عقبة التزكيات تحد من عدد المترشحين لرئاسيات موريتانيا

تتواصل الحملات الانتخابية الرئاسية في موريتانيا مع اقتراب موعد إجراء الانتخابات المقرر يوم 29 يونيو القادم، في وقت تنتظر فيه الأوساط الشعبية والسياسية إعلان المجلس الدستوري عن قائمة المترشحين المعتمدين، في ظل صعوبة توفير شرط التزكيات المطلوبة.
نواكشوط- سيطرت أزمة التزكيات على المرحلة الأولى من السباق الانتخابي في موريتانيا، حيث عجز عدد مهم من الشخصيات السياسية عن توفير أحد أهم الشروط الأساسية لخوض السباق الرئاسي مع اقتراب غلق باب الترشحات، وهو جمع توقيعات 100 مستشار بلدي وخمسة عمد من ولايات مختلفة.
ومن المنتظر أن يعلن، المجلس الدستوري، الأربعاء، عن قائمة المترشحين المعتمدين بعد إغلاق الترشحات واكتمال دراسة ملفات المترشحين.
واستقبل المجلس حتى الآن ملفات ترشح كل من الرئيس المنصرف محمد ولد الشيخ الغزواني، وحمادي ولد سيدي المختار مرشح حزب تواصل المحسوب على الإخوان، ومحمد الأمين المرتجي الذي ترشح للرئاسة في انتخابات 2019 ولم يحصل على نسبة 1 في المئة.
وتمكن بعض المترشحين من تخطي معضلة التزكيات، أبرزهم البرلماني بيرام ولد اعبيد، والنائب العيد ولد محمدن، وسوماري أوتوما وهو طبيب مهتم بالسياسة، فيما استعصى ذلك على مرشحين آخرين.
وقال المرشح للرئاسيات محمد ولد الشيخ إنه مُنع من الترشح “بفعل قرار حزبي جائر من حزب الإنصاف الحاكم الذي يؤكد أنه بعيد عن الإنصاف بهذا القرار اللاديمقراطي”.
وأكد في بيان، أن الحكام رفضوا تزكية المستشارين له “في تحدٍ صارخ ومشين للقانون، وهو ما تأكدنا من عدم قانونيته خلال اللقاء برئيس المجلس الدستوري”.
وأضاف ولد الشيخ أنه سيواصل العمل السياسي، وسينتظر فرز الملفات المترشحة من أجل معرفة المترشح الأقرب لبرنامجه، ليدعمه، واصفا المقاطعة بأنها “ليست الحل دائما”، مؤكدا أنه توقف عن جمع التزكيات “بعد أن لم يعد يراودنا أدنى شك أن خطة خبيثة ومؤامرة قذرة قد حيكت ضد مصالح الشعب الموريتاني وتقويضا لديمقراطيته وإجهازا على ما تبقى من معالم جمهوريته”.
واعتبر نورالدين محمدو المترشح عن حزب “إلى الأمام موريتانيا” الذي لايزال قيد التأسيس، “أن اشتراط التزكية يمكن أحزاب الأغلبية الرئاسية من اختيار منافسي مرشحهم (الرئيس الحالي)، فالحزب الحاكم أو “حزب الدولة” يسيطر على 230 بلدية من أصل 238، ما يعني أن المعارضة لا تتوفر إلا على ثمانية عمد فقط، وبما أن الترشح مشروط بتزكية من خمسة عمد و100 مستشار بلدي، فلن يتمكن مترشحو المعارضة من إكمال ملفاتهم”.
وأوضح عشرة ممن كانوا ينوون الترشح، وهم أحمد ولد هارون، وأحمد ولد صمب، وأعلي الشيخ الحضرمي أمم، وبامامادو بوكار، وصدافه الشيخ الحسين، ومحمد الشيخ، والرئيس السابق محمد ولد عبدالعزيز، وسيدي محمد محمدو عاليون، وعلي بلال، ونورالدين محمدو، في بيان مشترك، أنهم “حددوا آليات عمل مستقبلية، كما وقعوا ميثاق شرف يحدد عمل معارضتهم، والانخراط في سلكها، كما يحمِّل المشاركين في العملية السياسية بشكلها الحالي ما سيلحق بالبلاد، جراءها، من زعزعة للاستقرار والأمن”.
