عقدة انتخابات كردستان العراق تقترب من الحل بتحديد موعد جديد لها

مراقبون لا يتوقّعون أن تحدث الانتخابات القادمة تغييرات جذرية في تركيبة السلطة بإقليم كردستان العراق.
الخميس 2024/06/27
هل حقا توجد قيمة لمخرجات الصناديق

أربيل (العراق) - أعلن في إقليم كردستان العراق عن تحديد يوم العشرين من شهر أكتوبر القادم موعدا لإجراء انتخابات تشريعية لتجديد تركيبة البرلمان الذي انتهت الفترة القانونية لتركيبته السابقة منذ سنة 2022.

ويوصف الموعد الانتخابي بالمهم باعتباره وسيلة لملء الفراغ الدستوري وإضفاء الشرعية على سلطات الإقليم الذي يتمتّع بحكم ذاتي في نطاق الدولة الاتّحادية العراقية.

لكنّ العديد من الدوائر السياسية المهتمّة بشؤون الإقليم والعراق عموما تؤكّد أنّ المصدر الأساسي للاهتمام الذي حظيت به الانتخابات هو الضجّة المثارة حولها بسبب الخلافات على قوانينها وطريقة إجرائها ما أدى إلى تأجيلها أربع مرّات متتالية.

أما عن قضية الفراغ الدستوري وشرعية السلطات، فإنّ العديد من المراقبين يقللون من شأن الانتخابات في الإقليم كما في عموم العراق، ويعتبرونها مجرّد أداة من أدوات تقاسم السلطة التي تدار على أساس المحاصصة الحزبية والطائفية والقومية وحتى العائلية بالنسبة للإقليم.

ويتقاسم السلطة في إقليم كردستان العراق الحزبان الكبيران الحزب الديمقراطي الكردستاني وحزب الاتّحاد الوطني الكردستاني وهما حزبان عائليان بامتياز إذ يقود الأول أفراد أسرة بارزاني، ويقود الثاني ورثة الرئيس العراقي الأسبق جلال طالباني.

حديث مبالغ فيه عن أهمية الانتخابات في إضفاء الشرعية على السلطة في الإقليم والقائمة على شرعيات جانبية حزبية وعائلية

وبدأت خلال السنوات الأخيرة قوى سياسية ناشئة بمحاولة الوصول إلى مواقع السلطة في الإقليم دون أن تنجح في تحقيق اختراق يذكر في ذلك الاتجاه إذ كثيرا ما تصطدم بالنفوذ السياسي والأمني والمالي للحزبين الرئيسيين وخصوصا الحزب الديمقراطي المهيمن بشكل رئيسي على مقاليد الحكومة المحلية.

ولا يتوقّع مراقبون أن تحدث الانتخابات القادمة تغييرات جذرية في تركيبة السلطة بإقليم كردستان العراق، وذلك على الرغم من التعديلات الطفيفة التي أدخلها القضاء العراقي على قانونها وعدد الدوائر التي ستجرى فيها، بالإضافة إلى إسناد الإشراف عليها إلى المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، وهي هيئة اتّحادية، وذلك بدلا من الهيئة المحلية التابعة لسلطات الإقليم والتي تلاحقها شبهات الفساد والاختراق من قبل الحزب الديمقراطي.

وعن موضوع الفراغ الدستوري الذي خلّفه غياب برلمان الإقليم والشرعية التي “ستستعيدها” السلطات بإعادة انتخابه، قال نائب سابق ببرلمان الإقليم تحدّث شريطة عدم الكشف عن اسمه، إن ما توفّره الهيئات المنتخبة من “شرعية” للقوى الحاكمة في العراق عموما هو أمر صوري إلى أبعد حدّ وأنّ الدستور والقوانين ليسا هما ما ينظم الحياة السياسية بل عوامل جانبية مثل مكانة تلك القوى واستنادها إلى مرجعيات ما فوق وطنية حزبية ودينية وطائفية وغيرها.

