عقبات تعترض قوة شرق أفريقيا لإحلال السلام في الكونغو

أوغندا ستنشر ألف جندي في كينشاسا بحلول نهاية نوفمبر.
الأربعاء 2022/11/23
آمال السلام بعيدة المنال

قررت الدول السبع في مجموعة دول شرق أفريقيا (بوروندي وكينيا وأوغندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية ورواندا وجنوب السودان وتنزانيا) تشكيل قوة لإحلال السلام في الكونغو الديمقراطية التي تدميها نزاعات مسلحة يقودها متمردون، إلا أن خبراء يشككون في قدرة القوة العسكرية وحدها على تحقيق الأهداف المعلنة.

كمبالا (أوغندا) - أعلنت أوغندا الثلاثاء إرسال ألف جندي بحلول نهاية نوفمبر إلى شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية في إطار قوة إقليمية من شرق أفريقيا تسعى إلى فرض السلام في البلاد التي تواجه جماعات متمردة مسلحة، إلا أن فرص السلام تعد بعيدة المنال في ظل فشل مبادرات عديدة سابقة.

ويقول محللون إن تاريخ جمهورية الكونغو الديمقراطية مليء بالصراعات ومحاولات السلام الفاشلة، حيث حاولت بعض الجماعات التوسط لإحلال السلام بين الجماعات المتحاربة.

وشهدت السنوات الأخيرة الماضية محاولات من بعض الهيئات الإقليمية؛ مثل “الجماعة الإنمائية للجنوب الأفريقي”، وأصحاب النفوذ للتوصل إلى تسوية بشأن النزاع في جمهورية الكونغو الديمقراطية، لكن الأمر واجهته صعوبات كبيرة.

وصرح المتحدث باسم الجيش الأوغندي فيليكس كولاييغي “نضع اللمسات الأخيرة لجهوزية قواتنا قبل إدخالها إلى شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية” إلى جانب الجنود الكينيين الموجودين في مدينة غوما. وقال “نرسل نحو ألف جندي في مهمة”، دون أن يحدد موعدا بدقة.

وقال مصدران عسكريان إن فرق استخبارات وخدمات طبية ولوجستية كانت موجودة للتحضير لوصولها إلى غوما، التي تتويليام روتو: سنفرض السلام على المتسببين في انعدام الأمنعرض حاليا لخطر هجوم من حركة إم 23، حركة تمرد التوتسي السابقة التي حملت السلاح مجددا نهاية عام 2021.

ويتسبب الاضطراب بالكونغو في واحدة من أسوأ حالات الطوارئ الإنسانية وأطولها في العالم، إذ يواجه أكثر من 27 مليون شخص نقصا في الغذاء، واضطر ما يقرب من 5.5 مليون شخص إلى الفرار من ديارهم، بحسب الأمم المتحدة.

ويُنظر إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية عموما على أنها في حالة حرب دائمة على الرغم من المحاولات المبذولة لإحلال السلام المستدام.

وقررت الدول السبع في مجموعة دول شرق أفريقيا، بوروندي وكينيا وأوغندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية ورواندا وجنوب السودان وتنزانيا، في يونيو إرسال قوة إقليمية لتحقيق الاستقرار في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية التي تشهد أعمال عنف منذ نحو 30 عاما.

واستأنف متمرّدو حركة “إم 23” المكوّنة بمعظمها من كونغوليين القتال أواخر العام 2021 بعدما خمدت خلاياهم لسنوات، متهمين حكومة الكونغو الديمقراطية بعدم الإيفاء باتفاق ينص على انخراط عناصر الحركة في صفوف الجيش.

وحقق متمردو الحركة سلسلة من الانتصارات ضد الجيش الكونغولي في شمال كيفو في الأسابيع الأخيرة مما أدى إلى اتساع رقعة الأراضي الواقعة تحت سيطرتهم. ويقدر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوشا) أن القتال الأخير تسبب في نزوح 188 ألف شخص.

ودفع تقدّم الميليشيات في أنحاء مقاطعة شمال كيفو الشهر الماضي بعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام هناك إلى رفع مستوى التأهب وزيادة الدعم للجيش الكونغولي. وكانت لعودة “إم 23” تداعيات على العلاقات في وسط أفريقيا.

