عناد سياسي يقطع جسور المصالحة بين الحزبين الكبيرين في كردستان العراق

الاستحقاق الانتخابي في الإقليم أصبح رهن الخلافات التي توسعت بين الحزبين الكبيرين وعنادهما السياسي بشأن الانتخابات.
الأربعاء 2024/04/17
صراعات حزبية لا تعني شيئا لرجل الشارع

أربيل (العراق)- لا يمثّل ملفّ الانتخابات البرلمانية المقرّر إجراؤها في إقليم كردستان العراق خلال شهر يونيو القادم موضع الخلاف الوحيد بين الحزبين الرئيسيين في الإقليم، الحزب الديمقراطي الكردستاني بقيادة أفراد أسرة بارزاني، وحزب الاتّحاد الوطني الكردستاني بقيادة ورثة الرئيس العراقي الأسبق جلال طالباني، لكنّه بات بمثابة القطرة التي أفاضت كأس الخلافات الكثيرة المتراكمة بين الحزبين، وسببا لترسيخ القطيعة بين قيادتيهما بشكل لا يخلو من تأثير على مستقبل الإقليم وصولا إلى تهديد وحدته الجغرافية ووضعه ككيان دستوري متمتع بحكم ذاتي داخل الدولة العراقية.

وتوسّعت الخلافات كثيرا بين الحزبين بشأن ملف الانتخابات بعد أن كانت قد انطلقت من رفض حزب الاتحاد الوطني لبعض بنود القانون الذي تجرى وفقه، ورفعه دعوى إلى المحكمة الاتحادية العراقية لتعديل تلك البنود، ووصلت إلى إعلان الحزب الديمقراطي مقاطعته الاستحقاق الانتخابي القادم احتجاجا على استجابة المحكمة لمطالب الاتحاد الوطني.

◄ بالنظر إلى صعوبة تراجع المحكمة الاتّحادية عن قراراتها فإنّ الحل الآني لمشكلة الانتخابات يتمثل في تأجيل موعدها

ولا يرى متابعون لشؤون كردستان العراق كيف يمكن للانتخابات أن تجري من دون الحزب الذي يهيمن على أهم مفاصل السلطة في الإقليم ويبسط نفوذه بالكامل على جزء هام من مجاله الجغرافي ويدين له بالولاء قسم كبير من قوات البيشمركة والأسايش (جيش الإقليم وشرطته).

كما لا يرى هؤلاء كيف يمكن للإقليم أن يحافظ على كيانه الدستوري وعلى شرعية سلطاته من دون إجراء الانتخابات الضرورية لإعادة تشكيل مؤسسة الحكم الرئيسية المتمثلة في البرلمان بعد أن رفض القضاء الاتحادي العراقي التمديد في ولاية البرلمان السابق الذي انتهت فترته القانونية سنة 2022.

ومع ذلك فإن إجراء الاستحقاق الانتخابي في موعده المحدّد أصبح رهن خلافات الحزبين الكبيرين في الإقليم وعنادهما السياسي.

وبينما يتمسّك الحزب الديمقراطي بقرار مقاطعة الانتخابات مطالبا بالتراجع عن قرارات المحكمة الاتّحادية التي تسببت بالقرار، وملوّحا بخيار التأجيل مستندا إلى اتّصالات أجراها مؤخّرا مع الحكومة الاتّحادية العراقية برئاسة محمد شياع السوداني، يتمسك غريمه حزب الاتحاد الوطني بعدم التأجيل ورفض التراجع عن قرارات المحكمة التي قضت بإلغاء المقاعد البرلمانية الأحد عشر المخصصة للأقليات، وتقسيم الإقليم انتخابيا إلى أربع دوائر بدلا من الدائرة الواحدة، وإسناد مهمة الإشراف على الانتخابات إلى الهيئة العليا المستقلة للانتخابات (اتّحادية) بدلا من نظيرتها المحلية المرتبطة بسلطات الإقليم.

وقال شاخوان عبدالله القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يشغل منصب نائب الرئيس في مجلس النواب العراقي إن انتخابات برلمان إقليم كردستان لن تجرى دون مشاركة حزبه.

وأضاف في حديثه لعدد من وسائل الإعلام المحلية القول “عندما تجرى الانتخابات ستشارك فيها جميع القوى والأحزاب السياسية”، مؤكّدا جدية الحزب الديمقراطي في قراراته وتصريحات مسؤولين بهذا الشأن.

بوكس

كما حرص على القول إن “الحزب الديمقراطي الكردستاني قوة كبيرة في الساحة السياسية ولا يمكن أن تكون هناك انتخابات بدونه”، معتبرا أنّ “هذه حقيقة أدركتها جميع القوى والأحزاب السياسية في بغداد”.

كما ألمح عبدالله إلى وجود تفهّم من قبل السلطات الاتّحادية العراقية لموقف الحزب قائلا إنّ “هناك خطوات لتنفيذ مطالب الحزب الديمقراطي الكردستاني”.

وكان رئيس الوزراء العراقي قد استقبل قبل زيارته الحالية إلى الولايات المتّحدة رئيس إقليم كردستان العراق نيجيرفان بارزاني القيادي في الحزب الديمقراطي الذي قام بزيارة إلى بغداد.

◄ الخلافات توسّعت كثيرا بين الحزبين بشأن ملف الانتخابات بعد أن كانت قد انطلقت من رفض حزب الاتحاد الوطني لبعض بنود القانون الذي تجرى وفقه، ورفعه دعوى إلى المحكمة الاتحادية

ورغم أنّ أحزابا وفصائل شيعية مشاركة بقوّة في حكومة السوداني تقيم علاقات متينة مع حزب الاتّحاد الوطني وتظهر بالمقابل عداء للحزب الديمقراطي، إلاّ أن رئيس الوزراء يبدو راغبا في التعاطي مع ملف كردستان العراق من منطلق مسؤوليته على رأس السلطة التنفيذية، بعيدا عن متاهة الخلافات الحزبية التي من شأنها أن تنتقص من دوره في الدولة العراقية.

وتؤكّد مصادر سياسية عراقية اهتمام السوداني بإتمام الاستحقاق الانتخابي في إقليم كردستان متوقّعة أن يبدأ إثر عودته من الولايات المتّحدة جهودا لحل معضلة مقاطعة الحزب الديمقراطي لانتخابات الإقليم.

كما لا تستبعد المصادر أن تكون النبرة الواثقة في خطاب قيادات الحزب بشأن الانتخابات ناتجة عما قد تكون تلك القيادات قد سمعته من تطمينات من رئيس الوزراء.

وبالنظر إلى صعوبة تراجع المحكمة الاتّحادية عن قراراتها فإنّ الحل الآني لمشكلة الانتخابات يتمثل في تأجيل موعدها.

لكن التأجيل يصطدم بالرفض القاطع من قبل حزب الاتحاد الوطني الكردستاني والذي لخّصه القيادي في الحزب لطيف نيرويي بالقول “إن الاتحاد الوطني مع إجراء انتخابات شفافة ونزيهة في موعدها المحدد وفي جميع أنحاء الإقليم”، مضيفا في مقالة منشورة عبر مواقع تابعة للحزب أنّ “تحديد وتأجيل موعد الانتخابات ليسا من صلاحية الأحزاب السياسية؛ حيث أن هذه المسألة تتعلق برئيس الإقليم والمفوضية العليا المستقلة للانتخابات العراقية”.

 

اقرأ أيضا:

        • خط الأنابيب العراقي الموازي يعجل بنهاية حلم استقلال الأكراد

3