#عمي_تبون_لا_تذهب_إلى_العراق هاشتاغ يحمل بصمات الجيوش الإلكترونية

انتشر هاشتاغ في الشبكات الاجتماعية يطلب من الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون عدم المشاركة في القمة العربية في العراق، زاعمين أن “العراق لم يعد آمنا.” غير أن أسلوب الحملة يشي بأنها منظمة ومدبرة بهدف توجيه الرأي العام إلى تلميع صورة السلطة.
الجزائر - تصدر هاشتاغ #عمي_تبون_لا_تذهب_إلى_العراق، منصات التواصل الاجتماعي في حملة وصفها ناشطون على الشبكات الاجتماعية بأنها محاولة واضحة من أجهزة المخابرات لإعادة إنعاش صورة الرئيس عبدالمجيد تبون داخليًا، بعد سلسلة من الإخفاقات التي عمّقت الهوة بينه وبين الشارع.
وبحسب المتابعين فإن أسلوب الحملة واضح ومكشوف وتبدو المبالغة فيه جلية وهي أكبر دليل على أن من يقف وراءها نظام وجيوش إلكترونية وليست عفوية، كما أن التعليقات لا تشبه الطريقة التي يتحدث بها الجزائريون عادة ويعبرون بها عن آرائهم، بل هي أشبه بالحملات المنظمة التي تديرها أنظمة وجهات سياسية تريد إضفاء شعبية ومشروعية حيث يتم الترويج لحركات تبدو “عفوية” ولكنها في الواقع مدبرة بهدف توجيه الرأي العام أو تشتيته.
وتصدّر الهاشتاغ الترند على منصات عديدة مثل إكس وفيسبوك، وتم الترويج له على نطاق واسع مع مضامين تحذر من ذهاب الرئيس إلى العراق للمشاركة في القمة العربية المقبلة، بدعوى “الخوف على حياته”.
@RedWhiteGreen02
أتمنى ألا يذهب عمي تبون إلى العراق. صرنا نخاف عليه وكأنه واحد من أهلنا، اللهم احفظ عمي تبون بحفظك من كيد الفجار والخونة المندسين،… يارب.
الجزائر#عمي_تبون_لا_تذهب_إلى_العراق
وجاء في تغريدة:
@HouyemMe
مع كل احترامنا للشعب #العراقي الجميل إلا أن ظروف بلدنا #الجزائر الحالية والمؤامرات التي تحيط بها وتكالب #فرنسا الاستعمارية و#الصهاينة… كل ذلك يفرض علينا توخي الحيطة والحذر!
بالإضافة إلى أن #القمة_العربية لم يعد لها محل من الإعراب في نصرة #غزة_العزة #عمي_تبون_لا_تذهب_إلى_العراق
وعلق حساب:
@Umnouur
سيدي الرئيس أنت غالي على قلوبنا ونخاف عليك من غدر الحاقدين. العراق لم يعد آمنا، قلوبنا لا ترضى لك المضرة رجاء لا تذهب.
وبنفس الطريقة الانفعالية المفرطة في إظهار المشاعر أعاد نفس الحساب نشر تغريدة أخرى:
@Umnouur
إلى أبي العزيز تبون. لا تذهب إلى العراق. ابعث أي شخص في مكانك.
لا تذهب وتتركنا في حيرة. أبي العزيز لا تنس أنك أبونا والجزائر أمنا. عشت لنا أبونا.
غير أن الحملة سرعان ما تحولت إلى ساحة لإطلاق اتهامات غير مبررة بحق العراق، البلد الذي يعيش استقرارًا سياسيًا نسبيًا، ما دفع بعدد من النشطاء إلى التحذير من انعكاسات دبلوماسية محتملة لهذا الخطاب الموجّه، حيث عبر العديد من الناشطين العراقيين عن استيائهم من هذه الحملة، وقال أحدهم:
@willis_9999
مواطن عراقي يُسائل الجزائريين: فرنسا من استعبدتكم وليس العراق #عمي_تبون_لا_تذهب_إلى_العراق
وقال آخر موجها حديثه إلى المبالغين في “تقديس” الرئيس:
@Amine906166
في بعض الأوطان لم يعد الرئيس مجرد مسؤول يُنتخب، بل أصبح كائنا شبه سماوي، لا يُنتقد ولا يُناقش، بل يُقدَّس. نعم، قدّسوه حتى كادوا يرفعونه إلى مرتبة الأنبياء، بل ونافسهم في المعجزات! يا سادة الرئيس موظف وليس مخلّصا. والدموع لا تزرع أوطانًا، بل تحصد الذل.
#عمي_تبون_لا_تذهب_إلى_العراق
وبالرغم من محاولة تسويق الحملة كتحرك شعبي “قلق على حياة رئيسه” إلا أن الكثير من المواطنين اعتبروها حركة تضليلية تهدف إلى التغطية على التراجع الحاد في شعبية الرئيس، الذي يواجه انتقادات حادة بسبب الوعود غير المحققة، وغياب الرؤية الاقتصادية، وتدهور الأوضاع الاجتماعية.
