عمانيان يشكلان الضوء "من الألف إلى الياء"

اختتم مؤخرا بمحافظة ظفار العُمانية معرض تشكيلي ثنائي لنصر سامي وأحمد سالم الجحفلي، والمعنون بـ”الضوء من الألف إلى الياء”. وعن أعمال معرضه الأول، يقول الفنان التشكيلي والشاعر العماني نصر سامي “اللوحات العشرون هي نتيجة عمل ثلاث سنوات، وبحث يتجاوز ذلك بكثير، أغلب أعمالي تدور حول الجسد، والمكان، وتحتوي على عناصر قليلة لا تتجاوز الإنسان والشجر في الغالب، وتسيطر على فضاء اللوحات الخطوط الملوّنة العرضية، مع خطوط أخرى تكون مقحمة لتوضيح مكوّن من المكوّنات أو تدقيق علامة”. مستحضرا في ذلك كمثال على ما يقول، لوحته “حواء” التي أعطى فيها للخطوط المجال كلّه، هي خطوط رهيفة دقيقة ملوّنة، ثمّ بالخط الأبيض يدقّق بعض المكونات لتظهر بشكل غائم المرأة بشعرها الطويل الذي تلعب به الرياح، وجسدها الذّي لا يبدو واضح التفاصيل، إذ ركّز على رسم دواخلها وما توحي به، وفي الخلف تبرز شجرة محاطة بالضوء.
بينما في لوحته “آدم”، وعلى الرغم من أنها رسمت تقريبا بذات التقنية ونفس الفكرة، مع إضافة بعض الرموز في الخلفية، حيث تظهر شجيرتان صغيرتان ملفوفتان في الضياء، بدا الجسد وكأنه يسبح في الخطوط، دون ملامح خاصة، إذ أكّد تركيزه على الدواخل باستعمال اللون الأسود في الرأس، دون بقية الجسد.. وغرق الجسد في تلوينات قويّة مخبرا عن الإنسان في كلّ حالاته، وهو يتحمّل عبء السنين وعبء الحضارات.
وهكذا هي بقيّة أعمال المعرض، في محاولة للاستعاضة عن التعبير الصريح الواقعي بطريقة تستحضر الواقعي، لكنها تحاول تعميقه باتجاه الدواخل المخبّأة.
بالنسبة لسامي، فإن الفن التشكيلي كان مسألة تراكمية بدأها من تلك الرسومات التي خطها على كراسات الدراسة، وقد أوضح لنا أنه وبمرور الوقت استقامت له الأمور، وصار بإمكانه أن يرسم بيديه ما يريده تحديدا، وتحكّم بوسائله، وكانت الأعمال اللّاحقة تحظى باهتمام متزايد على الفيسبوك مع تعاظم السؤال من الجميع: ما هي تقنيتك؟ كيف تنفّذها؟ ما اسم هذا النّوع؟.
الجحفلي شارك في المعرض بعشرين لوحة بطريقة التصوير الفوتوغرافي، لأماكن من السلطنة وأشياء متنوعة فيها
ويضيف شارحا “في الفيسبوك روّجت أعمالي أوّلا وبطلب من المبدعين كانت بعض اللوحات أغلفة للعديد الكتب الشعرية والسّردية في تونس، كما استعملتها في تصميم خلفيات وفي معلقات كان تنفيذها جميلا عند طبعه الورقي، وتغيّر الأمر تماما حين تعرّفت على مصوّر فوتوغرافي كان له استوديو، رأى أعمالي واقترح عليّ فكرة طباعتها وتنفيذها على أحجام متوسطة وكبيرة على القماش وعلى الكانفاس، فجرّبت، ولم تكن النتيجة نهائية، إذ احتاج الأمر إلى تدخّل على العمل المطبوع، والعودة من جديد إلى المواد والخامات اليدوية”.
ويسترسل موضحا “لكنّني هنا أيضا لم أستسلم وعدت إلى العمل، وطوّرت فكرتي، إلى أن تخليت أيضا عن العرض بشكله القديم، فما أقوم به لا يعرض ورقيا، بل بطريقة العرض الضوئي، ولما كان ذلك متعذّرا، حيث كنت أقيم، قرّرت أن أنفّذ بعض المعارض بمادة الورق أو الكانفاس أو القماش.. في انتظار إيجاد فضاء لعرض أعمالي بالطريقة الحقيقية التي فكرت فيها”.
ولم ينس سامي أن يشير إلى أن الجحفلي يشاركه المعرض بعشرين لوحة بطريقة التصوير الفوتوغرافي، لأماكن من السلطنة وأشياء متنوّعة فيها.. التقطها بشاعريّة قوّية وبقدرة عالية على تثبيت ما يغيّره الزّمن كلّ يوم، وأغلب أعماله تتناول المكان: أودية، جبال، طرق ومسارب مائية أو أحواض أو آثار، كما تطرق إلى بعض الحيوانات مثل الجمل وصوّر بعض النباتات، حيث تبدو الصورة التشكيلية لديه في صراع مع الزمن، إذ أن جميع التقاطاته صعبة جدا، وفي أزمنة دقيقة.