عسكرة المدن ضمن مخططات ميركل لدحر التطرف

دفعت التهديدات الإرهابية غير المسبوقة في ألمانيا أجهزة الأمن في البلاد إلى تشديد الإجراءات الأمنية إلى مستويات عالية استباقا لضربات قادمة.
ويبدو أن جهاز الاستخبارات الألماني الداخلي (هيئة حماية الدستور) توصل إلى اعتزام عناصر متطرفة ضرب أهداف جديدة.
وفي مواجهة هذه التطورات الأمينة، يبرز توجه لدى الساسة الألمان يؤكد على ضرورة إشراك الجيش في عمليات التصدي للإرهاب.
وتحدثت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، الأسبوع الماضي، عن إمكانية تدخل الجيش الألماني في حال وقوع اعتداءات كبيرة، وهذا لم يحدث حتى الآن.
وتعتزم وزيرة الدفاع الألمانية أورسولا فون دير لاين وضع أسس قريبا لمشاركة الجيش الألماني في مهام داخلية في حال تعرض البلاد لهجمات إرهابية.
وقالت فون دير لاين، في تصريحات لصحيفة “بيلد” الألمانية الاثنين، “سنقرر في نهاية الصيف مع مؤتمر وزراء الداخلية على مستوى الولايات طبيعة سيناريوهات المهام التي يتعين أن نتدرب عليها”.
وذكرت الوزيرة أن الأمر يتطلب وضع تسلسل لانتقال التحذيرات في الحالات الجادة وتحديد الاختصاصات وتوفير العمالة اللازمة، مضيفة أنه سيتم القيام بتدريبات من أجل تنسيق التعاون بين السلطات الاتحادية وسلطات الشرطة في عدة ولايات، مشيرة إلى أن هناك ثلاث ولايات أعلنت عن رغبتها في المشاركة في تلك التدريبات.
وأوضحت الوزيرة أن الجيش مطالب أيضا بالمشاركة في مهام داخلية في الحالات الخطيرة وفقا لقرار المحكمة الدستورية العليا.
واعتبرت فون دير لاين النقاش حول الاستعانة بالجيش الألماني في مهام داخلية لمكافحة الإرهاب أمرا “سليما ومهمّا”.
وأوضحت أن الجميع يأمل في عدم وقوع أحداث إرهابية كبيرة تتطلب الاستعانة بالجيش، مشيرة في المقابل إلى أن هجمات باريس جعلت اهتمام الجميع يتركز على ضرورة الاستعداد لمثل هذه الحالات، وقالت “الشك حاليا أفضل بالنسبة إلي من الاتهام لاحقا بأننا لم نكن مستعدين”.
غير أن مخططات برلين للاستعانة بالجيش داخل المدن لا تلقى ترحيبا كبيرا في الأوساط الأمنية الألمانية، حيث عبرت نقابة الشرطة الألمانية عن قناعتها بأن الاستعانة بالجيش في مهام داخلية لمكافحة الإرهاب، غير مجدية.
وقال رئيس النقابة أوليفر مالشوف في تصريحات للقناة الثانية في التليفزيون الألماني، الاثنين، “المساعدة التي نحتاجها لا يمكن للجيش أن يقدمها على الإطلاق”. وأضاف مالشوف “نحتاج إلى محققين وإلى أفراد شرطة مدربين وفقا لمبادئ دولة القانون ليتخذون الإجراءات الضرورية”.
وأوضح أن هذه مهمة معقدة وتتطلب تأهيلا عالي المستوى، مشيرا إلى أن الجيش الألماني لا يمكنه القيام بهذه المهمة.
|
وذكر مالشوف أن من يعتقد بأن الأمن الداخلي يتحقق بـ”أشخاص مرتدين زيا موحدا وخوذة واقية ومدججين بأسلحة طويلة، هو مخطئ”، قائلا “هذا يزيد من شعور المواطنين بعدم الأمن”.
ويتنبأ خبراء أمنيون ومسؤولون في الشرق الأوسط وفي الغرب بأن الحملة العسكرية على تنظيم داعش في العراق وسوريا، ستقضي في النهاية على هدف إقامة دولة الخلافة لكنها قد تؤدي إلى زيادة متواصلة في هجمات المتشددين عالميا.
وعلى مدى أسابيع طويلة ظل أنصار الدولة الإسلامية على وسائل التواصل الاجتماعي يشجعون من يمكن أن يصبح “ذئبا منفردا” في الغرب لعلى اختيار وسيلة من الوسائل المختلفة سواء عبر التفجير أو إطلاق الرصاص أو الطعن أو غيرها من الوسائل.
واستجاب الأنصار ممن اعتنقوا الفكر المتطرف لهذا النداء أكثر من مرة في الشهرين الأخيرين في دول تشارك في التحالف الدولي الذي يحارب داعش بما في ذلك إطلاق الرصاص على رواد ملهى ليلي في فلوريدا ودهس العشرات بشاحنة في الريفييرا الفرنسية ومهاجمة ركاب قطار قرب ميونيخ.
وتؤكد تقارير أمنية متواترة أن حجم التهديدات الإرهابية بدول أوروبا الغربية خاصة في ازدياد مطرد، خاصة في ظل خسارة تنظيم الدولة الإسلامية لمساحات واسعة من مناطق سيطرته في العراق وسوريا.
وجدد وزير داخلية ولاية بافاريا الألمانية يواخيم هرمان، الاثنين، تحذيراته من وجود خلايا إرهابية وعناصر متطرفة تعمل بصورة منفردة. وعند عرض التقرير نصف السنوي لهيئة حماية الدستور، قال هرمان في مدينة ميونيخ إن التهديدات الناتجة عن متشددين لم تتراجع خلال النصف الأول من 2016.
وأشار إلى أنه نظرا إلى الهجمات التي حدثت في العاصمة الفرنسية باريس وبروكسل أيضا، فلا بد من “توقع أن تكون هناك خلايا إرهابية يتم توجيهها وتتصرف وفقا للتخطيط”. وأضاف أنه من المحتمل أيضا أن يكون تنظيم داعش “استخدم طرق اللاجئين كي يقوم بهجمات”. وحذر هرمان أيضا من خطر كبير محتمل من جانب العناصر الإرهابية التي تعمل بصورة منفردة.
وكمؤشر على حجم التهديدات التي تخيم على عمل الأجهزة الأمنية تعتزم وزارة الداخلية الألمانية تشديد الإجراءات خلال الحفلات الموسيقية، ومنها تلك التي سيقيمها مغني الراب الألماني الشهير كرو وفرقة بور (التي تعزف موسيقى البوب) والفنان الأيرلندي الشهير كريس دو بيرج في مدينة لوزهايم بولاية زارلاند الألمانية خلال الأيام القادمة.
وأشار منظمو الحفلات إلى أنه لن يتم السماح للحضور في هذه الحفلات إلا باصطحاب أشياء قليلة فحسب. وأوضحوا أن الإجراءات الأمنية المشددة تعد رد فعل على “الأحداث الأخيرة”، وفقا للإرشادات التي قدمتها لهم الشرطة المحلية بالمدينة ومكتب مكافحة الجرائم التابع للولاية.
وسيتم، بلا أي استثناءات، حظر اصطحاب حقائب الظهر أو حقائب كبيرة الحجم أو مقاعد أو كاميرات تصوير احترافية”.