عملية تطوير الإعلام السعودي تسير بخطوات بطيئة

وجّه مجلس الشورى السعودية جملة من المطالب لوكالة الأنباء الرسمية وهيئة الإذاعة والتلفزيون تتلخص بتحسين أدائها وتطوير المنظومة. وهو ما طرح منذ سنوات واحتل مكانة بارزة ضمن أولويات الحكومة السعودية لمواكبة التحولات السريعة وتحسين صورة المملكة، لكن ما تم تحقيقه حتى اليوم يبدو متواضعا.
الرياض - طالب مجلس الشورى السعودي، المنظومة الإعلامية الرسمية بتحسين أدائها والاهتمام بالمحتوى في وسائل الإعلام التقليدية والرقمية وتنفيذ الخطة الاستراتيجية للإعلام السعودي، في إشارة إلى عدم رضا السلطات عن المنظومة التي من المفترض أن تكون قوة ناعمة في المجال السياسي والدبلوماسي، والانفتاح على العالم الخارجي.
ودعا مجلس الشورى، وكالة الأنباء السعودية خلال جلسته الـ13 للسنة الأولى من الدورة الثامنة التي عقدت الاثنين افتراضيا، إلى تطوير جهودها في إعداد الدراسات والبحوث لمحتويات الرصد الإعلامي، لتشمل التحليل المعمّق لمضامينها وعدم الاكتفاء بالعرض الكمي للمتغيرات، بحسب ما تداولت صحف محلية.
وقال المجلس “على وكالة الأنباء السعودية تكثيف تدريب منتسبيها على الإعلام الرقمي، لتمكينهم من التعامل مع أدواته بسهولة، وبما يعزّز من قدراتهم على الابتكار والإبداع”.
ويبدو اهتمام المجلس مركزا على الإعلام الرقمي والمنصات الاجتماعية التي تشير إلى اتجاه الرأي العام، حيث يعتبر تويتر الموقع الأكثر شعبية في السعودية، ويرصد آراء السعوديين في أهم القضايا على الساحة المحلية والإقليمية، وبات مرجعا لوسائل الإعلام الدولية، لذلك فإن حضور الإعلام السعودي على المنصات الاجتماعية يكتسب أهمية على الصعيد المحلي والخارجي.
توجيهات مجلس الشورى تشير إلى حاجة الإعلام السعودي إلى إصلاحات على جميع المستويات
وقد تضمن برنامج التحول الوطني 2020 أربعة أهداف استراتيجية لوزارة الإعلام لدعم التطور الإعلامي؛ أبرزها: تنمية الصناعات الإعلامية، وتعزيز تنافسية الإعلام السعودي عالميّا، لكن هذه الأهداف لم تتحقق على أرض الواقع.
ويحتاج الخطاب الإعلامي السعودي إلى التخلص من أدبيات الخطاب التقليدي واستعمال مفردات وسياسة إعلامية أكثر شبابا، تواكب حالة التحديث التي طالت ملفات أكثر جمودا ومحافظة في تركيبة الدولة والمجتمع السعوديين.
وكثيرا ما وجهت أصوات سعودية انتقادات للإعلام المحلي وضعفه سواء في التأثير محليا أو مواجهة الحملات الخارجية، وافتقاده لاستراتيجية تتناسب مع المستجدات في السنوات الأخيرة.
وأشار متابعون إلى أن المؤسسات الإعلامية لم تستطع مواكبة التحولات السريعة في السعودية وجاءت الاستجابة للتحديات المترافقة لهذه التحولات بطيئة وقاصرة، في وقت تحتاج فيه الرياض إلى ذراع إعلامية قوية مواكبة لحجم التطورات التي تشهدها والمسؤوليات التي تقع على عاتقها.
وتتركز غالبية الانتقادات على غياب السياسات والوظائف، وضعف بناء الكوادر والكفاءات الإعلامية، وغياب الأبحاث والتطوير، وعدم وجود سياسة إعلامية تستهدف المتلقي الأجنبي خصوصا في الإعلام الرقمي.
