علاقة بين ضعف السمع لدى كبار السن وتراجع كتلة الجسم

توصل فريق من الباحثين إلى إثبات وجود علاقة بين ضعف السمع لدى كبار السن وتراجع مؤشر كتلة الجسم، ما من شأنه أن يساعد في علاج من يعانون من ضعف السمع وسوء التغذية في نفس الوقت، وأكد الباحثون أنه لا بد من زيادة الدعم الغذائي لهذه الفئة المعرضة للخطر على وجه التحديد.
سان فرانسيسكو (الولايات المتحدة) – رصد فريق بحثي من فنلندا وجود علاقة بين التعرض للضوضاء والإصابة بضعف السمع من ناحية، وبين تراجع كتلة الجسم والوزن مع تقدم العمر من ناحية أخرى.
وتشكل الضوضاء في البيئة المحيطة بالإنسان خطرا على الصحة بشكل عام، حيث يؤدي التعرض للصخب بشكل مستمر إلى الإصابة بضعف السمع أو الصمم، ولكن دراسة جديدة أجراها فريق بحثي من جامعة أولو الفنلندية توصلت إلى احتمال وجود صلة بين التعرض لضوضاء حركة المرور واحتمالات انخفاض الوزن.
وتهدف الدراسة التي أجراها الفريق العلمي تحت رئاسة الباحث يوان هي إلى تحديد العلاقة بين فقد السمع وبنية الجسم، وما إذا كانت هناك صلة بين وزن الجسم والتعرض للضوضاء، في إطار برنامج علمي يحمل اسم “لونج تول بروجيكت”.
واعتمدت الدراسة التي نشرتها الدورية العلمية “سيانتيفيك ريبورتس” على بيانات من بنك المعلومات الحيوية البريطاني “يو.كيه بيوبانك” ودراسات أخرى تتعلق بالهندسة الوراثية، وتركزت على متطوعين تتراوح أعمارهم بين 52 و63 عاما. وتوصلت إلى أن ضعف السمع يمكن أن يؤدي إلى انخفاض كتلة الجسم وتراجع نسبة الدهون في الجسم لدى المنحدرين من أصول أوروبية، على نحو يمكن أن يؤدي إلى تراجع الوزن بصفة عامة.
ضعف السمع يمكن أن يؤدي إلى انخفاض كتلة الجسم وتراجع نسبة الدهون لدى المنحدرين من أصول أوروبية
وأكد الباحث يوان هي أن هذه الدراسة تقدم دلائل على أن كبار السن الذين يعانون من ضعف السمع قد يتعرضون لنقص الوزن وانخفاض نسبة الدهون في الجسم.
وأضاف في تصريحات للموقع الإلكتروني “ميديكال إكسبريس” المتخصص في العلوم الطبية أن “هذا الاكتشاف يعتبر بمثابة تحد بالنسبة لمن يعانون من ضعف السمع وسوء التغذية في نفس الوقت، حيث إنه لابد من زيادة الدعم الغذائي لهذه الفئة المعرضة للخطر على وجه التحديد”.
من جهة أخرى، قام باحثون من جامعة جونز هوبكنز في ماريلاند وجامعة كولومبيا في نيويورك والمعهد الوطني الأميركي للشيخوخة، بإجراء دراسة شملت حوالي 3 آلاف من كبار السن. ونشرت ضمن عدد الخامس والعشرين من يونيو من مجلة جاما الطبية.
ووجدت نتائج الدراسة أنه بالمقارنة مع أولئك الذين يتمتعون بحاسة سمع طبيعية، فإن وجود ضعف السمع مرتبط بارتفاع احتمالات نشوء ضعف في إحدى الوظائف البدنية بشكل ملحوظ (خاصة التوازن)، وبقدرة تحمل منخفضة في المشي لأكثر من دقيقتين سيرا على الأقدام، وبوتيرة أسرع لانخفاض قدرات الوظائف البدنية، وذلك مع مرور الوقت.
وأفاد الباحثون بأن النتائج التي توصلت إليها هذه الدراسة تشير إلى أنه نظرا لأن ضعف السمع هو حالة سائدة ولكن يمكن علاجها، فقد يكون ذلك هدفا للتدخلات العلاجية من أجل إبطاء تدهور الوظائف البدنية المرتبطة بالشيخوخة.
