عقبات قانونية وخلافات سياسية تعرقل انتخابات الرئاسة في صوماليلاند

الأزمة في صوماليلاند تكمن في قانونية أيهما تجرى أولا: الانتخابات الرئاسية أم انتخابات الأحزاب السياسية.
الأربعاء 2022/08/24
مخاوف من تفجر الأوضاع السياسية الهشة

مقديشو - أثار تباطؤ عملية الانتخابات الرئاسية في صوماليلاند شكوك الأحزاب المعارضة حول تملّص الحكومة من إجراء الانتخابات بموعدها المقرر في الثالث عشر من نوفمبر المقبل، محذرة في الوقت نفسه من عواقب وخيمة في حال تأجيلها.

ويرى محلّلون أن أزمة الخلافات حول الانتخابات لا تكمن في تأجيلها وإنما أيّهما ستجرى أولا، الرئاسية أم انتخابات الأحزاب السياسية التي تعقد مرة كل 10 سنوات وفق نظام التعددية الحزبية الذي تتبناه الولاية منذ عام 2000.

وأثارت تصريحات رئيس صوماليلاند موسى بيحي عبدي في مارس 2022 حول فتح باب التسجيل للجمعيات السياسية وإجراء الانتخابات الحزبية قبل الرئاسيات، ضجة بين الأطراف السياسية في الولاية، الأمر الذي قد يتطوّر إلى تفجر الأوضاع السياسية والأمنية.

وتنديدا بمساعي الحكومة لتأجيل الانتخابات، نظمت الأحزاب المعارضة الأسبوع الماضي تظاهرات حاشدة جابت جميع أقاليم صوماليلاند، ما أدّى إلى مقتل 6 أشخاص وإصابة مئات آخرين برصاص الشرطة التي حاولت تفريق المتظاهرين بالقوة المفرطة، حسب تصريحات قادة المعارضة.

◙ تصدُّر الأحزاب المعارضة في الانتخابات البلدية والبرلمانية أربك الحزب الحاكم ودفعه إلى تغيير حساباته الداخلية ما يعني أن نتائج الرئاسيات مفتوحة على كلّ الاحتمالات

وعند كلّ استحقاق انتخابي رئاسي للولاية، تتكرر أزمة الخلافات السياسية بين الحزب الحاكم والمعارضة، لكن هذه المرة تكمن الأزمة في قانونية أيّهما تجرى أولا، الانتخابات الرئاسية أم انتخابات الأحزاب السياسية؟

وقال المحلل السياسي عبدالله راغي إن "التأجيل الذي حصل في الانتخابات البلدية والبرلمانية في الولاية عام 2017، هو السبب الأكبر في الأزمة السياسية الحالية".

وأضاف "كان من المفروض إجراء الانتخابات في مراحلها الثلاث، الرئاسية والبرلمانية والبلديات هذا العام وفق اللوائح الداخلية، لكن نتيجة الخلافات تأجّلت الانتخابات البرلمانية والبلديات عن موعدها، وأجريت الانتخابات الرئاسية فقط والتي فاز فيها الرئيس موسي بيحي عبدي".

ورأى أن "التأجيل تسبّب باضطرابات في اللوائح الداخلية للانتخابات، وتزامن مواعيد الانتخابات الرئاسية والحزبية، الأمر الذي أثار موجة من الخلافات بين الحزب الحاكم وحزبي المعارضة حول صيغة لإجراء الانتخابات".

وأوضح راغي أنه "في ظل غياب دستور يفصل بين هذه الخلافات، باتت المفاوضات الملجأ الوحيد للحل، لكن إصرار الجانبين (الحزب الحاكم وحزبا المعارضة وطني وأوعد) على موقفيهما، أدّى إلى فشل المفاوضات وهو ما يعمّق جذور الأزمة السياسية الحالية".

ويتمسك رئيس الولاية بيحي بسند قانوني يسمح له بفتح باب التسجيل للجمعيات السياسية وإجراء الانتخابات الحزبية مرة في كل 10 سنوات. وفي المقابل، تتمسك المعارضة بإجراء الانتخابات الرئاسية أولا بذريعة أن تنظيم الانتخابات الحزبية لم يحن أوانها بعد وأنها ستفتح باب تسجيلها في ديسمبر المقبل.

لكن المحكمة العليا في صوماليلاند أقرّت بشرعية فتح بات التسجيل للجمعيات السياسية وإجراء انتخابات حزبية من دون رسم خارطة الطريق التي ستجرى عليها، حيث أن لوائح الانتخابات المحلية تشترط خوض الجمعيات السياسية في الانتخابات البلدية لتصبح أحزابا سياسية رسمية، رغم إجراء الانتخابات البلدية في مايو 2021.