ويلقي البعض باللوم على السياسات والقوانين التنظيمية التي عفا عليها الزمن ولا تتوافق مع الأجندة السعودية، بينما انصبت الانتقادات على ضعف الكوادر الصحافية وافتقارها للأدوات والإمكانيات اللازمة للتعامل مع تقنيات الإعلام الحديثة، والمتغيرات الطارئة وعدم قدرتها على قراءة وتحليل اتجاهات الرأي العام.
وهو ما أكده مجلس الشورى بمطالبته هيئة الإذاعة والتلفزيون “إيجاد كادر وظيفي يوفر بيئة عمل جاذبة ويمكّنها من استقطاب الكفاءات البشرية المميزة”.
ونوّه بضرورة العمل على “زيادة نسب الكفاءات النسائية، وتمكين المؤهلات منهن من المناصب القيادية، والتوسع في توظيف البث عبر تطبيقات الإنترنت ومنصات التدفق الإعلامي لزيادة الانتشار وتحقيق المزيد من العوائد والإيرادات المالية وتطوير تسويق منظومتها الإعلانية”.
وتطرق إلى المحتوى ضمن هيئة الإذاعة والتلفزيون قائلا إن “عليها تكثيف جهودها الإبداعية في مجال البرامج التلفزيونية والإخبارية وغيرها للمنافسة في رفع نسب المشاهدة لقنواتها الفضائية”.
وأضاف أن على هيئة الإذاعة والتلفزيون، “الإسراع في تنفيذ ما يخصّها بشأن الخطة الاستراتيجية للإعلام السعودي، وإعداد خطة تنفيذية لتطوير وإثراء المحتوى الإعلامي الوطني وتكثيف إنتاجه”.
وأشار عضو الشورى م. نبيه البراهيم، إلى “أهمية الإعلام المرئي والمسموع كأدوات فاعلة ومؤثرة من أدوات القوى الناعمة في أي بلد، خصوصًا حين توجه هذه الأدوات بالمهنية والاحترافية المطلوبة في أي اتجاه، محليًا كان أو إقليميًا أو عالميًا، ليصل إلى المتلقي بلغته التي يفهمها وتتسق مع ثقافته”.
وتشير هذه التوجيهات إلى حاجة الإعلام السعودي لإصلاحات جوهرية على جميع المستويات بدءا من تحديث المنظومة الحكومية والخاصة وإصلاح الأدوات الإعلامية والخطط الاستراتيجية، إلى تأهيل الصحافيين في المؤسسات الإعلامية أو عبر دورات تدريبية تشرف عليها الهيئات المختصة.
وقد أعلنت الحكومة السعودية في يناير 2020 عن البدء بمشروع “المدينة الإعلامية” لتكون وجهة متميزة عالميا ومتعددة اللغات، بالإضافة إلى تحويلها لمركز إعلامي وثقافي وتقني رائد في المنطقة.
ويشمل المشروع، قطاعات في الثقافة والإعلام والتقنية، والتي تؤثر بشكل مباشر على الصناعة الإبداعية المستقبلية، كالنشر والبودكاست والأفلام، ووسائل التواصل الاجتماعي، والإعلان الرقمي والتعليم الرقمي والواقع المعزز وتطوير المحتوى، والتصوير والتصميم والأزياء والصحف والمجلات والإذاعات والمحطات التلفزيونية، وغيرها.
ويقدم المشروع خدمات متنوعة لتغطية احتياجات قطاعات الثقافة والإعلام والتقنية، كالاستديوهات، وخدمات تمكين الثقافة والمكاتب والمناطق السكنية والتجارية وحاضنات أعمال.
وتسعى السعودية عبر امتلاكها أدوات قوة ناعمة مؤثرة جديدة إلى تقديم شكلٍ مختلفٍ لصورتها. وقد تبنت الحكومة مشروعا تدريبيا لاكتشاف المواهب الصحافية بالشراكة مع جامعات ومعاهد عالمية، لصناعة الإعلاميين السعوديين المحترفين وتوظيف المشاريع الشبابية الناشئة واستخدام منابرها للتأثير.