وطالب المشاركون “كافة الفرقاء السياسيين، أغلبية ومعارضة، بأن يلعبوا دورهم في منع المهزلة الانتخابية المزمع إقامتها أحادياً” ، وحذروا في بيانهم “من الاتجاه نحو المسار الأحادي”؛ ودعوا “الجماهير للخروج في وقفات احتجاجية سلمية اعتبارا من اليوم الأربعاء بساحة الحرية، أمام مقر وزارة الداخلية بنواكشوط.
وكانت تنسقية أحزاب الأغلبية، حددت في أواخر أبريل الماضي، معاييرها لتزكية المترشحين للانتخابات الرئاسية المرتقبة، وهو ما يجعل عدد مرشحي الرئاسيات المقبلة ينحصر في 6 شخصيات هم: الرئيس الحالي محمد ولد الشيخ الغزواني، والنائب بيرام الداه اعبيدي، والنائب العيد محمدن، والنائب السابق بامامادو بوكار، والمرشح السابق للرئاسيات المرتجي ولد الوافي، وحمادي ولد سيدي المختار مرشح حزب تواصل الإخواني.
وتنص المعايير التي حددتها أحزاب الأغلبية على أن يكون المترشح منتخبا حاليا أو سابقا، أو سبق أن ترشح للرئاسيات، وأن يكون طالب التزكيات مرشحا من طرف حزب سياسي له تمثيل انتخابي.
وفي السياق، طلب حزب تواصل الإخواني من عمده ومستشاريه في ولايات (الحوضين ولعصابه وتكانت)، عدم تزكية المترشحين للرئاسيات المقبلة إلا بقرار من الحزب.
ووجه الحزب تعميما إلى العمد والمستشارين المحسوبين عليه في الولايات الشرقية، يمنع التزكية دون الرجوع إليه والحصول على إذن.
وكان أول المتقدمين بملف ترشحه هو الرئيس الحالي محمد ولد الشيخ الغزواني الذي كان ترشح للرئاسة في عام 2019 بصفته مرشحا مستقلًا بالرغم من أنه مدعوم من حزب الإنصاف الحاكم وأحزاب الموالاة.
ووصف ولد الغزواني الانتخابات الرئاسية المقبلة بأنها “محطة مهمة على مسار توطيد نظامنا الديمقراطي”، متعهدا بـ”مراجعة الخطط وإعداد البرامج بغية الدفع ببلادنا نحو مزيد من التقدم والنماء”.
وثاني المترشحين هو محمد الأمين المرتجى الوافي الخبير المالي الذي أودع ملف ترشحه أمام المجلس الدستوري في العاصمة نواكشوط، للمرة الثانية في مسيرته السياسية، حيث كان خاض انتخابات عام 2019 وحصل على نسبة 0.4 في المئة من الأصوات.
وفي تصريح بالمناسبة، توجه الوافي بشكره إلى الشبان الذين واكبوا مشروعه السياسي في حزب “الخيار الآخر” منذ العام 2019، وصبروا طيلة السنوات الخمس الماضية رغم عدم ترخيص حزبهم، معتبرا أن المنع من الترخيص حال بينهم والكثير من العمل، ومن الحضور في المشهد بصورة نشطة.
وعبّر ولد الوافي عن فخره بتمكنه من الترشح للرئاسيات للمرة الثانية، ودعا الشباب الموريتاني للالتفاف حوله، واصفا مشروعه بأنه مشروع وطني يسع الجميع، وهدفه تغيير واقع البلد إلى الأحسن.
