيس مفوضية الانتخابات عماد السايح من إعلان قائمة المرشحين النهائية إلى حين انتهاء جلسة المساءلة، ليتسنى للبرلمان "تقييم الوضع وسبل إنقاذ العملية الانتخابية بموعدها في بيئة أمنية وسياسية مناسبة وفق التشريعات الصادرة".

ويفترض أن تعلن المفوضية العليا للانتخابات خلال أيام القائمة النهائية للمرشحين لانتخابات الرئاسة، بعد إغلاق باب استئناف الطعون القضائية الثلاثاء.

إلى ذلك، لا يزال الطريق لصناديق الاقتراع محفوفا بالمخاطر في ليبيا، حيث دخلت العملية الانتخابية مرحلة جديدة من التأزيم، تهدد بتأجيلها أو انهيارها بالكامل، في ظل حملة عرقلة تقودها عدة أطراف.

وقبل يومين أعلن "ثوار وكتائب مدينة مصراتة" عن رفضهم التام إجراء الانتخابات الرئاسية قبل الاستفتاء على الدستور، وعدم قبولهم بترشح سيف الإسلام القذافي وخليفة حفتر إلى الانتخابات، أو إمكانية توليهم مناصب قيادية في الفترة المقبلة.

ويعتبر انقلاب الميليشيات المسلحة على الانتخابات ورفضها لبعض المرشحين، من أهم التحديات التي قد تعرقل إجراء الانتخابات الليبية في موعدها، كما يكشف المأزق الذي يواجه مستقبل الاستقرار في البلاد.

وتلقي مشاهد الاحتجاجات والاعتصام أمام مقرّ المفوضية العليا للانتخابات بالضوء على صعوبة إتمام العملية الانتخابية في ليبيا، وإجراء الاستحقاق في الموعد المحدد في هذه الظروف، حيث يهدد استمرار الخلافات بين المعسكرات المتنافسة والتوترات الأمنية على الأرض، بتأجيلها أو إلغائها.

وتؤكد المفوضية الوطنية العليا للانتخابات في ليبيا استعدادها لتنظيم الانتخابات الرئاسية، وتتحضّر لإعلان القائمة النهائية للمرشحين الذين سيتنافسون على الرئاسة وبدء الحملات الانتخابية.

وفي ظلّ هذا الوضع المتوتّر، بدأت أوساط سياسية ليبية وحتى قوى دوليّة تدفع نحو خيار التأجيل إلى حين التوصل إلى صيغة توافق بين الأطراف الفاعلة في ليبيا، تضمن اعتراف الجميع بالنتائج التي ستسفر عنها العملية الانتخابية في حال إجرائها، والتعامل مع أيّ طرف يفوز بالانتخابات.