على خطى السلطة.. ماك تتهم "النظام الجزائري" بأنه المتسبب في الحرائق

الجزائر- سار زعيم حركة “ماك” الانفصالية فرحات مهني، المقيم في فرنسا، على خطى السلطة الجزائرية باستدعاء نظرية المؤامرة في تفسير موجة الحرائق التي تجتاح مناطق شرق البلاد بدلا من التعامل معها على أساس أنها امتداد لموجة الحرائق الناجمة عن ارتفاع درجات الحرارة كظاهرة طبيعية في دول المتوسط.
ولم يتوان مهني في اتهام ما أسماه بـ”النظام الجزائري الاستعماري، الذي يريد الانتقام من منطقة وسكان القبائل بسبب دعمهم لخيار الاستقلال”، وهو الموقف الاستباقي تحسبا لأي اتهام من السلطة لعناصر التنظيم بالوقوف مجددا وراء الحرائق.
وتضغط الحرائق على السلطة هذه السنة لكونها تسبق الانتخابات الرئاسية التي يحرص النظام على مشاركة سكان القبائل فيها بقوة وعدم مقاطعتها استجابة لدعوات ماك.
واكتفت السلطات الجزائرية بتقديم حصيلة الأضرار التي خلفتها الحرائق المندلعة منذ أيام، وشملت العديد من المحافظات، دون أي إشارة إلى وجود مؤامرة.
الحرائق تضغط على السلطة لكونها تسبق الانتخابات التي يحرص فيها النظام على مشاركة سكان القبائل بقوة
وسمح مناخ الشكوك السائد في البلاد بتوظيف غير معلن للحرائق في الأجندة السياسية، خاصة وأن انتخابات الرئاسة من المقرر أن تجرى بعد أسابيع قليلة فقط، حيث عادت الاتهامات والاتهامات المضادة بين الطرفين إلى الواجهة، بعد موقف حركة ماك وانتقاد الإدارة على فشلها في وضع خطة عملية ذات جدوى، خاصة وأن الأمر صار عاديا في السنوات الأخيرة.
ورغم أن الحرائق أصبحت تتكرر كل صيف مازالت السلطات تعتمد الأسلوب التقليدي في عمليات الإطفاء دون وضع خطط استباقية، وهو ما يثير غضب سكان المناطق المتضررة بقطع النظر عن مواقف السلطة أو المعارضة.
وتكرر سيناريو العام الماضي والذي قبله بتفاصيله، حيث فشلت السلطات في الاستعداد لمواجهة سلسلة الحرائق التي كانت متوقعة بسبب موجة حرارة الطقس في منطقة المتوسط.
وقال الناشط السياسي المعارض كريم طابو، المنحدر من منطقة القبائل، “شهد هذا الأسبوع حرائق مدمرة في عدة مناطق من البلاد وخاصة في منطقة القبائل، هذه المنطقة الجريحة والمشهورة بالتزامها الدائم لصالح الديمقراطية، والمعروفة باستقلاليتها السياسية عن السلطة في الجزائر العاصمة، ها هي من جديد تتعرض لحرائق إجرامية، أدت إلى أضرار مادية جسيمة وكارثة بيئية، تعرض تنوعها البيولوجي للخطر”.
وأضاف طابو في تدوينة له على فيسبوك “على الرغم من صرخات الاستغاثة والقلق المعبر عنه بشدة حول مخاطر الحرائق، وفضلا عن ضرورة وضع خطة طوارئ ووقاية وتدخل ضد حرائق الغابات، فقد ظلت الإدارة خاملة وصامتة. أما المواطنون الذين يفتقرون إلى الوسائل، فقد وجدوا أنفسهم مجبرين على اللجوء إلى أساليب بدائية وغير فعالة للتعامل معها”.
ولا تزال موجة النيران مستمرة في العديد من الأرياف والغابات في منطقة القبائل، رغم جهود الأجهزة المختصة لإطفائها والتقليل من حجم الخسائر؛ فإلى جانب وحدات الدفاع المدني انضمت وحدات دعم من الأمن والجيش، فضلا عن طائرات الإخماد التي دخلت الخدمة خلال الصيف الحالي.
ولم تسجل خسائر بشرية إلى حد الآن في المناطق المتضررة، عكس حرائق عام 2021 التي راح ضحيتها 90 شخصا، حسب تقرير رسمي، بينما تحدثت تقارير مستقلة عن تسجيل 200 ضحية.
وعاد الناشط كريم طابو، الموجود تحت الرقابة القضائية بسبب مواقفه المناوئة للسلطة، إلى المقارنة في منشوره بين ظروف تنظيم زيارة الرئيس عبدالمجيد تبون إلى محافظة تيزي وزو من جهة، والإمكانيات المادية والبشرية واللوجستية التي أعدتها الحكومة لمواجهة الحرائق التي تلتهم المنطقة، من جهة أخرى.
وقال “هكذا، ومن أجل عدم المجازفة وفي مواجهة كل هذه الصعوبات في التعبئة لهذه المهزلة، لجأت الإدارة إلى الممارسات القديمة للحزب الواحد، والمتمثلة في الحصول على مساعدة بسعر جيد من هنا وهناك؛ الأمر الأساسي بالنسبة إلى مسؤولي الإدارة المحلية وأتباعهم هو إنجاح الحدث، وبالتالي تأمين الموافقة والتأييد السياسي والإداري للدوائر العليا”.
وأضاف “على أية حال، وبعيدا عن الحسابات الانتخابية التافهة، والتي لا تثير الاهتمام إلا لدى السلطة وزبائنها، فإن البلاد بأكملها تعطي صورة عن مدينة مهجورة؛ نقص في المياه، حرائق، أزمة اجتماعية خانقة، انتشار للمخدرات، هروب جماعي للحرّاقة (الذين يهاجرون بطريقة غير نظامية)، لا تثير أي قلق، بل على العكس من ذلك هي وسيلة تستخدم للابتزاز والفساد السياسي”.
وتحدثت تقارير محلية عن سيطرة عناصر الإطفاء على معظم الحرائق التي كانت قد اندلعت في تيزي وزو وبجاية في منطقة القبائل، لكن ذلك تطلب إجلاء عشرات العائلات إلى مناطق آمنة، في حين سجلت خسائر فادحة في الممتلكات الزراعية والعقارية والمواشي والدواجن.
وقال الناطق الرسمي باسم قوات الدفاع المدني (الحماية المدنية) نسيم برناوي، لوسائل إعلام، إن “الوضع تحت السيطرة، مع بقاء بعض الحرائق مشتعلة في مناطق يصعب الوصول إليها”.
وحسب المتحدث تمت “تعبئة أكثر من 800 إطفائي و187 عربة تدخل وسبع طائرات لمكافحة الحرائق التي أتت على بساتين زيتون ومساحات زراعية واجتاحت مزارع للدواجن والنحل وبعض المنازل”.