عزم تونسي سعودي على توسيع التعاون الثنائي

التواصل غير الرسمي وغير السياسي طويل وعريق بين تونس والسعودية وخاصة على الصعيد الثقافي، غير أنه يبقى غير منظم، ويفترض أن يكون هناك المزيد من التواصل والعمل الحقيقي لبلوغ مرحلة الفهم المتبادل والمباشر دون وسيط.
الأحد 2019/03/31
علاقات تاريخية

شكلت القمة العربية التي تستضيف تونس دورتها العادية الـ30 على مستوى الزعماء والقادة، برئاسة الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، الأحد، فرصة لتعزيز العلاقات العربية- العربية ومن ضمنها العلاقات التونسية السعودية التي تعززت بزيارة تاريخية أداها العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز إلى تونس والتي من شأنها إضفاء المزيد من الزخم على العلاقات الثنائية.

تونس - ناقش لقاء إعلامي تونسي سعودي، السبت، سبل تطوير العلاقات بين تونس والسعودية على هامش الدورة العادية الـ30 للقمة العربية التي تحتضنها تونس الأحد.

وبحث اللقاء فرص توطيد العلاقات التونسية السعودية على صعيد إعلامي وثقافي دون الاكتفاء بالجانب السياسي. ويأتي ذلك إثر زيارة دولة يؤديها العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز إلى تونس تستغرق ثلاثة أيام منذ الجمعة، كما يترأس وفد بلاده في القمة العربية في دورتها العادية الـ30، ويسلم رئاسة الجامعة العربية إلى تونس.

وأشاد السفير السعودي في تونس محمد بن محمود العلي لدى حضوره اللقاء الإعلامي بالعلاقات الثنائية بين البلدين واصفا زيارة العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز إلى تونس بالتاريخية. كما ثمّن إعلاميون تونسيون وسعوديون العلاقات المتميزة بين البلدين معربين عن آمالهم في تطويرها وتوسيع التعاون المشترك.

وأشار الإعلامي السعودي محمد فهد الحارثي في تصريح لـ”العرب”، إلى أن “العلاقات التونسية السعودية في مرحلة جيدة وستدخل مرحلة إيجابية مع زيارة العاهل السعودي”. واستدرك بقوله “لكن لا يجب أن نكتفي بالتواصل السياسي بل يجب أن تتطور على المستوى الشعبي وهو ما نفتقده”.

ويرى الحارثي أن “جميع اللقاءات السعودية- التونسية تصب في صالح تطوير مستقبل العلاقات بين البلدين على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي”. مبديا تفاؤله في هذا الصدد.

ويلاحظ مراقبون أن تطوير العلاقات الثنائية بين الدول يحتاج إلى تفعيلها على أرض الواقع حتى تحقق أهدافها ونتائجها المرجوة.

ولا ينفي الحارثي ذلك ويعتقد أن تحويل هذه التطلعات والآمال في التقدم بمسار العلاقات التاريخية بين تونس والرياض يبدأ بخطوات. ويتابع بقوله “لكن لا بد أن تتحول إلى نظام مؤسسات والزيارات المتبادلة بين قياداتها تفتح الباب لتعزيز العلاقات والباقي على مؤسسات المجتمع المدني أن تترجمه إلى واقع وحقيقة”.

ويتسق رأي الإعلامي السعودي محمد فهد الحارثي مع رأي رئيس تحرير صحيفة الوطن السعودية عثمان الصيني.

ويشير الصيني في تصريح لـ”العرب” إلى أن “التواصل غير الرسمي وغير السياسي طويل وعريق بين تونس والسعودية وخاصة على الصعيد الثقافي”. ويستدرك بقوله “غير أنه يبقى غير منظم ويفترض أن يكون هناك المزيد من التواصل والعمل الحقيقي لبلوغ مرحلة الفهم المتبادل والمباشر دون وسيط”.

وأكدت الرئاسة التونسية، الأربعاء، في بيان لها أن “زيارة العاهل السعودي تأتي في إطار تمتين العلاقات التاريخية المتميزة القائمة بين تونس والمملكة، ورغبة البلدين المشتركة في تعزيزها وتنميتها في كافة المجالات، بما يعود بالخير والفائدة على الشعبين الشقيقين”.

وعزز العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز علاقات بلاده بتونس بإطلاق 3 مشاريع وتوقيع اتفاقيتي تعاون، عقب مباحثات أجراها الجمعة مع الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي بقصر قرطاج.