وخضع قانون الانتخابات المحلية لتعديلات أكثر من مرة كان آخرها عام 2011، وينص على فتح باب التسجيل للأحزاب السياسية مرة كل 10 سنوات، ومن ثم التنافس بينها على انتخابات البلديات، لتصبح الأحزاب الثلاثة التي تحصل على أكبر عدد من أصوات الناخبين أحزابا رسمية في الولاية.

وبناء على ذلك، أجريت آخر انتخابات حزبية في صوماليلاند عام 2012، لتتصدّر الأحزاب الثلاثة الحالية، "كليمة" الحاكم، و"وطني" و"أوعد" المعارضان. وأربك تصدُّر الأحزاب المعارضة في الانتخابات البلدية والبرلمانية التي عقدت في مايو 2021، الحزب الحاكم ودفعه إلى تغيير حساباته الداخلية، ما يعني أن نتائج الرئاسيات في نوفمبر المقبل مفتوحة على كلّ الاحتمالات.

◙ المعارضة تخشى مخططات الحزب الحاكم عبر فسح المجال السياسي لأحزاب سياسية صغيرة لكسر شوكة الأحزاب المعارضة الكبيرة وتشتت قاعدة ناخبيها في الرئاسيات

وقال مدير مركز "هرجيسا" للبحوث والدراسات محمود عبدي إن الحزب الحاكم برئاسة بيحي تدارك ما ستفرزه صناديق الاقتراع في حال أُجريت الانتخابات الرئاسية، ورأى أن "تمسّكه بإجراء الانتخابات الحزبية دون خارطة واضحة هدفه تجنّب الخسارة الحتمية". وأضاف أن "الحزب الحاكم أراد من خلال تقديم الانتخابات الحزبية على الرئاسية قطع الطريق أمام أحزاب المعارضة، وخاصة حزبي 'وطني' و'أوعد' اللذين تؤهلهما قواعدهما لاكتساح الانتخابات الرئاسية".

وحول مخاوف الأحزاب المعارضة، قال عبدي إنها "تخشى مخططات الحزب الحاكم عبر فسح المجال السياسي لأحزاب سياسية صغيرة لكسر شوكة الأحزاب المعارضة الكبيرة، وتشتت قاعدة ناخبيها في الرئاسيات". وأكد أن "الحكومة الحالية هي الجهة المعنية لإدارة الانتخابات الحزبية وتشكيل اللجان، وهو ما يخلق توجّس المعارضة من نوايا الحزب الحاكم حول سحب البساط من تحت أقدامها عبر تعقيد إجراءات الانتخابات وخلق أحزاب سياسية جديدة وهمية".

وفي تصريح للإعلام المحلي، قال رئيس حزب "أوعد" المعارض فيصل علي ورابي إن "“مساعي رئيس الولاية هي تصفية حزبَي 'أوعد' و'وطني' المعارضين والخروج بأحزاب سياسية غير شرعية تخدم لصالحه في الانتخابات الرئاسية".

وقال عبدالرحمن عبدالله عرو المرشح الرئاسي في حزب 'وطني' المعارض في تصريح للإعلام المحلي إن "الانتخابات الرئاسية هي التي ستجرى أولا لأن قوانينها جاهزة، بينما تحتاج الانتخابات الأخرى إلى وضع قوانين جديدة لإجرائها، وهو ما قد يدخل البلاد في فراغ رئاسي".

وتنتهي ولاية الرئيس بيحي في الثالث عشر من نوفمبر 2022، بينما تنتهي شرعية الأحزاب السياسية الثلاثة الحالية في ديسمبر المقبل. وتنذر أزمة الخلافات السياسية حول الانتخابات التي تشهدها ولاية صوماليلاند بتفجّر الأوضاع السياسية والأمنية نتيجة فشل الجهود المحلية في تقريب وجهات النظر بين الحكومة والمعارضة.

ويقول راغي إن "الأوضاع السياسية والأمنية في صوماليلاند قد تتخذ منحى تصعيديا في حال استمرار جمود المفاوضات بين الحكومة والمعارضة حول إيجاد صيغة لإجراء الانتخابات الرئاسية والحزبية، فكلما اقترب موعد انتهاء ولاية الرئيس الحالي، اشتدّت الأمور وتفجّرت الأوضاع أكثر".

وأضاف أن "استعداد المعارضة لتنظيم تظاهرات شعبية رفضا لاحتمال تأجيل الانتخابات الرئاسية، قد يقابله تصعيد أمنيّ من الشرطة التي أعلنت رفضها للتظاهرات غير المرخّصة، وهو ما قد يؤدي إلى تصادم مع المتظاهرين على غرار التظاهرات السابقة".

وأكد أن "المكوّن القبليّ داخل الأحزاب المعارضة قد يرفض جميع المبادرات التي قد تضمن بقاء الرئيس الحالي وتأجيل الانتخابات الرئاسية، وقد تلجأ لخيار التصعيد وهو ما سيؤدي إلى حدوث انفلات أمنيّ ما لم تنجح جهود الوساطة المحلية".

2