عقار تجريبي لعلاج السرطان يساعد في إزالة فايروس نقص المناعة البشرية من خلايا المخ

لندن ـ أفاد باحثون بأن عقارا تجريبيا تم تطويره في الأصل لعلاج السرطان قد يساعد في إزالة فايروس نقص المناعة البشرية من الخلايا المصابة في الدماغ.
وجد الباحثون في مركز تولين الوطني لأبحاث الرئيسيات، للمرة الأولى، أن عقارا للسرطان يقلل بشكل كبير من مستويات “فايروس نقص المناعة القردي”، وهو المعادل غير البشري لفايروس نقص المناعة البشرية لدى الرئيسيات في الدماغ من خلال استهداف واستنزاف بعض الخلايا المناعية التي تؤوي الفايروس.
ونُشر هذا الاكتشاف في مجلة “براين”، ويمثل خطوة مهمة نحو القضاء على فايروس نقص المناعة البشرية من الخزانات التي يصعب الوصول إليها حيث يتجنب الفايروس العلاج الفعال.
وقال مؤلف الدراسة الرئيسي وونغ كي كيم، المدير المساعد للأبحاث في مركز تولين الوطني لأبحاث الرئيسيات، “يعد هذا البحث خطوة مهمة في معالجة المشكلات المتعلقة بالدماغ الناجمة عن فايروس نقص المناعة البشرية، والتي لا تزال تؤثر على الناس حتى عندما يعتمدون على أدوية فعالة لفايروس نقص المناعة البشرية. ومن خلال استهداف الخلايا المصابة في الدماغ على وجه التحديد، قد نتمكن من إزالة الفايروس من هذه المناطق المخفية، وهو ما كان يشكل تحديا كبيرا في علاج فايروس نقص المناعة البشرية”.
ويشكل العلاج المضاد للفايروسات القهقرية عنصرا أساسيا في العلاج الناجح لفايروس نقص المناعة البشرية، حيث يحافظ على الفايروس عند مستويات غير قابلة للكشف في الدم ويحول فايروس نقص المناعة البشرية من مرض مميت إلى حالة يمكن السيطرة عليها. ومع ذلك، فإن العلاج المضاد للفايروسات القهقرية لا يقضي على فايروس نقص المناعة البشرية تماما، ما يستلزم العلاج مدى الحياة. ويظل الفايروس في “مستودعات فايروسية” في الدماغ والكبد والعقد الليمفاوية، حيث يظل بعيدا عن متناول العلاج المضاد للفايروسات القهقرية.
وكان الدماغ منطقة صعبة بشكل خاص للعلاج بسبب حاجز الدم في الدماغ، وهو غشاء واق يحميه من المواد الضارة ولكنه يمنع أيضا العلاجات، ما يسمح للفايروس بالاستمرار.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن الخلايا في الدماغ المعروفة باسم الخلايا البلعمية طويلة العمر للغاية، ما يجعل من الصعب القضاء عليها بمجرد إصابتها. ويُعتقد أن إصابة الخلايا البلعمية تساهم في الخلل الإدراكي العصبي، الذي يعاني منه ما يقارب نصف المصابين بفايروس نقص المناعة البشرية.
ويعد القضاء على الفايروس من الدماغ أمرا بالغ الأهمية للعلاج الشامل لفايروس نقص المناعة البشرية ويمكن أن يحسن بشكل كبير نوعية الحياة لأولئك الذين يعانون من مشاكل إدراكية عصبية مرتبطة بفايروس نقص المناعة البشرية. وركز الباحثون على الخلايا البلعمية، وهي نوع من خلايا الدم البيضاء التي تؤوي فايروس نقص المناعة البشرية في الدماغ.
وباستخدام مثبط جزيئي صغير لمنع مستقبل يزيد في الخلايا البلعمية المصابة بفايروس نقص المناعة البشرية، نجح الفريق في تقليل الحمل الفايروسي في الدماغ. وقد أدى هذا النهج إلى تطهير أنسجة المخ من الفايروس، ما يوفر وسيلة علاجية جديدة محتملة لفايروس نقص المناعة البشرية.
وتمت دراسة مثبط الجزيء الصغير المستخدم، “بي.أل.زي 945″، سابقا للاستخدام العلاجي في التصلب الجانبي الضموري وسرطان الدماغ، ولكن لم تتم دراسته من قبل في سياق تطهير فايروس نقص المناعة البشرية من الدماغ.
وأدى العلاج بجرعات عالية من مثبط الجزيء الصغير إلى انخفاض ملحوظ في الخلايا التي تعبر عن مواقع مستقبلات فايروس نقص المناعة البشرية، فضلا عن انخفاض بنسبة 95 – 99 في المئة في أحمال الحمض النووي الفايروسي في الدماغ.
وبالإضافة إلى تقليل الأحمال الفايروسية، لم يؤثر العلاج بشكل كبير على الخلايا الدبقية الصغيرة، وهي الخلايا المناعية المقيمة في الدماغ، والتي تعد ضرورية للحفاظ على بيئة مناعية عصبية صحية. كما لم تظهر علامات سمية الكبد عند الجرعات التي تم اختبارها.
وتتمثل الخطوة المستقبلية لفريق البحث في اختبار هذا العلاج بالتزامن مع العلاج المضاد للفايروسات القهقرية لتقييم فعاليته في نهج علاجي مشترك. وقد يمهد هذا الطريق لإستراتيجيات أكثر شمولا للقضاء على فايروس نقص المناعة البشرية من الجسم بالكامل.