عمالقة أوروبا تطلق العنان للمدربين الشبان

إدارة ريال مدريد الإسباني تعين الأرجنتيني سنتياغو سولاري بعد إقالة جولين لوبيتيغي و تيري هنري آخر المنضمين إلى قائمة المدربين.
الأحد 2018/11/04
سولاري يقتحم عالم الكبار من بوابة الملكي

انتشرت في الفترة الأخيرة ظاهرة المدربين الشبان، ولا سيما في البطولات العالمية الكبرى. فبعد نجاح العديد من التجارب والتي كانت أبرزها على الإطلاق تجربة المدرب الإسباني بيب غوارديولا مع أعتى الفرق الأوروبية، قرر بعض كبار القارة العجوز منح الثقة لمدربين شبان للإشراف على المقاليد الفنية، وكان آخر هذه الفرق العملاق الإسباني ريال مدريد الذي أقال جولين لوبيتيغي وعين الأرجنتيني سنتياغو سولاري بديلا له. لتبقى هذه الظاهرة تتأرجح بين رافض ومؤيد.

تونس - قررت إدارة ريال مدريد الإسباني إقالة جولين لوبيتيغي وتعيين نجم الفريق السابق سانتياغو سولاري خلفا له. كان موسم 2018 هو العام الأفضل للوبيتيغي طوال مسيرته التدريبيه، فخلاله وصل مع منتخب إسبانيا إلى كأس العالم 2018 بعد أن أبدع وأقنع وتصدر المجموعة القوية التي تواجد بها منتخب إيطاليا، ووصل إلى مقعد قيادة ريال مدريد خلفا لنجمه كلاعب ومدرب زين الدين زيدان.

وأعلن الملكي خبر إقالة لوبيتيغي في 29 أكتوبر 2018، وعين لاعب البلانكوس السابق ومدرب فريق الشباب سانتياغو سولاري مؤقتا بدلا منه، وكانت هذه النهاية المأساوية الحقيقية لطموح صاحب الـ52 عاما، فبعد أن وصل إلى القمة بتدريبه منتخب إسبانيا ثم الملكي، استيقظ على واقع الإقالة الأليم من المقعد الذي ضحى لأجله بقيادة الماتادور في المحفل الأقوى في عالم كرة القدم؛ كأس العالم 2018.

الغالبية لا تعلم الكثير عن سانتياغو سولاري الذي تولى قيادة ريال مدريد مؤقتا إلى حين البحث عن مدرب جديد، لكن هذا لن يستمر بعد قراءة الأسطر التالية التي سنتعرف فيها على المدرب الأربعيني للميرينغي، وسنتعرف أيضا على طريقة لعب البلانكوس المتوقعة تحت قيادته.

سولاري هو مدرب كرة قدم أرجنتيني الجنسية، ولد في مدينة روساريو في 7 أكتوبر 1976، وسبق له لعب كرة القدم في العديد من الفرق أبرزها ريال مدريد والإنتر، وكان يتميز باللعب في أكثر من مركز في الملعب، لكن مركزه الأفضل كان في الرواق الأيسر.

وبدأ النجم الأرجنتيني عشق كرة القدم مبكرا، وكانت بدايته في فريق جامعة ستوكتون الأميركية عندما كانت عائلته تعيش في الولايات المتحدة، ووقتها لم يكن يبلغ من العمر إلا 8 أعوام فقط. لم يستمر الطفل الأرجنتيني عاما واحدا في فريق الجامعة الأميركية، حيث عادت عائلته إلى أرض الوطن فالتحق بفريق نيولز أولد بويز الذي أخرج العديد من المواهب في كرة القدم من أبرزهم الأسطورة الحية ليونيل ميسي نجم برشلونة الحالي، وقضى صاحب الـ42 عاما موسما واحدا في فريق البرغوث السابق قبل أن ينتقل إلى فريق ريناتو تشيزاريني خلال موسم 1995-1996.

