علاء عبدالفتاح ناشط مصري حبسه أو خروجه مشكلة للحكومة

القاهرة- بدأت أزمة الناشط السياسي علاء عبدالفتاح تتحول إلى أزمة للحكومة المصرية بعد أن أذاعت أسرته نبأ أفاد بأنه دخل في إضراب عن الطعام وسيتوقف عن شرب الماء مع بدء فعاليات مؤتمر المناخ في مدينة شرم الشيخ المصرية الأحد، لتسليط الضوء على قضيته وطبيعة الاتهامات التي وجهت إليه وقادت إلى معاقبته بالحبس خمس سنوات منذ حوالي عام لنشر أخبار كاذبة.
وأنهت الناشطة منى سيف عبدالفتاح، وهي شقيقة علاء، أخيرا اعتصاما أقامته بالقرب من مقر وزارة الخارجية البريطانية في لندن، وأعلنت حضورها مؤتمر المناخ ضمن وفود حقوقية دولية، والتلويح بفتح ملف شقيقها على هامش المؤتمر.
وتلقت أسرة عبدالفتاح مكالمة هاتفية من وزير الخارجية جيمز كليفرلي أخيرا طمأنها على الاهتمام بالقضية، حيث حصل على الجنسية البريطانية في أبريل الماضي، وهو ما لم يشفع للشاب لدى الحكومة المصرية للإفراج عنه.
◘ إذا استمر حبسه قد يخرج الملف عن السيطرة وتتلقفه جهات لها تحفظات على الأوضاع في السجون
وأكدت تصريحات منى سيف أنها عازمة على الترويج لقضية شقيقها في مؤتمر شرم الشيخ والاستفادة من وجود منظمات حقوقية مختلفة ونشطاء من دول عديدة بغرض إحراج الحكومة المصرية أمام العالم، والتي لم تتجاوب مع مطالبات بالإفراج عنه، على الرغم من أن حياته باتت مهددة بالخطر مع دخوله في إضراب عن شرب الماء.
ويقول متابعون إن القاهرة صعدت سياسيا إلى أعلى الشجرة في ملف علاء عبدالفتاح ولا تعلم كيف تنزل منها بلا خسائر معنوية، فإذا أفرجت عنه قد يبدو الأمر على أنه رضوخ لضغوط خارجية بعد أن زاد الاهتمام بقضيته لدى منظمات ودول متباينة.
وإذا صممت الحكومة على استمراره في الحبس يمكن أن تتعرض حياته للخطر مع دخوله في إضراب شامل، وفي هذه الحالة قد يخرج الملف عن السيطرة وتتلقفه جهات لها تحفظات على الأوضاع الإنسانية في السجون وتستخدمه كدليل على صواب مواقفها السابقة، وتقيم به الحجة على النظام المصري.
ويشير هؤلاء المتابعون إلى أن تسليط الضوء على هذه القضية حاليا يضاعف من مأزق القاهرة، فهي لم توافق على إدراجه ضمن القوائم التي أعلنت لجنة العفو الرئاسي عنها وتم بموجبها إطلاق صراح مئات من المعتقلين، ورفضت الحكومة المصرية التجاوب مع نداءات عدة وجهتها منظمات حقوقية وأحزاب وشخصيات سياسية بشأن الإفراج عن علاء عبدالفتاح في إطار ما تقوم به لجنة العفو.
وجاءت المشكلة من أن الإفراج عنه بعد الحصول على الجنسية البريطانية ربما يفهم على أنه رضوخ لضغوط مارستها لندن على القاهرة بعد اعتصام منى سيف بالقرب من مقر وزارة الخارجية في لندن.
ويمثل خروج علاء واستقراره في لندن المتوقع بعد تخليه عن الجنسية المصرية منغصا دائما في الخارج للقاهرة قد يستقطب الكثير من المؤيدين له في ظل نشاط ملحوظ تقوم به جماعة الإخوان في بعض الدول الغربية لحضّها على الإفراج عن قياداتها.
ومع أن غالبية من أفرجت عنهم الحكومة المصرية من النشطاء مؤخرا ضمن لجنة العفو الرئاسية التزموا الهدوء السياسي ولا يمثلون حتى الآن إزعاجا واضحا لها، غير أن توظيف الأزمات الاقتصادية تسبب في حشد العالم الافتراضي ضد القاهرة وتسخين الأجواء في توقيت بالغ الحساسية، ما يدعم إمكانية خرق حاجز الصمت.
وأفرجت القاهرة عن الحقوقي والسياسي زياد العليمي قبل أيام وبدا هادئا ومنضبطا في تصريحاته، وكانت حالته أشد صعوبة من علاء، ما يعني أن الحكومة المصرية يمكنها أن تفرج عن أي شخص في أي وقت دون التفات كبير إلى ما تسفر عنه الخطوة من تفسيرات، فالمهم أن تعزز موقفها السياسي.
ورحبت وزارة الخارجية الأميركية بالإفراج عن العليمي، وجرى تثمين الخطوة ضمن سلسلة إفراجات أقدمت عليها القاهرة طواعية لتؤكد أنها راغبة في الانفتاح وفي الوقت نفسه تكبح المستوى المتصاعد للاستفادة من سجلها في مجال حقوق الإنسان.
وتريد الحكومة المصرية أن توحي بعدم استعدادها لتقبل الضغوط من أي جهة، وعندما تقرر الإفراج عن شخص تسعى نحو التأكيد على أن ذلك تم وفقا لحساباتها فقط، وهو ما جعل ممارسة المزيد من الضغوط في حالة علاء عبدالفتاح من جانب أفراد أسرته وتعاطف منظمات حقوقية دولية معه يسهمان في تعقيد قضيته بدلا من غلقها.
وتركت بعض التصرفات في ملف المحبوسين بعد الحكم عليهم في قضايا معينة والمعتقلين على سبيل الاحتياط انطباعا بأن المسألة تصل أحيانا إلى حد العناد من جانب نظام يريد أن يكون بمنأى عن القابلية للابتزاز منعا لاستثماره في قضايا أشد حرجا تتعلق بقيادات الإخوان القابعين في السجون المصرية منذ تسعة أعوام.
وأصبحت الإفراجات التي تتم بصورة تدريجية ورقة في يد الحكومة المصرية لا تريد التفريط فيها دفعة واحدة لمنع توسيع نطاق الضغوط، تستخدمها بشكل براغماتي في الوقت المناسب لها ووفقا لتقديراتها لتفريغ طاقة من الاحتقان الداخلي، ومنح الحوار الوطني الذي دشن مؤخرا زخما سياسيا موازيا يعزز دوره ويدعم أهدافه، حيث بات الإفراج عن المحبوسين من بين أولوياته لرفع منسوب الثقة في مناقشاته.