عمالقة وادي السيليكون يتجاهلون الضغوط ويمضون قدما في التوسع

واشنطن – يواجه عمالقة التكنولوجيا الأميركية ضغطا متناميا من السلطات التي تهدد بإرغامهم على وقف نشاطاتهم أو الحد منها، لكنهم مع ذلك يواصلون تحقيق نتائج مالية قوية.
وسجلت آبل وفيسبوك وأمازون وألفابت المجموعة الأم لغوغل مرة أخرى أعلى مستوياتها على الإطلاق في الأسابيع الأخيرة، بدفع من أرباح قياسية سجلتها في الربع الثاني من 2021. وتتخطى القيمة لكل منها تريليون دولار، حتى أن آبل تجاوزت عتبة تريليوني دولار.
وخلال عام واحد ازدادت قيمة ألفابت بنسبة 80 في المئة، فيما بلغت الزيادة 40 في المئة لفيسبوك و30 في المئة لآبل، أما أمازون فهي مستقرة نسبيا بعدما سجلت أعلى مستوياتها على الإطلاق في يوليو الماضي.
في المقابل لا تزال مايكروسوفت التي تتجاوز قيمتها أيضا التريليون دولار حاليا خارج رادارات الهيئات الناظمة.
ومع ذلك تبنت حكومة الرئيس الأميركي جو بايدن موقفا أكثر حزما مع هذه الشركات الكبيرة، لاسيما من خلال تعيين شخصيات معروفة بانتقادها للشركات العاملة في هذا القطاع ضمن الهيئة الأميركية للمنافسة (أف.تي.سي).
وتولت القانونية لينا خان رئاسة هذه الهيئة في يونيو الماضي، وهي امرأة تبلغ 32 عاما معروفة بعدائها لسياسات الاحتكار المعتمدة من منصات التكنولوجيا الرئيسية.
ووجهت مرارا انتقادات كثيرة إلى هذه المجموعات العملاقة بينها ما يتعلق بهيمنة غوغل وآبل على سوق تطبيقات الأجهزة المحمولة ونقص المنافسة في سوق الإعلان الرقمي الذي تهيمن عليه فيسبوك وغوغل والظروف غير العادلة للبائعين المستقلين على موقع أمازون.
وقد تؤدي دعاوى “أف.تي.سي” القضائية بشأن منافسات ضارة بالمنافسة إلى إجبار فيسبوك على الاستغناء عن إنستغرام وواتساب.
لكن رغم الخطاب الصارم والاتفاقات المالية في منازعات مكافحة الاحتكار في الولايات المتحدة وأوروبا، لم تشهد شركات التكنولوجيا الكبرى تباطؤًا في زخمها.
وفي الوقت عينه، تمكنت هذه الشركات من الاعتماد على دعم غير متعمد من الحكومة الصينية التي شنت حملة قمع قوية على أكبر الشركات الوطنية المدرجة في البورصة.
ونسبت وكالة الصحافة الفرنسية إلى دانيال آيفز المحلل في شركة ويدبوش سيكيوريتيز قوله إن “هذه الحملة كانت قوية للغاية إلى درجة أنها قادت المستثمرين من قطاع التكنولوجيا الصينية إلى التكنولوجيا الأميركية”.
وعلى المستويين القانوني والتشريعي، يرى المراقبون أن أي إجراء تتخذه السلطات قد يستغرق سنوات حتى يستحيل واقعا كما قد يشكل موضع طعون.
ويقول دانيال نيومان المحلل في فيوتوروم ريسرتش إنه بالنظر إلى الإجراءات التشريعية المثيرة للجدل المطلوبة لإنزال عقوبة كهذه، فإن حصول “انشقاقات في صفوف مثل هذه المجموعة يكاد يكون مستحيلا”.
وهذا الأمر يصح بشكل خاص في ظل الانقسامات الكبيرة في الكونغرس، وفق دان إيفز الذي يقول إنه “طالما أن المستثمرين لا يلمسون إجماعا على قواعد مكافحة الاحتكار المقترحة سيرون في ذلك خطرا معتدلا (على الشركات) وبالتالي سيستمرون في الاستحواذ على أسهم التكنولوجيا”.
ويقول نيومان إن المخرج الأكثر ترجيحا يتمثل في فرض غرامات بالمليارات من الدولارات على هذه الشركات التي ستتكيف في الوقت عينه مع التغييرات التشريعية. ويشير إلى أن هذه الشركات تملك “موارد ومعرفة بالقطاع أكثر من الهيئات الناظمة”.
وتساند تريسي لي من شركة الاستثمار كابيتال غروب موقف نيومان، ولكنها عبرت عن اعتقادها أن هذه الشركات معرضة بشدة لأنظمة خصوصية البيانات والإشراف على المحتوى.
ومع ذلك فتريسي رأت عبر مدونتها أن “المخاوف بشأن الخصوصية أو المحتوى قد تقوي هذه الشركات بدلا من إضعافها”، إذ “غالبا ما يكون لديها بروتوكولات قائمة كما تملك موارد أكبر لمقاربة مسائل السرية والقانون”.
ومن الاختلافات الرئيسية بين الهيئات الناظمة والمنصات الكبيرة هو أن الأخيرة قادرة على الابتكار بسرعة فيما تعاني المؤسسات الناظمة من بطء دورها الرقابي.
وتستعد فيسبوك على سبيل المثال لمستقبل لن تهيمن عليه الشبكات الاجتماعية بل ما يُعرف بالـ”ميتافيرس” حيث سيُدمج الحقيقي بالافتراضي بفضل تقنيات الواقعين الافتراضي والمعزز.
وقد يكون للتغييرات التنظيمية “تأثير كبير” على المجموعة، بحسب المحلل المستقل إريك سيوفيرت “لكن حجم فيسبوك ومسار نمو الإعلان الرقمي يجعلان ذلك أسهل”. ويضيف “منجم الذهب أبعد ما يكون عن النفاد”.
وبشكل عام استفادت هذه الشركات من قاعدتها للنمو بشكل أكبر خلال الجائحة من خلال تقديم خدمات مبتكرة للمستهلكين.
ويلاحظ نيومان قائلا “لقد أصبح من الصعب للغاية على الوافدين الجدد الاختراق”. وبالنسبة إلى المستثمرين هذا يعني أنه “لا يمكن لأي جهة أخرى إضفاء قيمة بهذه السرعة”.