وشهد عام 1996 مرحلة جديدة في حياة سولاري، حيث انضم إلى الكبير ريفر بليت الذي أشركه لأول مرة مع الفريق الأول في 12 مايو من نفس السنة، ومنذ اللحظة الأولى ظهرت موهبة الشاب البالغ 20 عاما وقتها وأصبح أحد ركائز الفريق حتى رحيله بحثا عن مغامرة جديدة في 1998.

سانتياغو سولاري حصل على 16 لقبا طوال مسيرته، وبدأ فوزه بالألقاب وهو في الـ20 من عمره مع فريق ريفر بليت، حيث حصل في عام 1996 على الدوري الأرجنتيني 3 مرات متتالية عندما كان يلعب على مرتين في الموسم

وبدأ الأرجنتيني حكايته مع كرة القدم الإسبانية في 1999 عندما انضم إلى الكبير العاصمي أتلتيكو مدريد، ولفت الأنظار بقوة فانتقل في الموسم التالي مباشرة إلى ريال مدريد، وقضى هناك 5 سنوات يمكن اعتبارها الأنجح في مسيرته، فخلالها حصل على 7 ألقاب محلية وعالمية.

في عام 2005 قرر سولاري الدخول في تحد جديد، تمثل في انتقاله من الملكي إلى الإنتر الإيطالي الذي كان يحاول بناء فريق ينافس على جميع الألقاب وقتها، وقضى الأرجنتيني في إيطاليا 3 مواسم ثم قرر العودة إلى أرض الوطن، فوجد فريق سان لورينزو فاتحا ذراعيه له فلم يتردد في الانضمام إليه، وبعد أن قضى موسما واحدا انتقل إلى أتلانتي المكسيكي ومنه إلى بينيارول الأوروغواياني الذي اختتم فيه مسيرته في 2011.

ولم يكن سانتياغو سولاري أحد الركائز الأساسية للمنتخب الأرجنتيني في فترة لعبه كرة القدم رغم ارتدائه قميصي ريال مدريد والإنتر، ولم تكن مسيرته الدولية كبيرة حيث بدأت في 1999 وانتهت في 2004، وخلال هذه الفترة لم يظهر إلا في 11 مباراة سجل خلالها هدفا واحدا فقط، كما أنه لم يشارك مع التانغو في أي مسابقة قارية مثل كوبا أميريكا وكأس العالم.

وحصل سانتياغو سولاري على 16 لقبا طوال مسيرته، وبدأ فوزه بالألقاب وهو في الـ20 من عمره مع فريق ريفر بليت، حيث حصل في عام 1996 على الدوري الأرجنتيني 3 مرات متتالية عندما كان يلعب على مرتين في الموسم.

وحقق الأرجنتيني مع ريال مدريد 7 بطولات، ففي موسمه الأول فاز بالدوري الإسباني وكأس السوبر الإسباني، وفي الموسم الثاني حصل على دوري أبطال أوروبا والسوبر الأوروبي والإنتركونتيننتال المعادل لكأس العالم للأندية، وفي موسم 2002-2003 حصل على ثنائية الدوري وكأس السوبر مرة أخرى. وكانت حقبة سولاري مع الإنتر ناجحة أيضا، حيث فاز معه بالدوري الإيطالي 3 مرات على التوالي، وفاز بكأس إيطاليا مرة واحدة، وحصل على السوبر الإيطالي مرتين متتاليتين.

التحدي الأكبر

تعتبر تجربة ريال مع المدرب الصاعد سولاري التحدي الأكبر في الملاعب الأوروبية، فهل يسير الشاب على خطى عمالقة التدريب في العالم؟ لا سيما وأن التجارب السابقة أكدت نجاح جل الشبان الذين أشرفوا على كبار أوروبا على غرار غوارديولا وزيدان وكوتينيو وغيرهم من المدربين الصاعدين.

ولعل ما يكرس نجاح هذه التجارب هو انسياق الفرق الصغرى كذلك وراء تعيين شبان للقيادة الفنية، على غرار فريق هامبورغ المنافس في دوري الدرجة الثانية الذي أعلن تولي هانيس فولف منصب المدير الفني للفريق خلفا لكريستيان تيتز. وكان فولف (37 عاما) قاد شتوتغارت في العام الماضي للعودة إلى دوري الدرجة الأولى، ويأمل هامبورغ أن يكرر معه الإنجاز نفسه عبر أول موسم للفريق في دوري الدرجة الثانية.

