عشائر درعا والنظام السوري يتوصلان إلى اتفاق هدنة بشأن الأحياء المحاصرة

دمشق - دخل اتفاق "درعا البلد" جنوب سوريا لوقف إطلاق النار وتسليم السلاح صباح الأربعاء حيز التنفيذ، بعد تصعيد مكثف من قوات النظام على الجيب الواقع جنوب غرب البلاد واستهداف أحيائه بأكثر من 50 صاروخا من نوع أرض - أرض.
وتوصلت الأطراف الفاعلة في محافظة درعا مساء الثلاثاء إلى اتفاق جديد، بعد اجتماعات عدة وجولة مفاوضات استمرت لنحو 5 ساعات.
وعقد اجتماع شرق درعا بين لجنة التفاوض في درعا البلد واللجنة المركزية في درعا و"اللواء الثامن" الذي يقوده أحمد العودة (القيادي السابق في المعارضة السورية)، إضافة إلى اجتماع آخر بين قيادات "اللواء الثامن" وقائد القوات الروسية في سوريا، ووزير الدفاع السوري علي أيوب في الملعب البلدي بدرعا المحطة.
ونقل "تجمع أحرار حوران" عن مصدر في "لجان التفاوض" قوله "تم الاتفاق على وقف إطلاق النار لمدة ثلاثة أيام في درعا البلد"، مؤكدا أن "قوات تابعة للشرطة العسكرية الروسية سوف تدخل إلى درعا البلد الأربعاء بمرافقة من اللواء الثامن التابع للفيلق الخامس والمدعوم من روسيا، بهدف تثبيت وقف إطلاق النار من خلال إنشاء نقطة عسكرية مؤقتة جنوب درعا البلد".
ودرعا البلد هي مهد الاحتجاجات السلمية التي خرجت ضد حكم أسرة الأسد قبل عقد، وقت ثورات الربيع العربي، قبل أن تنتشر في أنحاء البلاد ردا على عمليات قمع وحشية من قوات الأمن، ومن ثمة تطورت الأحداث وتحولت إلى حرب أهلية مدمرة.
ولفت التجمع إلى أن الاتفاق يشمل "إجراء تسويات جديدة لـ34 مطلوبا للنظام السوري، إضافة إلى تسليم سلاحهم في درعا البلد وطريق السد والمخيمات، وخروج من لا يرغب بإجراء التسوية".
وأضاف أن "الشرطة الروسية، بمرافقة اللواء الثامن وأعضاء من لجنة درعا البلد، تقوم على تدقيق هويات بعض الأشخاص في درعا البلد".
وتضمن الاتفاق، بحسب التجمع، نشر ثلاث نقاط عسكرية في محيط درعا البلد، على أن تتسلّمها قوات مشتركة بين الأمن العسكري التابع للنظام واللواء الثامن من أبناء محافظة درعا، مؤكدا أنه "بعد ذلك يجري سحب قوات الفرقة الرابعة والأجنبية من محيط مدينة درعا، وفتح كافة الحواجز بين درعا البلد ومركز المدينة".
وبالتزامن مع التوصل إلى الاتفاق، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بتعرض أحياء درعا البلد المحاصر للقصف بأكثر من 50 صاروخا من نوع أرض - أرض.
وأشار إلى أن معارك عنيفة تدور بين قوات النظام ومسلحين على محاور القتال في المنطقة، حيث تحاول قوات الفرقة الرابعة اقتحام درعا البلد، مدعومة بالميليشيات الموالية لها.
وتصاعدت حدة القتال هذا الأسبوع بعد انهيار خطة سلام روسية كانت تهدف إلى تجنب شن هجوم شامل على درعا البلد، وهي المنطقة المحورية في مدينة درعا التي تتحدى سلطة الدولة منذ استعادة قوات الرئيس بشار الأسد السيطرة على محيطها في محافظة درعا عام 2018.
وقال شهود ومصادر في الجيش إن الفرقة الرابعة في الجيش والموالية لإيران وتدعمها فصائل محلية مسلحة تمولها طهران، أطلقت العشرات من الصواريخ بدائية الصنع على درعا البلد.
وأفاد الجيش السوري بأن أربعة جنود على الأقل قتلوا في كمائن تعرضت لها القوات في بلدتي الصنمين ونوى، وأن قصفا من المعارضة المسلحة تسبب في سقوط ضحايا في مناطق سكنية.
واستعادت القوات الحكومية بمساعدة من قوة جوية روسية وجماعات مسلحة إيرانية السيطرة على محافظة درعا في 2018، وطمأنت موسكو كلا من إسرائيل والولايات المتحدة وقتها على أنها ستمنع الجماعات المسلحة المدعومة من إيران من الزحف على المنطقة الحدودية.
وأجبر الاتفاق الآلاف من المعارضين المدعومين من الغرب على تسليم أسلحتهم الثقيلة، لكنه أبقى قوات الأسد خارج درعا البلد التي ظلت إدارتها في يد المعارضة.
ونقل شيوخ عشائر عن أعضاء في المعارضة المسلحة قولهم إن وسطاء روسا رفضوا مهلة سلمها لهم الجيش خلال الليل لتسليم أسلحتهم الخفيفة والسماح للقوات بنصب نقاط تفتيش داخل درعا البلد.
وأكد مسؤولون محليون وسكان أن القوات الحكومية السورية منعت إمدادات الغذاء والدواء والوقود من الوصول إلى درعا البلد، لكنها فتحت ممرا للمدنيين للمغادرة.
وعبرت الولايات المتحدة وحلفاؤها عن القلق من حملة الجيش السوري في درعا، وقالوا إنها تعد تحديا للتعهد الروسي بالحفاظ على الاستقرار وكبح الجماعات المسلحة المدعومة من إيران والمعادية لإسرائيل.
وصمد الأسد في وجه المعارضة المسلحة ضده وفرض سيطرته على نحو 70 في المئة من البلاد بمساعدة روسية وإيرانية. لكن إدلب في شمال غرب البلاد ما زالت تحت سيطرة المعارضة المسلحة بينما تخضع مناطق في الشمال الشرقي للسيطرة الكردية.