ويرى متابعون أن أجهزة الدولة تسعى من خلال هذه الحملات الإلكترونية إلى تثبيت وهم مفاده أن “الشعب يدعم الرئيس،” في حين أن الوقائع على الأرض، بدءا من الأزمات المعيشية وصولا إلى موجات الهجرة المتزايدة، تعكس مشهدًا مختلفًا تمامًا.
وعكست عدة تعليقات مضامين تنكر العلاقة المفترضة بين الرئيس وشعبه، والتي تسعى السلطة إلى ترويجها رغم وجود موجة استياء واسعة بين الجزائريين من الواقع والسياسة الحكومية التي فشلت في تحسين الأوضاع وتكتفي بإطلاق الوعود، وجاء في تعليق:
@alamimustapha00
#عمي_تبون_لا_تذهب_إلى_العراق
الواقع أن النظام الجزائري، المهووس بنظرية المؤامرة، يرى في كل دعوة دبلوماسية فخا وفي كل يد ممدودة خنجرا.
وبدل أن يستثمر في تعزيز التعاون مع بغداد، يختار كالعادة خطاب التهويل والتحريض، في مسرحية عبثية تكشف هشاشة الداخل الجزائري وسوء تقدير صانع القرار.
وزعم آخر:
@YOUSSEFMIKHTARI
الذباب الجزائري وأذرع المخابرات تطلق وسم #عمي_تبون_لا_تذهب_إلى_العراق
هل تعرفون لماذا؟ هناك أخبار متداولة تفيد بأن الأجهزة الأمنية الدولية من الممكن أن تكون قد بدأت في اتخاذ خطوات سرية لاعتقال الرئيس #تبون وخاصة بعد التأكد من تورطه المباشر في عملية اختطاف ومحاولة تصفية.
وقال متابع:
@BoukhorsAmir1
يبدو أن السلطة تبذل جهودا حثيثة لتلميع صورتها عبر الهاشتاغات والدعاية في وسائل الإعلام التقليدية، بينما الشعب الجزائري يريد حلولًا، لا شعارات.
وينتهج الإعلام الجزائري أسلوبا مزدوجا لخدمة السلطة فهو تارة يتغنى بإنجازات السلطة وانتصاراتها وتارة يهاجم الدول الأخرى والإعلام الأجنبي الذي ينتقد ممارسات النظام.
ولا يفوت وزير الاتصال الجزائري محمد مزيان يوما دون أن يشن هجوما حادا على وسائل الإعلام الأجنبية التي يعتبرها معادية، متهما إياها بـ”التكالب” على بلاده، ويعيد تذكير وسائل الإعلام المحلية بضرورة تشكيل جبهة موحدة من أجل الدفاع عن الجزائر وصورتها، وهو ما يشير إلى أنها فشلت في المهمة التي تريدها السلطة ولم تستطع أن تكون مؤثرة داخليا أو خارجيا.
وقال في تصريح الأسبوع الماضي إنّ “هذه الجبهة الموحدة التي لا فرق فيها بين الإعلام العمومي والخاص ستكون بمثابة حصن ضد كل محاولات التكالب التي تستهدف الجزائر عبر وسائل الإعلام الأجنبية ومواقع التواصل الاجتماعي.”
ناشطون يؤكدون أن التعليقات على الهاشتاغ لا تشبه الطريقة التي يعبر بها الجزائريون عادة عن آرائهم
ويبدو أن الوزير يتجاهل الحملات التي تشنها وسائل الإعلام التابعة له تجاه الدول التي لا تتوافق سياستها مع سياسة الجزائر وتشوب العلاقات معها توترات، حيث شكلت المنابر الجزائرية الرسمية والخاصة بالفعل جبهة موحدة للهجوم على هذه الدول، مستخدمة كل الأساليب بما فيها نشر الشائعات والمعلومات المضللة دون اهتمام بالمهنية ما جعلها تفتقد التأثير وباتت مثار سخرية على مواقع التواصل الاجتماعي.
وتكمن المفارقة في أن الوزير شدد على أهمية الحفاظ على المصداقية التي تتمتع بها الصحافة الجزائرية في الساحة الدولية، “لكونها لم تحد عن مواقف الدولة الجزائرية وظلت ترافع لصالح القضايا العادلة،” في حين لا يمر يوم دون أن يتداول الناشطون على الشبكات الاجتماعية معلومات كاذبة تم نشرها في الإعلام الجزائري.
وكان وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين قد أعلن تحديد يوم 17 مايو المقبل موعدا لانعقاد القمة العربية في بغداد. وقال خلال ترؤسه الاجتماع الثاني عشر المخصص للتحضير لانعقاد القمة العربية في بغداد إنه “تم تحديد يوم 17 مايو 2025 موعدا رسميا لانعقاد القمة العربية في بغداد” بعد مباحثات أجراها في القاهرة، مقر جامعة الدول العربية.
وأكد أهمية هذه القمة، مشيرا إلى أن العراق يعمل على تهيئة جميع الظروف الملائمة لضمان نجاحها، بما يعكس صورة إيجابية عن البلاد ويعزز مسيرة العمل العربي المشترك، وفق بيان صادر عن وزارة الخارجية العراقية.