عشرات الآلاف من فلسطينيي الضفة يخسرون وظائفهم في إسرائيل

رام الله – خسر حوالي 160 ألف فلسطيني من الضفة الغربية يعملون في إسرائيل وفي المستوطنات اليهودية وظائفهم أو أصبحوا معرضين لخطر فقدانها بسبب إغلاق المعابر الحدودية من الضفة الغربية إلى إسرائيل والمستوطنات، والقيود المفروضة على وصولهم إلى مراكز عملهم، في ظل الحرب المتصاعدة بين إسرائيل وحماس.
وأعادت إسرائيل الآلاف من الفلسطينيين إلى قطاع غزة المحاصر بعد أن أصدرت في السابق 18 ألف تصريح تسمح لسكان غزة بالعبور إلى إسرائيل والضفة الغربية لشغل وظائف في قطاعات مثل الزراعة أو البناء التي تصل رواتبها إلى 10 أضعاف ما يمكن أن يكسبه العامل في القطاع المحاصر.
وكان العديد من الفلسطينيين عمالا يوميين في إسرائيل أو في المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية، ولم يتمكنوا من السفر إلى أماكن عملهم بسبب إغلاق المعابر الحدودية منذ هجوم حماس على جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر.
وعندما شارك عامل الفندق الفلسطيني طه أمين إسماعيل خليفة في مكالمة جماعية مع صاحب عمله الإسرائيلي الشهر الماضي، توقع الحصول على إحاطة حول كيفية تأثير الحرب بين إسرائيل وحماس على الأعمال. لكنه فوجئ بقرار تسريحه هو و40 آخرين بدلا من ذلك. وعمل خليفة، الذي يعيش في الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل، في فندق بالقدس الشرقية لأكثر من 20 عاما.
فقدان الوظائف الفلسطينية منذ بداية حرب غزة يعادل خسارة يومية في الدخل قدرها 16 مليون دولار
وانتابت مشاعر متضاربة خليفة بشأن العمل في شركة إسرائيلية، لكنه اعتبره الخيار الأفضل للحصول على راتب قار. ويبلغ معدل البطالة 46 في المئة في غزة و13 في المئة في الضفة الغربية، حيث تبقى الأجور أدنى بكثير.
وقال خليفة “لا يوجد شيء يوفر لنا المال سوى العمل في إسرائيل. ليس لدينا خيار آخر”. وأصبح الآن عاطلا عن العمل، ويخشى ألا يتمكن أبدا من العودة حيث تحث الشركات الإسرائيلية الحكومة على سد فجوة العمالة التي خلفها العمال الفلسطينيون من دول مثل الهند وسريلانكا.
وتعدّ المزارع والمنشآت طور البناء والفنادق الإسرائيلية من بين القطاعات التي تعاني من نقص العمالة منذ اندلاع الحرب، حيث غادر بعض العمال المهاجرين الأجانب خوفا على سلامتهم.
وقال شاي بوزنر، وهو نائب المدير العام لرابطة بناة إسرائيل، في تعليقات عبر البريد الإلكتروني، إن جمعية بناة إسرائيل طلبت من الحكومة السعي لتوظيف ما لا يقل عن 60 ألف عامل أجنبي لسد الفجوة التي خلفها الفلسطينيون.
وقال مسؤول حكومي الشهر الماضي إن سريلانكا، التي تحتاج بشدة إلى العملة الصعبة والتحويلات المالية، تخطط لإرسال 10 آلاف عامل في قطاع البناء إلى إسرائيل، وهم جزء من مجموعة أكبر تضم 20 ألف عامل، ويشملون عمال المزارع.
وأثارت الجهود المبذولة لجلب بدائل من الخارج مخاوف من تعرض فرص العمل للعمال الفلسطينيين على المدى الطويل للخطر، بغض النظر عمّا يحدث في الصراع الحالي.
وقال مسؤول الدائرة الإعلامية بالاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين سعيد عمران عبر الهاتف لرويترز إن “هذه المسألة خطيرة”. لكنه يتوقع أن توظيف عشرات الآلاف من الأجانب سيستغرق وقتا.
وسيوجّه فقدان الوظائف الإسرائيلية على المدى الطويل ضربة أخرى للاقتصاد الفلسطيني الهش، الذي يعتمد على المساعدات الخارجية والمتضرر من القيود الإسرائيلية على التنقل من الضفة الغربية.
ووفقا لمنظمة العمل الدولية، يعادل فقدان الوظائف الفلسطينية منذ بداية الحرب خسارة يومية في الدخل قدرها 16 مليون دولار. وقالت مريم مرمور، وهي مديرة المناصرة العامة في مركز جيشاه – مسلك الإسرائيلي غير الربحي للدفاع عن حريّة تنقل الفلسطينيين، إن هذا يثير مخاوف بشأن الطريقة التي سيعيش بها الفلسطينيون ويعملون في الأشهر والسنوات القادمة، خاصة في غزة.
وأضافت “يصعب أن نتصور حصول العمال من غزة على فرص العمل. ما هو الواقع الإنساني والاقتصادي في القطاع؟ كيف سيكون وضع الاقتصاد الفلسطيني بعد هذه المرحلة؟”.
160
ألف فلسطيني من الضفة الغربية يعملون في إسرائيل وفي المستوطنات اليهودية حسروا وظائفهم أو أصبحوا معرضين لخطر فقدانها
وتسبب خسارة الدخل معاناة مالية للعمال من ذوي الأجور المنخفضة بالفعل.
وأنهى عامل البناء مثنى جمال حسن، البالغ من العمر 33 عاما، الذي يعيش في مدينة جنين بالضفة الغربية، مهمة طلاء في تل أبيب عندما اندلعت الحرب. وكان يكسب 140 دولارا في الأسبوع وكان المعيل الرئيسي لأسرته، لكنه لم يكسب أيّ دخل منذ اندلاع الحرب. وقال إنه سيضطر قريبا إلى الاستدانة لتغطية احتياجات أسرته الأساسية. وأكّد أنه لا يستطيع عبور الحدود بسبب إغلاقها، ويخشى أن تطلق قوات الأمن الإسرائيلية النار عليه أو تعتقله إذا حاول الانتقال من جنين.
وقال عبر الهاتف من منزله “كنا نعمل لنأكل ونشرب، وليس لنشتري المنازل والسيارات. كنا نعيش بطريقة معينة وافتكّوها منا بين عشية وضحاها”.
ويعمل حوالي 110 آلاف عامل أجنبي مهاجر من دول من بينها تايلاند والفلبين في إسرائيل بشكل قانوني. وكان بعضهم من بين 1200 شخص قتلوا في 7 أكتوبر، حسب الإحصائيات الإسرائيلية.
ووافقت الهند في شهر مايو على إرسال عمال بناء ومقدمي رعاية إلى إسرائيل، لكن وزارة الشؤون الخارجية الهندية قالت إنها “ليست على علم بأيّ رقم أو طلب محدد” من تل أبيب منذ اندلاع الصراع مع حماس.
وأثارت الجهود الإسرائيلية لتوظيف عمال أجانب يعوّضون الفلسطينيين انتقادات من النقابيين في الهند، حيث وصف اتحاد عمال البناء الهندي هذه المساعي بأنها “غير أخلاقية”، مشيرا إلى عدد القتلى في القصف الإسرائيلي والغزو البري لقطاع غزة الذي تحكمه حماس.