عصر الاستقلالية القادم يعيد تشكيل مقصورة السيارة جذريا

تتزايد القناعة لدى خبراء السيارات يوما بعد يوم أنه عندما يتمتع المصممون بالحرية الكاملة لإعادة التفكير في ضوابط جديدة بلا سائق أو قيود ميكانيكية داخل المقصورة، فإن المركبات المستقبلية ستبدأ في الظهور بشكل مختلف جذريا من الداخل.
لندن- تحمل الأجزاء الداخلية من سيارات اليوم أسلوبا مختلفا عما كانت عليه قبل خمسة عقود رغم أن الوظيفة الأساسية للمقصورة ظلت على حالها باعتبارها مركز تحكم حيث تضم عجلة القيادة والدواسات وغيرها.
وبالمثل، يتم تقديم نفس التنازلات للمكونات الميكانيكية التقليدية للسيارة. وظل نفق ناقل الحركة، وهو حاجز ضئيل بين اليسار واليمين، أهم حل وسط مكاني في العديد من السيارات مما يفرض تصميم قمرة قيادة صلبة وغير مرنة.
ولكن كل ذلك سيتغير في عصر التحكم الذاتي عندما تختفي عناصر تحكم السائق أخيرا حيث ستقوم السيارة بتجريب نفسها وتعتمد فقط على أبسط المدخلات من ركابها حيث يتم نقلهم بعيدا إلى أي مكان يطلبونه.
وفي الوقت نفسه، فإن كهربة السيارة ستدخل حقبة جديدة من التصميم الداخلي بفضل انتشار التكوينات المرنة للأرضيات المسطحة المناسبة للعمل والترفيه وكل شيء بينهما.
ويشير سام عبدالصمد المحلل الرئيسي للتنقل الإلكتروني في شركة غيدهاوس إنسايتس إلى بعض النماذج الأولية الحالية من المركبات ذاتية القيادة في هذا الاتجاه.
ونقلت منصة موتور ترند المتخصصة في السيارات عن عبدالصمد قوله إن “نماذج مثل كروز أوريجين وزووكس في.أتش 6 تحول التصميم الداخلي إلى مقاعد العربات بحيث يواجه كل شخص المركز”. وأضاف “هذا يترك مساحة أكبر للساقين وسهولة الدخول والخروج ويمكنه أيضا تسهيل المرونة في إدخال الخزائن للتوصيل في الميل الأخير أو استيعاب الكراسي المتحركة”.
تستطيع السيارة التي يمكن أن تتحول إلى شاحنة توصيل أن تولد أرباحًا لمالكها عندما تكون بخلاف ذلك في موقف سيارات. لكن المركبة التي يمكنها تغيير تصميمها الداخلي لتناسب احتياجات العملاء المختلفة يمكن أن تكون قوية جدا أيضا.
وطرحت فولفو فكرة مقنعة لمستقبل مثل هذا بمفهومها 360 سي حيث لا تتعلق الرؤية فقط بأخذ مكان في المقصورة، بل تتعلق بدلاً من ذلك بإنشاء مساحة جديدة تعيد تشكيلها ديناميكيا بناء على ما يفعله السائق ومع من يفعل ذلك، وإلى أين هو ذاهب.
وقالت ليزا ريفز رئيسة قسم التصميم الداخلي في فولفو حول هذا المفهوم “استكشفنا أربعة أفكار للتصميم الداخلي تستلزم أول فكرتين أربعة مقاعد تواجه بعضها البعض حول طاولة رفيعة. أحدها مخصص لوقت العائلة وتصفح الأخبار وتناول وجبة الإفطار”.
وأشارت إلى أن الثاني مشابه ولكنه مهيأ بشكل أكبر للأعمال “حيث مساحة مكتبية ثابتة في ضواحي المدينة أو للاجتماعات أثناء التنقل”.
وأضافت ريفز “هنا، يعمل زجاج النافذة كشاشة لعرض أشياء مثل ملاحظات العرض التقديمي أو نتائج البحث”. وتابعت “هناك أيضا وضع سيارة الحفلة وكذلك تكوين سيارة النوم، والذي ربما يكون الأكثر إقناعا”.
وحتى مقاعد السيارات الأساسية في المستقبل ستتمتع بجوانب راحة أكبر من كراسي اليوم، فقد عرضت شركة سويسرية تدعى داتويلر مقاعد مفهوم تستخدم بوليمرات نشطة كهربائيا متغيرة الشكل لملء وسائد المقعد.
وتغير البوليمرات شكلها عندما تتلقى شحنة كهربائية، وهي ليست فقط أكثر كفاءة بكثير من مضخات الهواء والبكرات التي تستخدمها العديد من السيارات الفاخرة الحديثة في مقاعد التدليك اليوم ولكنها أيضا هادئة تماما وأكثر إحكاما.
لكن أهم جانب من جوانب الراحة في السيارة ذاتية القيادة قد يكون شيئًا أكثر بدائية وهو دوار الحركة.