الأمم المتحدة: أكثر من 27 مليون شخصا في الكونغو يواجهون نقصا في الغذاء

وتتهم جمهورية الكونغو الديمقراطية رواندا بدعم الميليشيا، وهو أمر تنفيه كيغالي. وأفاد تقرير أعده خبراء فوضتهم الأمم المتحدة في أغسطس، بأن الجيش الرواندي تدخّل في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية بشكل مباشر ودعم الحركة، كما أشار دبلوماسي أميركي في الأمم المتحدة بوضوح إلى “المساعدة التي قدمتها قوات الدفاع الرواندية إلى حركة إم 23”.

لكن رواندا تنفي ذلك وتتهم في المقابل الكونغو الديمقراطية، التي تنفي أيضا، بالتواطؤ مع القوات الديمقراطية لتحرير رواندا، وهي حركة تمرد للهوتو الروانديين الذين تورط بعضهم في الإبادة الجماعية للتوتسي في رواندا في 1994.

وأشار الرئيس الكيني ويليام روتو في وقت سابق إلى أن رؤساء دول مجموعة شرق أفريقيا السبع (بوروندي وكينيا ورواندا وتنزانيا وجنوب السودان وأوغندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية) “وافقوا على تفويض” القوة الإقليمية.

وشدد على أنّ التفويض من شأنه “ضمان السلام في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية وفرض السلام على من يريدون بأي ثمن التسبب بعدم الاستقرار وانعدام الأمن”.

ويقول الباحث الكيني لوك أوبال إن “الصراع في جمهورية الكونغو الديمقراطية يشتمل على ثلاثة أبعاد: بعد محلي، وآخر وطني، وآخر إقليمي”.

ويؤكد أوبال أن “الأمر يستلزم التعامل مع عملية السلام على هذه المستويات الثلاثة جميعا كي يعود السلام إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية”.

ما يقرب من 5.5 مليون شخص اضطروا إلى الفرار من ديارهم
ما يقرب من 5.5 مليون شخص اضطروا إلى الفرار من ديارهم

ويشير إلى أن السلام “يتيح فرصة فريدة للمجتمع الدولي ليستأنف التعامل مع دول المنطقة، ويبرهن على التزامه تجاه عمليات السلام الأفريقية، ويعيد بناء الثقة مع الشركاء الوطنيين في وسط أفريقيا وشرقها وجنوبها”.

وأودت الصراعات في جمهورية الكونغو الديمقراطية بحياة الملايين، وشرَّدت الكثير من الذين تعرضوا للمزيد من العنف والمرض وسوء التغذية، كما خلَّفت الصراعات جيلا مضطربا من الأطفال والصغار والبالغين، وفكَّكت كيانات السلطة وأواصر الثقة بين المجتمعات المحلية، وحطَّمت نظم التعليم والرعاية الصحية تماما، وعطَّلت طرق النقل والبنية التحتية، وألحقت أضرارا لا تحصى بالبيئة في أراضي القارة، وممراتها المائية ونباتاتها، وأحدثت فوضى في الشعوب، بما في ذلك اغتصاب النساء والأطفال.

وبغضِّ النظر عن المستوى الذي ينظر من خلاله للأمر؛ فإن الدروس المستفادة من النزاعات وعمليات السلام تتباين بنفس تباين تأثيرات النزاعات على مختلف الجماعات في جمهورية الكونغو الديمقراطية؛ ومع ذلك فمن الواضح أن عملية السلام يجب أن تتكامل مع الإستراتيجية السياسية لتحقيق السلام الدائم في هذه الظروف؛ وبالتالي لا بُدَّ من دمج عمليات السلام في النظام السياسي.

ويستلزم تحقيق التعبئة الناجحة للموارد تأسيس علاقة واضحة بين مبادرات السلام والأهداف المرجوة؛ إذ يجب ألا تكون أهداف أي عملية متضاربة أو غير قابلة للتطبيق على المستوى التقني، بل يجب وضعها وتوضيحها مصحوبة بانتدابات واضحة ومرنة وموثوق بها، مع تنفيذ قواعد الاشتباك.

5