وفي التفاصيل، ووفق ما أفاد به الدكتور بابلو مارتينيز أميزكوا، الباحث الرئيسي من جامعة جونز هوبكنز، فإن الباحثين وجدوا أن ثُلث المشمولين بالدراسة كان لديهم سمع طبيعي، بينما كان 40 في المئة يعانون من ضعف سمعي خفيف، و23 في المئة يعانون من ضعف سمعي متوسط، و4 في المئة يعانون من ضعف سمعي شديد. وعلى مدار حوالي 9 سنوات من المتابعة كحدّ أقصى، لاحظ الباحثون بالمقارنة ارتباط ضعف السمع باحتمالات أعلى لاحقا في حصول انخفاض قدرات الأداء البدني المُركّب وحفظ التوازن وسرعة المشي. وتحديدا، كان لدى الذين يعانون من ضعف في السمع انخفاض أسرع في طاقة الأداء البدني القصير، مقارنة بالمشاركين ذوي السمع الطبيعي.
وقال الباحثون في مقدمة الدراسة “يعد الأداء البدني ضروريا للعيش المستقل، ولكنه يميل إلى التدهور مع تقدم العمر. وضعف السمع يؤثر على ما يقرب من ثلثي البالغين الذين تزيد أعمارهم عن 70 عاما، وهو عامل خطر للعديد من النتائج السلبية على الأداء البدني، وذلك من خلال ضعف المداخلات السمعية التي تساهم في ضبط المشي والتوازن”.
كما تعد علاقة حفظ توازن الجسم (في الحركة والسكون) من جهة، وكفاءة عمل الأذن من جهة أخرى، علاقة وثيقة، ذلك أنه يتم الحفاظ على توازننا من خلال مداخلات بصرية، ومداخلات عصبية من أعصاب العضلات والمفاصل (الركبة والعمود الفقري وغيرهما)، ومداخلات من الجهاز الدهليزي في الأذن الداخلية.
فقدان السمع الذي يحدث تدريجيا مع التقدم في العمر، هو حالة شائعة. فأكثر من نصف الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 75 عاما في الولايات المتحدة مصابون بفقدان السمع المرتبط بالتقدم في العمر
ويقوم جذع الدماغ بمعالجة هذه المداخلات الواردة من تلك المصادر المختلفة، ويُنسق فيما بين نتائجها إن كان ثمة أي اختلاف فيما بينها، ثم يترجمها إلى معلومات مفيدة تعطي الجسم فهما أدق عن الجسم من نواحي: التوازن، وحالة وضعيته في المحيط الذي هو فيه (أي إما الانتصاب أو الجلوس أو الاستلقاء)، وذلك في كل من حالتي: راحة عدم الحركة، وتنقل بذل الجهد. ولذا فإن الدماغ قادر على تنسيق أي تباين في معلومات المداخلات الواردة من تلك المصادر المختلفة، وبالتالي فهو قادر على حفظ توازن الجسم في السكون والحركة.
ولكن عندما تكون ثمة اضطرابات في عمل الأذن الداخلية، يصعب على الدماغ والجسم تحقيق ذلك التنسيق كله، مما قد يؤدي إلى الإحساس بالدوخة أو الدوار أو عدم التوازن وتجدر ملاحظة الفرق الطبي بين كلمتي: الدوخة والدوار، إذ إن “الدوخة” هو مصطلح يستخدم لوصف مجموعة من الأحاسيس الحقيقية، مثل الشعور بالإغماء أو الوهن أو الضعف أو اختلال التوازن. بينما “الدوار” هو الشعور الزائف بأنك أو ما يحيط بك يلفّ أو يتحرك.
وتتكون الأذن الداخلية من جزأين: القوقعة للسمع، والجهاز الدهليزي للتوازن.
ويشير الخبراء إلى أن فقدان السمع الذي يحدث تدريجيا مع التقدم في العمر، والمعروف أيضا بالصمم الشيخوخي، هو حالة شائعة. فأكثر من نصف الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 75 عاما في الولايات المتحدة مصابون بفقدان السمع المرتبط بالتقدم في العمر.
وتوجد ثلاثة أنواع من فقدان السمع:
- فقدان السمع التوصيلي، الذي يتضمن الأذن الخارجية أو الوسطى.
- فقدان السمع العصبي الحسي، الذي يتضمن الأذن الداخلية.
- فقدان السمع المختلط، وهو خليط بين الحالتين.
يمكن أن يسبب التقدم في العمر والتعرض لضوضاء مرتفعة فقدان السمع. ويمكن أن تؤدي عوامل أخرى مثل زيادة شمع الأذن إلى تقليل كفاءة عمل الأذنين لبعض الوقت.
لا يمكن عادة استعادة السمع المفقود. لكن توجد عدة طرق لتحسين ما نسمعه.