ويقول عبدالصمد إن الغثيان هو أحد الاعتبارات الحاسمة للمركبات الآلية والأشخاص الذين لا يشاركون بشكل مباشر في مهمة القيادة يميلون إلى أن يكونوا أكثر عرضة لحالات الدوار، ويمكن أن يتفاقم بسبب الطريقة التي يتم بها التحكم في السيارة.
ووفقا لبحوث جامعة ميشيغان، يعاني ما يقرب من نصف الأشخاص من دوار الحركة، والذي يحدث عادةً بسبب القراءة أو التنغيم على هواتفهم في السيارات.
ويعتقد مايكل سيفاك العضو المنتدب لشركة سيفاك أبيليد للأبحاث والمدير السابق للنقل العالمي المستدام بجامعة ميشيغان أنه في السيارات ذاتية القيادة سيكون كل شخص راكبا ولذا سيكون ثمة مجموعة كبيرة محتملة من المرضى والحماية التي يتلقاها السائقون من القيادة لن تكون موجودة بعد الآن.
وحصلت سيفاك على براءة اختراع لحل يستخدم الأضواء لتحفيز رؤيتك المحيطية بنفس الطريقة التي سيكون عليها من خلال النظر من النافذة.
ولدى مورّد السيارات الياباني أن.أتش.كي حل آخر يتمثل في مقاعد ذات مساند رأس ممتدة تحافظ على الرأس وتثبته، والتي تقول إنها تقلل ظهور الغثيان بمقدار الثلث.
وفي خضم ذلك ستكون السيارات المزودة بشبكة واي فاي داخل المقصورة منتشرة في كل مكان تقريبا في هذه المرحلة، ويقدر أن 91 في المئة من السيارات الجديدة المباعة الآن لديها اتصالات نشطة.
وستستمر اتصالات البيانات النشطة هذه في تسريع شبكة الجيل الخامس للاتصالات (5 جي)، التي يتم طرحها الآن في معظم المدن، أسرع مئة مرة من الاتصالات التي تستخدمها معظم السيارات الجديدة اليوم.
وقريبا حتى 5 جي لن تكون جيدة بما فيه الكفاية، فقد أطلقت الصين بالفعل أول نموذج لقمر اصطناعي للجيل السادس للاتصالات (6 جي) والذي من المتوقع أن يكون في الخدمة بحلول عام 2030.
والأهم من ذلك، ستبدأ تجارب واقع افتراضي غامرة تماما، ومعقدة بشكل كبير مقارنة بالأفلام ثنائية الأبعاد البسيطة، تتدفق مباشرة إلى السيارة. ومع زمن انتقال أقل، ستكون الألعاب داخل السيارة سريعة وسريعة الاستجابة كما تتوقعها عند الجلوس في المنزل.
وإلى جانب ذلك لا يقتصر الترفيه داخل السيارة على الألعاب فقط، فقد يرغب السائق ومن معه أحيانًا في الاسترخاء والاستمتاع بشيء مرئي أكثر مع الآخرين.
وتزداد شاشات العرض في لوحة القيادة اليوم حجما وسطوعا، ولكن في المستقبل ليس هناك ما يضمن أن السيارات ستحتوي حتى على لوحة عدادات.
وهذا جزء من التفكير وراء مفهوم الأجواء الداخلية من فولفو، والذي يبث الصور مباشرة على سقف السيارة، حيث سيتمكن السائق بإقران ذلك بصوت محيطي مدمج، من الحصول على تجربة مسرحية عالية الجودة على عجلات.
ومن المثير للاهتمام أن هذه التجربة الصوتية قد تكون شيئًا شخصيًا للغاية. وقال عبدالصمد إن “الصوت الشخصي الموجه هو تقنية يجب أن تظهر في الإنتاج قريبا، حيث يمكن لكل راكب الحصول على شرانق صوتية فردية”.
وباستخدام هذه التقنية، يتم توجيه حزم ضيقة من الصوت على وجه التحديد إلى الفرد، وتتبعه أثناء تحركه ولا يمكن للآخرين القريبين سماع أي شيء. وأضاف عبدالصمد “يمكن أن تكون هذه تقنية مثيرة للاهتمام في مجال الروبوت المشترك”.
ويمكن للواقع المعزز أن يلعب دورا في الترفيه داخل السيارة أيضًا فهو لا يعني فقط ارتداء نظارات فبالنسبة إلى فولفو 360 سي، يمكن استخدام زجاج النافذة وحتى معطر الهواء داخل السيارة لتعزيز الواقع.
وقال ريفز “يتم استخدام الواقع المعزز في الزجاج الجانبي، مما يتيح للركاب حجب المناظر الطبيعية إذا رغبوا في ذلك، من مشهد مدينة مزدحم للهروب إلى مكان آمن مريح من خلال عرض مشاهد من الطبيعة من اختيارهم على الزجاج الجانبي”.