عملية البترون تدفع لبنان لرفع شكوى عاجلة لمجلس الأمن ضد إسرائيل

بيروت – شهدت الساعات الأخيرة غضبا واسعا بالأروقة الرسمية اللبنانية إثر ورود معلومات عن اعتقال قوة كوماندوز بحرية إسرائيلية عنصرا رفيعا في حزب الله في مدينة البترون الساحلية في شمال البلاد، ووصل الأمر إلى حد التوجيه برفع شكوى ضد إسرائيل أمام مجلس الأمن على خلفية ذلك.
وألمح وزير لبناني إلى مسؤولية قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) عن عملية اختطاف المواطن "عماد فاضل أمهز"، حال ثبت أنها تمت عبر التسلل بحرا، لأن القوة الأممية من يتولى مسؤولية مراقبة شواطئ لبنان، وفق مقتضيات قرار مجلس الأمن رقم 1701.
وبينما قالت إسرائيل إنها اعتقلت مسؤول عسكري في "حزب الله" وضابط بحري بالجيش اللبناني، لم يصدر عن الحزب تأكيد أو نفي بالخصوص.
ونفى لبنان رسميا صحة ادعاءات إسرائيل بأن يكون المعتقل ضابطا بالجيش، مؤكدا أن المختطف قبطان بحري مدني.
وبداية القضية، جاءت عبر إعلانات من إعلام عبري غير رسمي عنها صباح السبت. إذ كشفت صحيفة "معاريف"، نقلا عن "مصادر أجنبية" دون تسميتها، أن قوة كوماندوز بحرية إسرائيلية نفذت مداهمة من البحر باتجاه العمق اللبناني شمالا، و"اعتقلت" مسؤولا كبيرا في القوات البحرية لـ"حزب الله"، وهو في الوقت نفسه ضابط في البحرية اللبنانية.
ونقلت "معاريف" عن المصادر قولها إن "وحدة الكوماندوز البحرية الإسرائيلية شايطيت 13، وصلت إلى عمق 200 كيلومتر داخل لبنان تحت حماية سفن وصواريخ إسرائيلية، وغادرت الساحل باستخدام سفن سريعة".
وأشارت إلى أن "المداهمة، التي نفذتها قوة قوامها 25 جنديا إسرائيليا، فجر الجمعة، استهدفت المسؤول العسكري في حزب الله، الضابط في البحرية اللبنانية عماد فاضل أمهز".
وسرب إعلام عبري مشاهد لعملية الاعتقال.
وبعد صمت إسرائيلي رسمي لعدة ساعات، قال الجيش الإسرائيلي إنّ "وحدة الكوماندوز البحري (شايطيت 13) اعتقلت "عنصرا رفيعا من حزب الله يمتلك معرفة واسعة في المجال البحري"، دون الكشف عن اسمه.
وتوعد الجيش في بيان، بـ"العمل على أسر عناصر بارزة في حزب الله أينما استطاع".
ومن دون الكشف عن هوية اللبناني المختطف، قالت الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية أن الأحداث جرت فجر الجمعة في منطقة البترون الواقعة على بعد نحو خمسين كيلومترا شمال بيروت.
وأوردت الوكالة أن "أهالي المنطقة أفادوا بأنّ قوة عسكرية" قامت بتنفيذ "عملية إبرار (إنزال بحري) على شاطئ البترون".
وأضافت أن القوة "انتقلت بكامل أسلحتها وعتادها إلى شاليه قريب من الشاطئ، حيث اختطفت لبنانيا كان موجودا هناك، واقتادته إلى الشاطئ، وغادرت بواسطة زوارق سريعة إلى عرض البحر".
وكذلك، أفاد مصدر مطلع على الملف بأنّ الرجل المختطف كان يتدرّب في معهد العلوم البحرية والتكنولوجيا (مرساتي) وهو في الثلاثينات من عمره، موضحا أنّه كان في المراحل التعليمية الأخيرة قبل حصوله على شهادة قبطان بحري.
وأضاف أنّه يتردّد إلى المعهد منذ فترة طويلة في إطار دراسته، مشيرا إلى أنه كان يقيم في السكن الجامعي.
وقبل أن تتوارد ردود الفعل الرسمية الغاضبة في لبنان إزاء الحدث، أكد وزير الأشغال العامة والنقل علي حميه، صحة عملية الاختطاف، لكنه نفى أن يكون ضابطا في الجيش اللبناني.
وقال عبر بيان، إن المُختطف يدعى عماد أمهز، و"هو ضابط مدني بحري (قبطان)".
وألمح الوزير حميه، إلى مسؤولية قوة اليونيفيل عن عملية اختطاف المواطن اللبناني.
وأضاف موضحا أن عملية اختطاف أمهز، تمت على بعد 100 متر من مكان سكنه، وفي حال ثبت أنّ الاختطاف تم عبر الإنزال البحري، فأين تطبيق القرار 1701؟".
وأكد الوزير اللبناني على أن "هناك تواصلا مع اليونيفيل، لأن الشواطئ اللبنانية مراقبة منها (وفق القرار 1701)، فمهمة اليونيفيل هي مراقبة الشاطئ اللبناني بشكل دوري من بلدة الناقورة (جنوبا) إلى بلدة العريضة (شمالا)".
ويدعو القرار 1701 الصادر في 11 أغسطس 2006 إلى وقف كامل للعمليات القتالية بين لبنان وإسرائيل، آنذاك، وإنشاء منطقة خالية من السلاح والمسلحين بين الخط الأزرق (الفاصل بين لبنان وإسرائيل) ونهر الليطاني جنوبي لبنان، باستثناء القوات التابعة للجيش اللبناني وقوات "اليونيفيل".
وبدورها، نفت اليونيفيل، أي علاقة لها بأي عملية اختطاف في لبنان.
وقالت نائبة الناطق باسم اليونيفيل كانديس أرديل، في بيان، إن "اليونيفيل ليس لها أي علاقة في تسهيل أي عملية اختطاف أو أي انتهاك آخر للسيادة اللبنانية".
من جهته، طلب رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي من وزارة الخارجية تقديم شكوى عاجلة إلى مجلس الأمن الدولي، وفق ما جاء في بيان لمكتبه أوضح أن الجيش وقوة اليونيفيل يجريان تحقيقات في الموضوع.
وظلت مدينة البترون ذات الغالبية المسيحية إلى الآن في منأى من القصف الإسرائيلي المدمّر الذي يستهدف بشكل رئيسي معاقل حزب الله في جنوب وشرق لبنان والضاحية الجنوبية لبيروت.
ومنذ 23 سبتمبر، أسفرت الغارات الإسرائيلية على لبنان عن مقتل أكثر من 1900 شخص، وفقا لتعداد يستند إلى بيانات وزارة الصحة اللبنانية.
وقال الجيش الإسرائيلي إن 37 عسكريا قتلوا في لبنان منذ بدأ العمليات البرية في 30 سبتمبر.