لكن العديد من النقاد والفنيين الكبار أكدوا أنهم يشعرون بشيء من الحيرة لدى تلقيه مثل هذه التعيينات، على غرار الأسطورة الألمانية فيليكس ماجات الذي قال في هذا الصدد “أجد صعوبة في استيعاب سبب تعيين مدربي فرق المراحل العمرية، في أندية البوندسليغا”، موضحا أن فارقا كبيرا يفصل بين كرة القدم بقطاعات الناشئين والهواة والمحترفين.

تيري هنري يعتبر آخر المنضمين إلى قائمة المدربين، بعد تواجده الناجح مع منتخب بلجيكا، كمساعد مدرب في كأس العالم الأخيرة، ليتولى منذ عدة أسابيع مسؤولية تدريب موناكو الفرنسي، بعد إقالة ليوناردو غارديم
تيري هنري يعتبر آخر المنضمين إلى قائمة المدربين، بعد تواجده الناجح مع منتخب بلجيكا، كمساعد مدرب في كأس العالم الأخيرة، ليتولى منذ عدة أسابيع مسؤولية تدريب موناكو الفرنسي، بعد إقالة ليوناردو غارديم

وأضاف ماجات “ترون كيف يفكر رؤساء الأندية في اتخاذ القرار إذا احتاج أحدهم إلى جراحة في القلب؟ هل سيفكرون في طبيب شاب تخرج حديثا بتفوق أم بطبيب يتمتع بخبرة وجراح أجرى العملية ألف مرة من قبل؟”.

ويعد فولف، المدرب السابق لفريق الناشئين بنادي بوروسيا دورتموند، واحدا من عدة مدربين شبان بالأندية البارزة في ألمانيا، إلى جانب دومينيكو تيديسكو (33 عاما) مدرب شالكه وجوليان ناغلزمان (31 عاما) مدرب هوفنهايم وفلوريان كوفيلت (36 عاما) مدرب فيردر بريمن.

مدارس الأساطير

أمام تنامي هذه الظاهرة لا بد من التأكيد على أنها لم تأت من فراغ، بل هي متأتية من وراء تجارب عالمية كبرى، خاصة وأن العديد من أساطير اللعبة أطلقت العنان لأبنائها الذين تخرجوا من مدارسها ليقتحموا عالم التدريب من بوابة الكبار والأمثلة على ذلك كثيرة.

ويعتبر آرسين فينغر، هو المدرب الأسطوري لأرسنال، ليس فقط لقضائه ما يقرب من 22 عاما في النادي الإنكليزي، ولكن لبصمته الواضحة في تاريخ المدفعجية والفوز بالدوري 3 مرات، منها الدرع الذهبي دون خسارة في موسم 2003-2004. ويملك فينغر بصمات إيجابية أخرى في الملاعب، تمثلت في اكتشافه لأكثر من مدرب خلال السنوات الأخيرة، منهم من حقق نجاحات بارزة، ومنهم من لا يزال يكتشف طريقه، ولكن مردودهم يشير إلى إمكانية نجاحهم في المستقبل.

ولعل من أبرز المدربين الذين تخرجوا من مدرسة فينغر هم كلود بويل الذي لعب طوال مسيرته في موناكو الفرنسي، وتمكن من التدرب تحت قيادة فينغر، خلال فترة توليه المسؤولية، في المواسم من 87-1988 إلى 94-1995، بمعدل 216 مباراة في المسابقات، وحصد معه دوري وكأس فرنسا. وتولى بويل بعد ذلك تدريب موناكو، وفاز معه بالدوري في موسم 99-2000، وبكأس السوبر الفرنسي في موسم 2000-2001، وهو يدرب حاليا ليستر سيتي الإنكليزي، وذلك بعد وصوله إلى نهائي كأس الرابطة الإنكليزية مع ساوثهامبتون منذ موسمين.

