عقيلة صالح يُتم انقلاب موقفه من قطر بتقديم الشكر للشيخ تميم

هل يبحث عقيلة صالح عن دور محوري عبر الدوحة بدلا من أن يكون على هامش الحل الذي تريده تركيا.
الاثنين 2022/09/12
سياسة تقوم على تغيير المواقف بتغير الظروف والمستجدات

الدوحة- تغيّر موقف رئيس البرلمان الليبي عقيلة صالح من قطر تغيّرا جذريّا حتى بلغ حد شكر أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني على دعمه لليبيا، بعد أن كان في الماضي يهاجمه ويحمّله مسؤولية دعم الميليشيات المعادية للبرلمان الليبي والقوى المتحالفة معه.

يأتي هذا في وقت بدأ فيه الموقف القطري في ليبيا يتعارض مع موقف تركيا التي تريد الإبقاء على سيطرتها على الملف الليبي ضمن توجه نحو التواجد الموسع في شمال أفريقيا.

ويعتبر مراقبون للملف الليبي أن كلام عقيلة صالح عن شكر قطر قد لا يكون معبرا عن موقف شخصي، وأن الأمر ربما يكون ناجما عن اطلاعه على معطيات تظهر أن الدوحة ستكون مرشحة لاحتضان الحوار الليبي – الليبي ضمن مقاربة عربية تهدف إلى قطع الطريق على التسوية التي تسعى إليها تركيا، والتي تركز على حوار بين فرقاء عرفوا بأنهم حلفاء لأنقرة قبل أن يكونوا خصوما في الملف الليبي مثل عبدالحميد الدبيبة رئيس حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها وفتحي باشاغا رئيس الحكومة المدعومة من البرلمان الذي كان صديقا لتركيا خلال معركة طرابلس الأولى في 2019.

◙ الدور القطري المنفتح على كل الفرقاء الليبيين سيتعارض مع مقاربة تركيا التي تنظر إلى وساطتها في الملف الليبي على أنها دعامة لنفوذها المتزايد في شمال أفريقيا

ويشير المراقبون إلى أن كلام عقيلة صالح الذي بالغ فيه في مجاملة قطر ومدْح دورها في ليبيا قد يكون الهدف منه الدفع نحو تسوية جديدة في الدوحة يلعب فيها هو دورا محوريا بدلا من أن يكون على هامش الحل الذي تريده تركيا التي تستفيد من تخلي العالم عن الملف الليبي والاهتمام بقضايا وحروب أخرى لتفرض نفسها لاعبا أساسيا ممسكا بكل أوراق الحل.

ويرى هؤلاء أن عقيلة صالح ليس هو أول ولا آخر من أطلق تصريحات مسيئة لبلد وعاد إلى التصالح معه، معتبرين أن السياسة تقوم دائما على تغيير المواقف بتغير الظروف والمستجدات، وأن قطر نفسها لم تتّخذ موقفا من هجوم سابق عليها قام به رئيس البرلمان الليبي، وقد تناسته وأظهرت اهتماما واضحا بزيارته إلى الدوحة من خلال استقباله من قِبَل أمير البلاد.

وقال الديوان الأميري في بيان إن “رئيس مجلس النواب الليبي أطلع أمير قطر على آخر تطورات الأوضاع في ليبيا، معربا في الوقت نفسه عن شكره وتقديره على دعم دولة قطر المتواصل والدائم لدولة ليبيا وشعبها”.

وأضاف البيان “جدد أمير البلاد التأكيد على موقف دولة قطر تجاه الشعب الليبي الشقيق ودعم خياراته وتحقيق تطلعاته في التنمية والازدهار من أجل وحدة ليبيا واستقرارها”.

وأردف “جرى خلال المقابلة بحث أوجه تنمية وتعزيز التعاون بين البلدين، ومناقشة المستجدات الراهنة في ليبيا، بالإضافة إلى عدد من القضايا الإقليمية والدولية”.

