عملية طوفان الأقصى تغرق في الأخبار المضللة والصور المفبركة

حرب غزة تكشف تضاؤل قدرة المنصات البارزة على مكافحة المعلومات الكاذبة.
الأربعاء 2023/10/11
الأخبار المضللة تلقي بظلالها على محاولات فهم ما يجري على الميدان

شهدت عملية طوفان الأقصى كما كبيرا من الأخبار المضللة والكاذبة على مواقع التواصل الاجتماعي، الأمر الذي انعكس سلبا على فهم حقيقة ما يجري على الميدان، وكشف عن عجز المنصات الكبرى مثل إكس عن ضبط المحتوى.

غزة - ترافقت عملية طوفان الأقصى التي أطلقتها حركة حماس السبت الماضي، واستهدفت من خلالها مواقع عسكرية في جنوب إسرائيل وعددا من المستوطنات مع انتشار واسع لمعلومات وفيديوهات مضللة وصور مفبركة على مواقع التواصل الاجتماعي.

ورصد موقع “مسبار” لمكافحة الشائعات والأخبار الكاذبة، العديد من الفيديوهات التي تم الترويج لها على السوشيال ميديا وتنسب إلى العملية العسكرية الجارية، وكشف الموقع أنها إما قديمة وإما أنها وقعت في مناطق أخرى تشهد نزاعات.

وتداولت حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، مقطع فيديو ادّعى متداولوه أنه للقطات تظهر هبوطا بحريا لعناصر من حماس خلال عملية طوفان الأقصى.

 وأظهر التحقّق أنّ الادعاء مضلل والفيديو يعود إلى لقطات نشرها الجيش الإسرائيلي في يوليو 2014، قال إنه لقوات كوماندوز تابعة لحركة حماس تسللت إلى إسرائيل عبر البحر إلى شاطئ زيكيم، وقد تمكن الجيش الإسرائيلي من استهداف المتسللين.

وانتشر مقطع فيديو آخر ادعى متداولوه أنه لأسر مجندة إسرائيلية من قبل المقاومة الفلسطينية خلال عملية طوفان الأقصى. وأشار بعض الناشرين إلى أن الفتاة الظاهرة في المشهد، ناشطة إسرائيلية على تيك توك.

الكم الهائل من مقاطع الفيديو والصور القديمة المزورة لهجمات يجعل من الصعب فهم ما يجري في إسرائيل وغزة

وتبيّن لاحقا أنّ الفتاة الظاهرة في المقطع ليست مجندة وليست إسرائيلية، بل هي مدوِّنة فلسطينية مقيمة في غزة، وقد نشرت عبر خاصية القصص مشاهد إطلاق الصواريخ ودخول حماس لجنوب إسرائيل، مرفقة بعبارات إعجاب وتشجيع توضّح موقفها الداعم للفصائل الفلسطينية.

كما تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي على نطاق واسع فيديو كمين العلم الذي استهدف جنودًا إسرائيليين على حدود غزة  ليتضح أنه قديم، ويعود لكمين استهدف جنودا إسرائيليين عند محاولتهم إزالة العلم الفلسطيني في نقطة على السياج الحدودي لقطاع غزة عام 2018، وليس خلال عملية طوفان الأقصى الأخيرة.

ورغم أن الأحداث العالمية الكبرى عادة ما تثير طوفانا من المعلومات المضللة، يقول باحثون إن حجم وسرعة انتشارها عبر الإنترنت في أعقاب الهجوم المباغت الذي شنته حركة حماس الفلسطينية لم يسبق له مثيل.

ويقول الخبراء إن هذا النزاع يلقي الضوء على تضاؤل قدرة المنصات البارزة مثل فيسبوك وإكس على مكافحة المعلومات الكاذبة في مناخ يُهيمن عليه تسريح الموظفين وخفض التكاليف.

وما يفاقم المشكلة خصوصا في منصة إكس المملوكة لإيلون ماسك، وجود عدد كبير من الإجراءات المثيرة للجدل مثل إعادة تفعيل حسابات تروج لمؤامرات زائفة ووضع برنامج لمشاركة عائدات الإعلانات مع صانعي المحتوى يقول خبراء إنه يحفّز البحث عن التفاعل بدلا من توخي الدقة.

ويخشى الخبراء أن تكون هذه الإجراءات زادت من خطر إحداث المعلومات المضللة أضرارا كمفاقمة الكراهية والعنف، خصوصا في ظلّ سيناريو أزمة سريعة التطور مثل الذي يتكشف في إسرائيل وغزة.

ويقول أندي كارفين، من مختبر أبحاث الطب الشرعي الرقمي التابع للمجلس الأطلسي، لوكالة فرانس برس “تواجه منصات التواصل الاجتماعي صعوبة في مواكبة التدفق المستمر للمعلومات المضللة والتحريض على العنف”.

ويضيف “هذه نزعة متنامية منذ بعض الوقت، وقد ازدادت سوءا مع تأثير عمليات تسريح موظفين طاولت فرق الأمن والسلامة، ما يعيق قدرتها على التعامل مع هذه الفوضى”.

ويتابع “في حالة إكس، حطمت التغييرات التي طرأت على المنصة تماما ما كان في السابق إحدى أعظم نقاط قوتها: مراقبة الأخبار العاجلة ومساعدة المستخدمين على تمييز الحقيقة من الكذب”.

الخبر ينتشر بسرعة

وانتشر مقطع فيديو ادّعى ناشروه على مواقع التواصل الاجتماعي أنه يوثق إطلاق الفصائل الفلسطينية رشقات صاروخية نحو الأراضي الإسرائيلية، مساء الثامن من أكتوبر الجاري.