المصدر الأساسي للاهتمام الذي حظيت به الانتخابات هو الضجّة المثارة حولها بسبب الخلافات على قوانينها وطريقة إجرائها

واستدل ذات النائب باستمرارالسلطة في الإقليم بشكل عادي ودون تأثر ملحوظ بغياب البرلمان طيلة الفترة السابقة، جنبا إلى جنب استمرار القوى الخارجية الإقليمية والدولية بما في ذلك القوى العالمية الكبرى في التعامل مع الحكومة المحلية بشكل عادي رغم عدم استنادها إلى مرجعية برلمانية.

وأضاف أن الانتخابات لم تمثّل في أغلب الأحيان حلاّ في العراق بقدر ما مثلت جزءا من المشكلة وفاتحة للصراع على السلطة ولتعطيل المؤسسات على غرار ما حدث في الانتخابات التشريعية العراقية الماضية حين تأخر تشكيل الحكومة لأكثر من عام بسبب الصراع بين التيار الصدري وخصومه من أحزاب وفصائل شيعية على تشكيلها.

ولم تكن القوانين والتشريعات هي الفيصل في حل الإشكال وفض النزاع بل الصفقات المبنية على مصالح سياسية ومادية مباشرة.

وينطبق ذات الأمر على انتخابات مجالس المحافظات التي أجريت في ديسمبر الماضي لتشكيل الحكومات المحلية، حيث لا يزال عدم توافق القوى السياسية المتنافسة يحول إلى حدّ الآن دون تشكيل الحكومتين المحليتين لكل من محافظتي ديالى وكركوك، في دليل على عدم أهمية ما تفرزه صناديق الاقتراع قياسا بما تقتضيه نواميس المحاصصة وأعرافها.

وفي ضوء مختلف هذه المعطيات أعلنت سلطات كردستان العراق، الأربعاء، عن قرارها إجراء الانتخابات التشريعة للإقليم في العشرين من شهر أكتوبر المقبل، بعد تأجيل متكرر وخلافات سياسية أدت إلى تأخيرها حوالي عامين.

وأصدرت المحكمة الاتحادية العليا في فبراير الماضي قرارا حدّدت فيه عدد أعضاء برلمان الإقليم بمئة بدلا من مئة وأحد عشر، وذلك بإلغائها المقاعد التي كانت مخصة للأقليات في نطاق ما يعرف بنظام الكوتا، ما أدى فعليا إلى إلغاء الحصة المخصصة للأقليات التركمانية والمسيحية.

وسبق أن أجلت الانتخابات التي كانت مقررة في بادئ الأمر في خريف عام 2022، لانتخاب مئة عضو لبرلمان الإقليم إلى العاشر من يونيو الماضي ترحيلا من ثلاثة مواعيد سابقة.

Thumbnail

وقوبل هذا القرار باستياء من قبل الحزب الديمقراطي الكردستاني صاحب النفوذ الأكبر في الإقليم والمستفيد من تلك المقاعد لزيادة عدد نوابه في البرلمان.

وردا على ذلك، أعلن الحزب مقاطعة الانتخابات وعدم تسجيل أي من مرشحيه، الأمر الذي قاد إلى أزمة سياسية جديدة في بلد تخوض فيه الكتل السياسية مفاوضات معقدة طويلة للوصول إلى اتفاق حول أي قرار مهم.

وبعد ذلك، أعادت السلطات القضائية خمسة مقاعد مخصصة للأقليات ضمن المقاعد المئة وعندها قرر الحزب الديمقراطي الكردستاني التراجع عن مقاطعته والمشاركة في الانتخابات.

ومن جانبه، وجه حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، الذي يتمتع بثقل سياسي كبير والمنافس الرئيسي للحزب الديمقراطي الكردستاني، انتقادات متكررة لتأجيل الانتخابات.

ويقدم إقليم كردستان نفسه على أنه واحة استقرار جاذبة للاستثمارات الأجنبية في العراق. لكن النشطاء والمعارضين يدينون الفساد المستشري ويتحدثون عن قمع أي صوت معارض وعن اعتقالات تعسفية متكررة.

3