كذلك يعتبر جيوفاني فان برونكهورست هو أنجح مدرب تخرج من مدرسة فينغر، رغم أنه لم يشارك كثيرا كلاعب تحت قيادته، في ما بين 2004 و2011 في أرسنال، حيث ظهر في 64 مباراة فقط. ولكن مسيرة برونكهورست مع التدريب هي الأنجح، وذلك منذ توليه مسؤولية فينورد الهولندي، منذ موسم 2014-2015، وتمكن من خوض 148 مباراة معه، محققا الفوز في 98، وتعادل في 21 وخسر في 35. واستطاع بورنكهورست مع فينورد، حصد الدوري الهولندي، في موسم 2016-2017، ومرتين الفوز بكأس هولندا في مواسم 2015-2016 و2017-2018، والفوز بالسوبر الهولندي في موسم 2017-2018.

الظاهرة لم تأت من فراغ، بل هي متأتية من وراء تجارب عالمية كبرى، خاصة وأن العديد من أساطير اللعبة أطلقت العنان لأبنائها الذين تخرجوا من مدارسها ليقتحموا عالم التدريب من بوابة الكبار والأمثلة على ذلك كثيرة

ولا ننسى باتريك فييرا الذي يعتبر من أهم اللاعبين تحت قيادة فينغر، خلال فترة تدريب أرسنال، حتى رحيله في موسم 2005 إلى يوفنتوس الإيطالي، وكان عنصرا أساسيا في الحصول على درع بريميرليغ الذهبي للمدفعجية. ومنذ اعتزاله في عام 2011، واتجاهه للعمل الإداري في مان سيتي حتى موسم 2012-2013، ليتولى تدريب فريق الشباب بالنادي حتى موسم 2015-2016، ثم انتقل إلى تدريب نيويورك سيتي الفرع الثاني من مانشستر بأميركا، حتى موسم 2017-2018، ثم بدأ أول خطواته في أوروبا مع قيادة نيس الفرنسي، منذ بداية الموسم الحالي. وكان فييرا من ضمن المرشحين لقيادة آرسنال في الموسم الحالي، بعد رحيل فينغر، وقبل تولي يوناي إيمري المسؤولية.

كذلك مايكل آرتيتا هو اللاعب الذي أصر فينغر على ضمه من إيفرتون، عام 2011، وأعطى ثقلا كبيرا لوسط ملعب أرسنال حتى اعتزاله عام 2016، وكان من العناصر الأساسية للمدرب الفرنسي في المدفعجية. وبعد اعتزاله أصر غوارديولا أن يكون له دور في الجهاز الفني لمان سيتي منذ توليه المسؤولية في موسم 2016-2017، وبالفعل كان له أثر كبير مع بيب في حصد الدوري الإنكليزي وكأس الرابطة والدرع الخيرية. وكان آرتيتا من ضمن الأسماء المرشحة لقيادة أرسنال في الموسم الحالي، قبل الاستقرار على يوناي إيمري.

ويعتبر تيري هنري آخر المنضمين إلى قائمة المدربين، بعد تواجده الناجح مع منتخب بلجيكا، كمساعد مدرب في كأس العالم الأخيرة، ليتولى منذ عدة أسابيع مسؤولية تدريب موناكو الفرنسي، بعد إقالة ليوناردو غارديم. وأصبح تيري ثامن لاعب من منتخب فرنسا الفائز بلقب كأس العالم لعام 1998 يتحول إلى مدرب.

ومن أصل 23 لاعبا ساهموا في تتويج الكرة الفرنسية بأول لقب عالمي في عام 1998 لم يتحول منهم إلى عالم التدريب كمدراء فنيين سوى ثمانية فقط رغم مرور سنوات طويلة على اعتزالهم لعب كرة القدم. ومن أصل ثمانية مدربين لا يوجد منهم سوى خمسة حافظوا على شهرتهم، وهم على مقاعد الاحتياط بعدما حققوا نجاحات كمدربين وتولوا الإشراف على أندية أو منتخبات زادت من شهرتهم.

22