ووجد “مسبار” أنه مضلل وقديم، نشرته وسائل إعلام تركية في فبراير عام 2020، وقالت إنه لقصف مدفعي مكثف من عناصر النظام السوري في إدلب.

 كما ادّعى ناشرو صورة أنها تُظهر جنودًا إسرائيليين وقعوا في قبضة مقاتلين من حركة حماس خلال عملية طوفان الأقصى، وتبيّن بالتحقق أنّ الادعاء مضلّل والصورة قديمة، وهي من مناورة نفذتها الغرفة المشتركة لفصائل المقاومة الفلسطينية في الثامن والعشرين من ديسمبر 2022، وسمتها “الركن الشديد3”.

وتداولت صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي صورة قالت إنّها تُظهر ذعر مستوطنين إسرائيليين خلال عملية طوفان الأقصى، في المكان ذاته الذي قُتل فيه الطفل محمد الدرة منذ 24 عاما.

وأوضح التحقق أنّ الادعاء مضلّل، إذ إنّ صورة المستوطنين قديمة، نشرتها وكالة رويترز في مايو 2019، وذكرت أنّها لإسرائيليين يحاولون الاحتماء عند سماعهم صفارات الإنذار، التي تحذر من الصواريخ القادمة من غزة، خلال اشتباكات على الحدود، في مستوطنة عسقلان جنوبي الأراضي المحتلة.

رغم أن الأحداث العالمية الكبرى عادة ما تثير طوفانا من المعلومات المضللة إلا أن حجم وسرعة انتشارها عبر الإنترنت في أعقاب الهجوم الذي شنته حركة حماس لم يسبق له مثيل

كما انتشر مقطع فيديو ادعى ناشروه أنه يُظهر إسقاط مقاتلة حربية إسرائيلية، على يد أحد مقاتلي كتائب عزالدين القسام التابعة لحركة حماس خلال عملية طوفان الأقصى. ووجد “مسبار” أنّ مقطع الفيديو مأخوذ من لعبة الفيديو العسكرية Arma 3، وليس مشهدا حقيقيا لإسقاط المقاومة مقاتلة حربية خلال عملية طوفان الأقصى.

وظهر في فيديو هروب لمستوطنين من ساحة حائط البراق، ليتضح أنه لا صلة له بالأحداث الجارية، بل يعود إلى الثالث من أكتوبر.

وانتشر مقطع فيديو ادّعى متداولوه أنّه يظهر قصفًا إسرائيليًا على قطاع غزة عقب عملية طوفان الأقصى. لكن تحقق “مسبار” أظهر أنّه مضلّل، إذ إن مقطع الفيديو قديم، ويعود إلى شهر مايو الفائت، لقصف إسرائيلي على غزة حينها.

وتداولت صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، خطابًا للرئيس التونسي قيس سعيّد، يساند فيه فلسطين، وقالت إنه جاء على خلفية عملية طوفان الأقصى. وتبيّن بالتحقق أنه مضلل وقديم، ويعود إلى كلمة ألقاها في مايو عام 2021.

ويقول المحلل في مجموعة الأزمات الدولية أليساندرو أكورسي “الكم الهائل من مقاطع الفيديو والصور القديمة المزورة والمزيفة لهجمات يجعل من الصعب فهم ما يجري” في إسرائيل وغزة.

ويعرب أكورسي عن “قلقه البالغ” من أن المعلومات المضللة، وخصوصا الصور المزيفة للرهائن بما في ذلك الأطفال، يمكن أن تؤجج أعمال العنف.

ويقول الرئيس التنفيذي لمركز مكافحة الكراهية الرقمية عمران أحمد لوكالة فرانس برس “في الأزمات مثل الفظائع الإرهابية والحروب والكوارث الطبيعية، يميل الناس إلى اللجوء إلى منصات التواصل الاجتماعي للحصول على معلومات يمكن الوصول إليها بسرعة”.

ويضيف “(لكن) سيل المخادعين الذين ينشرون الأكاذيب والكراهية بحثا عن التفاعل والمتابعين، إضافة إلى الخوارزميات التي تنشر هذا المحتوى المتطرف والمثير للقلق، هما السبب في أن وسائل التواصل الاجتماعي هي في الواقع مكان سيء للحصول على معلومات موثوقة”.

وكشف موقع “مسبار” أن مقطع الفيديو الذي ادعى ناشروه أنه لبيان صدر مؤخرًا عن الفصائل الفلسطينية، تشكر فيه سوريا واليمن وحزب الله والحرس الثوري بعد عملية طوفان الأقصى، قديم ويعود إلى مايو الفائت خلال كلمة للناطق العسكري باسم سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي أبوحمزة، وهو يطمئن الشعب الفلسطيني بعد اختتام الجهاد لمعركة ثأر الأحرار، والتي جاءت عقب اغتيال قادة من الحركة.

ولم تتحدث سي أن.أن عن طلب حماس التفاوض مع إسرائيل، ووجد موقع “مسبار” أن الادعاء زائف، إذ لم تنشر شبكة سي أن.أن الأميركية، بكلا نسختيها العربية والإنجليزية، أي خبر يتحدث عن طلب حماس التفاوض مع إسرائيل.

كما لم يتم العثور في أي من وسائل الإعلام ذات الصدقية أو في الموقع الإلكتروني للحركة، عن أي خبر يتحدث عن طلبها التفاوض مع إسرائيل.

5