علاقة قطر بمصر تحسنت.. علاقة الجزيرة ظلت على حالها

مع كل برنامج يتناول الشأن المصري الداخلي تثبت المحطة أنها لم تعترف بعد بما حدث من تغير في العلاقات بين الدوحة والقاهرة.
الاثنين 2022/04/11
الجزيرة لا تعمل بمعزل عن القيادة السياسية

القاهرة – بدت قناة الجزيرة كأنها لا تعترف بحجم التطور الإيجابي الحاصل في العلاقات السياسية بين مصر وقطر، وتصر من وقت إلى آخر على تقديم ما يعزز ازدواجية يمكن أن تفسد التحسن وتثير الشكوك في التوجهات القطرية، فيما يقول مراقبون إن القناة أداة في يد القيادة السياسية ويصعب تصديق أنها تعيش في جزيرة معزولة.

ومع كل برنامج يتناول الشأن المصري الداخلي تثبت المحطة أنها لم تعترف بعد بما حدث من تغير في العلاقات بين الدوحة والقاهرة، وتصمم على عدم خلع ثوبها القديم الذي ارتدته عندما أسقط المصريون حكم جماعة الإخوان.

وظهر آخر تجليات هذه المعادلة السبت في برنامج يقدمه الإعلامي التونسي محمد كريشان، تعمد تناول المسلسل المصري “الاختيار 3” من منظور سياسي يميل إلى إثارة الغبار حول الرواية الرسمية التي يحملها العمل واتهامه بالانحياز إلى الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، بزعم أنه يقدم سردية “نورانية” عنه، في إشارة تحمل تعاطفا لافتا مع تصورات الإخوان وتتجاهل السرديات التي تتبناها الجماعة.

وتشن المواقع الإلكترونية الإخوانية في مواقع التواصل الاجتماعي حملة منظمة على المسلسل من خلال استهداف بطله الفنان ياسر جلال الذي يجسد دور السيسي، وبدا التقرير الذي أذاعته المحطة قبيل استضافة كريشان للناقد المصري طارق الشناوي على الهواء بعيدا عن الحياد الذي ترفع المحطة شعاره.

الجزيرة لم تقم بتغيير كبير في الخط التحريري يتناسب مع ما تشهده العلاقات السياسية، ولا تزال تستضيف قيادات إخوانية

واشتبك الشناوي مع كريشان عندما أبدى رفضه لسردية الجزيرة واتهمها بالانحياز ضد العمل المصري الضخم وتبني مقدم البرنامج لرواية الإخوان، وهو ما يتنافى مع اقتناع الشناوي بأن العلاقات بين البلدين تطورت سياسيا بما يجعل المحطة لا تعود إلى ألاعيبها السابقة.

وكشف الشناوي تفاصيل الصدام مع قناة الجزيرة في مداخلة له مع برنامج “الحكاية” الذي يذاع على قناة “أم بي سي – مصر” مساء السبت، بما يفيد أنه قبل الظهور على القناة بعد تيقنه من التحسن الملحوظ بين مصر وقطر مؤخرا.

وقال للإعلامي عمرو أديب إنه شاهد تقريرا عن مسلسل “الاختيار 3” عرض قبل ظهوره على الهواء “كله هجوم سياسي وليس فنيا” وكأن مجموعة تنجز مسلسلا ضد الحقيقة والواقع، ما دفعه إلى الرد بصورة أغضبت كريشان، حيث أراد ترك الانطباع السياسي الذي خلفه التقرير دون ما يستوجب الرد عليه بالطريقة نفسها.

ولم تغير قناة الجزيرة جلدها حتى الآن وتصر على الإيحاء بأن الدوحة لم تقدم تنازلات للمصالحة مع القاهرة، وأنها غير معنية أو ملتزمة بما جرى التفاهم حوله بين البلدين، وكلما تطرقت إلى أي قضية من القضايا الداخلية في مصر لا تتورع عن توجيه انتقادات من خلال معالجة إعلامية موجهة سياسيا.

وأشارت مصادر مصرية لـ”العرب” إلى أن هذا التوجه غير خاف على القاهرة، وهناك لجنة رسمية للمتابعة ترصد ما تبثه شبكة الجزيرة وتولدت قناعة بأن المحطة لم تقم بتغيير كبير في الخط التحريري يتناسب مع ما تشهده العلاقات السياسية، ولا تزال تستضيف قيادات إخوانية أو قريبة منها على شاشتها.

وأوقفت الحكومة المصرية موافقة ضمنية سابقة حصلت عليها قناة الجزيرة تفيد بأنها ستعود بموجبها إلى افتتاح مكتبها في القاهرة، حيث استشعرت الجهات الرقابية وجود مسافة واضحة بين ما تبثه المحطة وما وصلت إليه العلاقات السياسية مع الدوحة.

وقامت المحطة بوضع إعلانات ترويجية في بعض شوارع القاهرة أوحت بقرب عودتها إلى العمل من مصر، وأوفدت المذيعة شيرين أبوعاقلة لبث رسائل على الهواء مباشرة من القاهرة، وأزيلت اللافتات الإعلانية ولم تعد أبوعاقلة أو غيرها إلى مصر.

وتؤكد الواقعتان أن مصر غير مرتاحة لأداء قناة الجزيرة، ولن تمنحها تصريحا لمزاولة العمل من أراضيها ما لم تحصل على تطمينات بوجود تغير حقيقي في أداء المحطة.

Thumbnail

وفسرت المصادر ذاتها هذه الازدواجية بأن الدوحة لم تتخل تماما عن أجندتها القديمة، والتحسن في العلاقات مع القاهرة فرضته اعتبارات إقليمية ودولية، وأن جماعة الإخوان متغلغلة في الكثير من وسائل الإعلام القطرية، في مقدمتها الجزيرة التي لم تحجب الكثير من الوجوه المعروفة بميولها الإخوانية، ومن بينها كريشان.

وفي سياق التسجيلات التي أذيعت ضمن أحداث الجزء الثالث هذا العام ورد على لسان القيادي الإخواني خيرت الشاطر بشخصيته الحقيقية وليست تلك التي جسدها الفنان خالد الصاوي اعتراف بأن قناة الجزيرة لعبت دورا مهما في نشر “الفوضى الهدامة” في المنطقة.وتجنب مسلسل “الاختيار 3” الإشارة المباشرة إلى دور قطر وقناة الجزيرة في الأحداث، كما حدث في الجزء الثاني العام الماضي، وظهر ذلك في شخص يرمز إلى أنه مدير مكتب الجزيرة في القاهرة يقوم بتجنيد عملاء لصالح الإخوان.

وتكفي هذه الإشارة للتدليل على أن القاهرة تفهم طبيعة الدور الذي قامت به قناة الجزيرة ولا تزال تقوم به، ويمكن أن تكشف أحداث العمل عن الكثير من التسجيلات التي تثبت تورط المحطة في دعم الإرهاب وجماعة الإخوان، وهي رسالة رادعة لها.

وفضحت الضجة التي أحدثها برنامج محمد كريشان عند استضافته الناقد طارق الشناوي سياسة المكيالين التي تستخدمها قطر ومكنت الجزيرة من استمرار منهجها، وقد تؤدي إلى استنفار الإعلام المصري مرة أخرى بعد أن توقف تماما عن توجيه انتقادات للدوحة منذ دخول المصالحة السياسية حيز التنفيذ.

وفهم متابعون مداخلة الشناوي في برنامج الإعلامي عمرو أديب على أنها رد غير مباشر من الحكومة المصرية على نظيرتها القطرية، يشير إلى شعار “إذا عدتم عدنا”.

2