عملة بتكوين المشفرة تتخطى للمرة الأولى عتبة المئة ألف دولار

لندن - تخطى سعر عملة بتكوين الرقمية الخميس عتبة المئة ألف دولار للمرة الأولى في تاريخها، بدفع من الآمال المعقودة على قُرب عودة الرئيس الجمهوري السابق دونالد ترامب إلى البيت الأبيض وتوقّع إقراره تشريعات أكثر مرونة في مجال العملات المشفّرة. ويواصل تأثير ترامب تعزيز أهم عملة رقمية من حيث القيمة مع تداول بتكوين عند أكثر بقليل من 103.8 ألف دولار، وهو رقم قياسي.
ويساهم هذا المستوى، الذي لم يكن من الممكن تصوره قبل 16 عاما عندما أنشئت العملة، في منح مصداقية أكبر لقطاع الأصول الرقمية الذي يكون في بعض الأحيان موضع جدل ويرى في عودة ترامب إلى البيت الأبيض فرصة ذهبية، خصوصا أن إيلون ماسك إلى جانبه.
وكان ترامب قد وصف العملات الرقمية خلال ولايته الأولى بأنها نصب واحتيال، لكنّ موقفه تغيّر بالكامل في هذا الشأن، حتّى أنه أطلق عملته الرقمية الخاصة، متعهّدا بجعل الولايات المتحدة “العاصمة العالمية لبتكوين والعملات الرقمية.” ونتيجة لذلك ارتفعت قيمة هذه العملة الرقمية بأكثر من 46 في المئة منذ فوز ترامب في الانتخابات الرئاسية التي أجريت قبل شهر.
وأتى هذا الارتفاع في سعر بتكوين بعيد إعلان ترامب أنّه سيعيّن فور توليه منصبه في العشرين من يناير المقبل المحامي الجمهوري بول أتكينز، المؤيد لتطوير العملات الرقمية، رئيسا لهيئة تنظيم الأسواق المالية.
وقال ستيفن إينيس، من مجموعة أس.بي.آي أسيت مانجمنت، لفرانس برس إن “هذا التعيين الإستراتيجي أدى إلى تحريك مجتمع العملات الرقمية، معززا التفاؤل بشأن إطار تنظيمي أكثر ملاءمة” و”نهج متساهل تجاه سوق الأصول الرقمية المزدهرة.”
وفي العام الماضي انتقد أتكينز علنا مسؤولي هيئة الأوراق المالية والبورصة الأميركية، قائلا إنه كان عليهم أن يكونوا “أكثر تكيفا” مع شركات “العملات الرقمية”، وأشار إلى أن الأسلوب الذي ينتهجونه يؤدي إلى إبعاد رواد الأعمال عن السوق الأميركية.
وقال ترامب على منصته للتواصل الاجتماعي تروث سوشل “يدرك بول أن الأصول الرقمية ضرورية لجعل أميركا أعظم مما كانت عليه” في أي وقت مضى. وسيخلف بول أتكينز الديمقراطي غاري غينسلر الذي أعلن استقالته في نهاية نوفمبر الماضي بعد فوز ترامب في الانتخابات الرئاسية.
وأوضح سامر حسن محلل الأسواق في منصة إكس.أس كوم أنه فيما استؤنفت المضاربة بعد عطلة عيد الشكر، فإن احتمال تخفيف القواعد التنظيمية يغذي “الأمل في رؤية العملات الرقمية تندمج في الحياة الاقتصادية بشكل أعمق.”
وكذلك قد يغذي هذا الارتفاع الكبير في قيمة بتكوين احتمال قيام دونالد ترامب بإنشاء وزارة مخصصة للعملات الرقمية، وفق كاثلين بروكس، الخبيرة في مجموعة إكس.تي.بي المالية.
وقالت لفرانس برس “هل يكون (دونالد ترامب) الرئيس الذي يسمح بأن تصبح العملات الرقمية معممة، وهل سيتمكن الأميركيون من استخدامها لدفع ضرائبهم؟ هناك فرصة أكبر لحدوث ذلك.”
في العام 2021 كانت السلفادور أول بلد يتبنى عملة بتكوين كعملة قانونية. وكان ترامب تطرّق خلال حملته الانتخابية إلى فكرة إقامة احتياطي وطني إستراتيجي من بتكوين، وقد حظي خلال حملته بدعم مجموعات ناشطة في مجال العملات الرقمية.
وشهدت الكثير من العملات الرقمية والشركات العاملة في هذا القطاع ارتفاعا حادا في أسعارها بعد الانتخابات الأميركية، مثل مزود خدمة بتكوين مايكروستراتيجي ومنصة التبادل كوين بايس.
وكذلك شهدت عملة دوجكوين الرقمية التي أطلقت بداية على سبيل المزاح والتي أصبح ماسك، رئيس شركتي إكس للأقمار الاصطناعية وتسلا للسيارات الكهربائية، مفتونا بها منذ العام 2019، ارتفاعا في قيمتها. وللمفارقة، عيّن ترامب ماسك لرئاسة لجنة الكفاءة الحكومية الجديدة، واسمها المختصر باللغة الإنجليزية هو “دوج”.
وترتكز بتكوين، التي ولدت في العام 2008 وكان الغرض منها في البداية التهرّب من رقابة المؤسسات المالية التقليدية، على تقنية سلسلة الكتل (بلوكتشين) التي تقوم مقام سجل افتراضي غير قابل للتزوير يحفظ أثر كلّ الصفقات المبرمة.
وتسعى الهيئات الناظمة إلى سدّ الثغرات القانونية المحيطة بهذه الأصول الرقمية التي غالبا ما كانت موضع جدل ومازالت تعتبر من الوسائل المستخدمة لغسل الأموال أو الاحتيال على أفراد.
واليوم تسعى عملة بتكوين لأن تكون أكثر تداولا ومصداقية، فبالإضافة إلى تجربة السلفادور، تليها جمهورية أفريقيا الوسطى، يقبلها بعض التجار كوسيلة للدفع، كما فعل ماسك مع سيارات تسلا الخاصة به قبل أن يتراجع عن قراره لاحقا.