وكان عقيلة صالح أطلق تصريحات قوية ضد دور قطر في الملف الليبي، ودعمها لمجموعات مسلحة معارضة للبرلمان والحكومات التي كان يدعمها، ولحليفه المشير خليفة حفتر.

وفي 2014 و2015 اتهم عقيلة صالح قطر بدعم الإرهابيين، قائلا “قطر هي الدولة الوحيدة التي تدعم الآن الجماعات الإرهابية في ليبيا”.

وأوضح صالح في تصريحات إعلامية أن “قطر تابعة للولايات المتحدة التي لا تريد أن تقوم دولة في ليبيا بـ(أتمّ) معنى الكلمة، بالإضافة إلى أجندة الإخوان، وقطر تدعمهم وتؤويهم ولا تريد أن تعود ليبيا كما كانت”.

وقال “إنّ كل الشعب الليبي مقتنع بأن قطر هي من تدعم الإرهاب، وقد وقفت إلى جانب ثورة 17 فبراير وكان موقفا جيدا، ولكن تبيّن أنه ليس من أجل ليبيا ولكن من أجل الإرهابيين، فنحن نصون العهود والجميل، لكن نرفض التدخل في شؤوننا”.

ويعتقد محللون سياسيون أن مرونة قطر وبراغماتيتها وتغاضيها عن الماضي والاستهداف الذي طالها…، كلها عناصر تجعلها أقرب إلى الفرقاء الليبيين خاصة ممثلي الشرق، خلافا لتركيا التي تسعى للتوصل إلى تسوية شاملة في الظاهر لكنها في الباطن تستهدف خصوم أنقرة السابقين وخصوصا حفتر.

◙ مجاملة عقيلة صالح لقطر قد يكون الهدف منها دعم وساطة جديدة تقطع الطريق على تسوية ترعاها تركيا منحازة إلى حلفائها

ويلفت المحللون إلى أن الدور القطري المنفتح على كل الفرقاء الليبيين سيتعارض مع مقاربة تركيا التي تنظر إلى وساطتها في الملف الليبي على أنها دعامة لنفوذها المتزايد في شمال أفريقيا، أي أن الهدف هو إلحاق ليبيا بمجال الهيمنة التركية، من خلال دعم حكومة موحدة تكون أقرب إلى تركيا وتوقع معها اتفاقيات شبيهة بما قامت به حكومة فايز السراج.

وكانت تركيا قد استفادت من انسحاب مختلف الدول المؤثرة في الملف الليبي، وخاصة انشغال روسيا بالحرب في أوكرانيا وعدم تحمّس الولايات المتحدة لرعاية حل ليبي – ليبي، لتتحوّل إلى قبلة لزيارات المسؤولين الليبيين الباحثين عن جهة دولية قادرة على جمعهم والاستماع إليهم وفرض تسوية عليهم، وكان من بينهم عقيلة صالح وكذلك رئيسا الحكومتين المتصارعتين الدبيبة وباشاغا.

وأوحت هذه الزيارات بأن تركيا صارت تمسك بملف الحل السياسي في ليبيا، وأن الأرضية مهيئة أمامها وتسمح لها بضبط توليفة لحل يراعي مصالحها. لكن دخول قطر على خط التسوية قد يعرقل خطط تركيا، خاصة أن الدوحة لا تهدف من تدخلها إلى الحصول على امتيازات وعقد اتفاقيات طويلة المدى كما تفعل أنقرة، بل على العكس يمكن أن تضخ استثمارات كبيرة للمساعدة على عودة الحياة في ليبيا.

والسبت وصل عقيلة صالح إلى الدوحة في زيارة غير معلنة المدة هي الأولى له إلى قطر. وتأتي الزيارة بعد زيارة الدبيبة الذي التقى به أمير قطر حيث بحثا “دعم الجهود الدولية” لإجراء انتخابات تحل الأزمة الليبية.

1