وهنأ ولد الوافي كل من أعلنوا نيتهم الترشح لرئاسيات 2024، ورأى أنهم يشكلون إضافة نوعية ومهمة، وعلامة دالة على تزايد أعداد المهتمين بالشأن العام، وعبر عن أمله في أن يتمكنوا من إكمال ملفاتهم، ودخول السباق الرئاسي، مؤكدا أن ذلك سيعطي صورة أكثر إيجابية عن الديمقراطية الموريتانية.
وثالث المترشحين رسميا هو بيرم ولد الداه ولد اعبيدي النائب البرلماني ورئيس حركة إيرا الذي وصف نفسه بمرشح القطيعة، وقال في خطاب ترشحه إنه ترشح لإحداث قطيعة مع الحوكمة غير الرشيدة، وأنه ما زال مواصلا كفاحه ضد من وصفهم بأكلة المال العام حتى يحكم عليه الشعب، متسائلا أين من كانوا يقولون بالأمس إن بيرام والمعارضة انتهوا؟
وشدد ولد اعبيدي أمام الجماهير الداعمة له على أنه لا ملاذ للشعب الموريتاني من الفساد والعنصرية وفقدان الأمل، إلا بانتخابه رئيسا لموريتانيا، مؤكدا أن كل العوائق لن تحول دون الانتصار على مرشح النظام، وأشار إلى أنه يترشح ضد ما وصفه بجبروت المال والسلطة وسيهزمه بالأفكار، مردفا أنه يحمل برنامجا انتخابيا متكاملا.
ووعد ولد اعبيدي المواطنين بإعادة التحقيق في الملفات التي حققت فيها اللجنة البرلمانية، وذلك حال وصوله إلى الحكم، وليتضح المتورط من غيره، وتتم معاقبة كل المتورطين في نهب أموال موريتانيا، معتبرا أن موريتانيا لا يمكن أن تستمر في العيش فيما وصفها بالدوامة منذ سقوط نظام المختار ولد داداه رحمه الله، مؤكدا أن كل الأنظمة ساهمت في تدهور الدولة على جميع المستويات.
تنسقية أحزاب الأغلبية، حددت في أبريل الماضي، معاييرها لتزكية المترشحين للانتخابات الرئاسية في موريتانيا
ودعا ولد اعبيدي الشعب الموريتاني للاتحاد بجميع مكوناته ضد الفئة الحاكمة، مشددا على أنه لا يمكن ترسيخ الحوكمة الرشيدة عن طريق تعيين المفسدين، وطلب من مناصريه مراقبة المكاتب يوم الاقتراع، وخصوصا المكاتب التي يشرف عليها وجهاء القبائل ورجال الأعمال، لافتا إلى أنه يقدم نفسه لشعب موريتانيا كفرصة للتناوب، وأنه الرجل السياسي الوحيد الذي كان يكافح في المعترك ضد النظام.
أما المترشح الرابع، فهو حمادي ولد سيدي المختار رئيس حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية (تواصل) الذراع السياسي لجماعة الإخوان، الذي وصف الأوضاع التي يعيشها البلد بالمتردية، مُنتقدا تفشي الفساد والبطالة، وانتشار الظلم والغبن، وتردي الخدمات العمومية، وضعف السياسات الاقتصادية والتنموية.
وأرجع هذه الأوضاع إلى سوء إدارة البلاد من قبل النظام الحالي، معتبرا أنّ ذلك دفع حزب تواصل، كأكبر أحزاب المعارضة، إلى طرح رؤيته لإصلاح البلد وإنقاذه من هذه الأزمات.
وبعد أن أودع ملف ترشحه لدى المجلس الدستوري، وجّه ولد سيدي المختار رسالة للشعب الموريتاني، أكد فيها أنّ حزبه يعول على وعي الشعب المطحون لإحداث التغيير المنشود، ودعا جهات الاختصاص إلى تنظيم انتخابات رئاسية شفافة ونزيهة تُجسد إرادة الشعب الحقيقية، مُحذّرا من تكرار تجارب الانتخابات الماضية التي شابها التزوير.