عقيلة صالح يُصعّد خطابه لإثبات وجوده ودوره السياسي

تونس - لم تساهم رسائل التطمينات التي بعث بها أكثر من نائب برلماني ليبي مشارك في اجتماعات غدامس، في تبديد المخاوف التي تُراود رئيس البرلمان عقيلة صالح الذي بات يستشعر أن الأوضاع بدأت تتجه إلى غير ما يشتهي، لتقترب كثيرا من خطر الانقلاب عليه، تمهيدا لتشكيل مشهد سياسي جديد بمعادلات مغايرة لتلك التي أفرزتها انتخابات العام 2014.
واستبق عقيلة صالح الجلسة البرلمانية العامة التي يعتزم عقدها اليوم الأربعاء أكثر من 150 نائبا برلمانيا في مدينة غدامس بجنوب غرب ليبيا، بالتأكيد على رفضه لأي قرارات قد تسفر عنها هذه الجلسة البرلمانية التي تأتي بعد سلسلة من الجلسات التشاورية عُقدت في طنجة المغربية، وتواصلت في غدامس الليبية تحت عنوان "إنهاء الانقسام، وإعادة تفعيل دور البرلمان".
وقال في كلمة له افتتح بها أعمال جلسة برلمانية رسمية عُقدت في مدينة بنغازي بشرق ليبيا، إنه لن يعترف بأي قرارات تُتخذ خارج المقر الرسمي للبرلمان في مدينة بنغازي أو المقر المؤقت في طبرق، معتبرا أن أي "جلسة برلمانية تُعقد خارج مدينتي بنغازي أو طبرق بشرق البلاد غير قانونية، ومخالفة للإعلان الدستوري ولا يُعتد بمخرجاتها".
ودعا في كلمته نواب البرلمان المشاركين في جلسة بنغازي، إلى اتخاذ ما يشاؤون من القرارات والإجراءات التي وصفها بـ"الصحيحة" دون أن يحدد عناوينها، مؤكدا في نفس الوقت أنه سيبلغ بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، والبرلمان الدولي والعربي والأفريقي برفض عقد جلسة عامة للبرلمان الليبي خارج المقرين المذكورين، أي في طبرق أو بنغازي.
وعقد البرلمان الليبي الذي يتخذ من طبرق مقرا له، جلسة رسمية مساء الاثنين في مدينة بنغازي، وذلك في الوقت الذي تتواصل فيه الاجتماعات التشاورية في مدينة غدامس، لعقد جلسة برلمانية عامة لتوحيد المجلس وتعديل اللائحة الداخلية وانتخاب رئاسة جديدة لمجلس النواب الليبي، وسط تساؤلات بشأن إمكانية نجاح هذه المساعي في التوصل إلى اتفاق سياسي ينهي حالة الانقسام في البلاد.
وقال عبدالله بلحيق، الناطق الرسمي باسم البرلمان الليبي بطبرق في أعقاب هذه الاجتماعات، إن المشاركين في جلسة بنغازي "اتفقوا على تشكيل لجنة برئاسة النائب رمضان شمبش، رئيس اللجنة التشريعية بالبرلمان، توكل لها مهمة تعديل اللائحة الداخلية للمجلس، لتتضمن عقوبات على النواب المتغيبين".
ووصف بدوره الاجتماعات التشاورية التي عقدها أكثر من 120 نائبا برلمانيا في مدينة طنجة المغربية، وتلك التي جرت في غدامس الليبية، بأنها "غير قانونية بحسب لوائح البرلمان التي تنص على أن عقد أي جلسة يجب أن تكون موجهة من رئاسة البرلمان، وهذا لم يحدث".
ولفت في المقابل، إلى أن البرلمان الليبي "يُعد لخطة بديلة حال فشل الملتقى السياسي بتونس في تحقيق أهدافه، وقرر عقد جلسة أخرى في القريب العاجل في مدينة سرت بعد موافقة اللجنة العسكرية الليبية المشتركة 5+5، حيث تمت مخاطبتها رسميا بهذا المقترح في أعقاب جلسة بنغازي".
ورأى متابعون للشأن الليبي أن هذا التصعيد في الخطاب السياسي لرئيس البرلمان الليبي عقيلة صالح لا ينفصل شكلا ولا مضمونا عما سبقه من تصعيد لإثبات وجوده ودوره، خصوصا في ظل "المواجهة المفتوحة" بينه وبين عدد من الأطراف التي تعتبر أن صالح لم يعد خصما سياسيا فقط، وإنما عقبة تتعين إزاحتها، ولا تخفي سعيها للإطاحة به.
وربطوا هذا التصعيد بالجلسة البرلمانية العامة التي ستُعقد اليوم في مدينة غدامس والتي يتضمن جدول "أعمالها تعديل اللائحة الداخلية للبرلمان، وانتخاب هيئة جديدة لرئاسته، وإعادة تشكيل اللجان البرلمانية، إلى جانب وضع خارطة طريق لتوحيد مؤسسات الدولة السيادية، وإصدار قوانين خاصة بالدستور والانتخابات المقرر تنظيمها في ديسمبر من العام القادم".
وبحسب النائب البرلماني علي الصول فإن "المشاورات متواصلة في مدينة غدامس التي وصلها في وقت سابق 123 نائبا بانتظار وصول أكثر من 25 نائبا آخرين، لتحديد المقر المؤقت للبرلمان، وتشكيل لجنة تفاهمات لتحديث البنود العالقة في الجلسة الأولى وموعدها ورئاسة المجلس ومقرها، سعيا لاستكمال الاستحقاقات المحددة في العملية السياسية قبل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية".
وأثارت النقطة المتعلقة بانتخاب هيئة جديدة لرئاسة البرلمان، قلقا وخوفا لدى العديد من الأطراف السياسية، التي رأت فيها مناورة من جماعة الإخوان للضغط على النواب عبر استفزازهم من خلال تهديد رئاسة عقيلة صالح للبرلمان، وبالتالي التشويش على القرارات المرتقبة لجلسة غدامس، ودفعها إلى اتخاذ قرارات متسرعة، تستطيع من خلالها تمرير أجنداتها.
ومع ذلك، لم يتردد رئيس المجلس الأعلى لقبائل ومدن الجنوب الليبي علي مصباح أبوسبيحة في دعوة رئيس البرلمان عقيلة صالح إلى مراجعة نفسه، حيث استنكر في تدوينة فايسبوكية ما وصفه بـ"اجتماع حفنة من أعضاء البرلمان ببنغازي"، وذلك في إشارة إلى الجلسة البرلمانية التي ترأسها عقيلة صالح.
وتساءل في تدوينته قائلا "هل يعتقد عقيلة صالح أنه بريء من بهذلة ليبيا؟ لا.. وألف.. لا... عليك بمراجعة نفسك.. فأنت جزء أساسي من بهذلتها. وما دمر ليبيا إلا مثل هذه الدعوات لأن الكل يدعي أنه على حق وأن الدعوة ستصيب غيره.. ولا يدري أنه أول الواقعين فيها".