وعقب الانتهاء من جلستي المباحثات الرسمية بين الجانبين، أشرف الملك سلمان والرئيس قائد السبسي على مراسم توقيع اتفاقيتين من قبل وزيري خارجية البلدين، تتعلق الأولى بقرض من الصندوق السعودي للتنمية يُخصّص لحماية المدن التونسية من الفيضانات، والثانية لتمويل صادرات سعودية لصالح الشركة التونسية لصناعات التكرير”ستير”.

كما تولّى الرئيس التونسي رفقة العاهل السعودي إزاحة الستار لوضع حجر الأساس لمشروع إنجاز وتجهيز مستشفى الملك سلمان الجامعي بالقيروان، وإطلاق مشروع ترميم جامع عقبة بن نافع والمدينة العتيقة بالقيروان ومشروع ترميم جامع الزيتونة المعمور، قبل أن يتبادل قائدا البلدين الأوسمة.

عقب ذلك، تسلم خادم الحرمين الشريفين من الرئيس التونسي أعلى وسام في الجمهورية “الصنف الأكبر من وسام الجمهورية”، فيما سلّم خادم الحرمين الرئيس التونسي قلادة الملك عبدالعزيز.

ثم أجرى قائد السبسي مع الملك سلمان بن عبدالعزيز، جلستي محادثات ثنائية وأخرى موسعة بين وفدي البلدين، تناولت العلاقات العريقة والمتميزة بين تونس والمملكة العربية السعودية وواقع وآفاق التعاون بينهما، وما يشهده من تطور مطّرد منذ الزيارة الرئاسية إلى الرياض في ديسمبر 2015 وما تحقّق فيها من نتائج مثمرة كان لها أطيب الأثر على مسيرة التعاون بين البلدين. وأكّد الجانبان على صفاء العلاقات التونسية السعودية وعلى التقدير والمودة المتبادلة.

واستعرض العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز، مع الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، المستجدات الإقليمية والدولية قبل انعقاد قمة تونس الأحد.

علاقات عريقة ومتميزة بين تونس والسعودية
علاقات عريقة ومتميزة بين تونس والسعودية 

وتأتي القمة الـ30 في ظل أوضاع عربية صعبة ومعقدة مع تزايد الضغوط الأميركية وتزايد مطامع القوى الإقليمية في المنطقة. ويأتي حدث القمة بعد شهر من حديث السلطة الفلسطينية عن استيلاء إسرائيل، في 17 فبراير الماضي، على نحو 139 مليون دولار (سنويًا) من عائدات الضرائب (المقاصة)، كإجراء عقابي على تخصيص السلطة الفلسطينية جزءًا من تلك الإيرادات لدفع رواتب للمعتقلين وعائلات الشهداء، وأوفدت فلسطين مبعوثين للجامعة مؤخرًا، لبحث سبل الخروج من المأزق المالي الذي يواجه السلطة الفلسطينية.

وبعد أيام من إعلان الرئيس الأميركي، دونالد ترامب في مؤتمر صحافي، الاثنين، في واشنطن مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الاعتراف رسميًا بسيادة تل أبيب على مرتفعات الجولان التي احتلتها إسرائيل عام 1967.

وتضع التطورات بالمنطقة على كاهل القادة العرب، الذين يجتمعون في قصر المؤتمرات بتونس العاصمة، الأحد، مسؤولية تاريخية مستمدة من السياقات المحلية والإقليمية والدولية التي تنعقد في خضمها القمة.

ويعول المتابعون على الدور السعودي لإنجاح القمة واستعادة وحدة الصف العربي، حيث تلعب الرياض دورا محوريا في حماية الأمن القومي لدول الخليج وسائر المنطقة العربية من التهديدات الإيرانية أمام تعنت النظام الإيراني وإصراره على توسيع نفوذه على حساب مصالح المنطقة. تبعا لذلك تفرض هذه المرحلة توافقا سياسيا عربيا بعناوين واضحة وقادرة على أن تتحول إلى أفعال تستند إلى قاعدة العمل المشترك الذي اهتزت أركانه خلال السنوات الماضية. وتحمل تونس مسؤولية مضاعفة في هذه المهمة؛ فنجاح تونس في تنظيم هذه القمة في هذا الظرف الدقيق سيكون بمثابة شهادة نجاح على بداية تعافيها الأمني والسياسي وحتى الاقتصادي، كما سيكون لمواقفها الهادئة التي تدفع نحو ترسيخ تضامن عربي قوي دور في رسم وعي جديد يقوم على قاعدة المصالح المشتركة.

وأقر رئيس تحرير صحفية الوطن عثمان الصيني أن قمة تونس تأتي في ظروف صعبة تعيشها المنطقة وهي في أسوا مراحلها. وبيّن الصيني أن “هناك إيجابية وهي محل توافق ومنها الحرب على الإرهاب حيث اتفقت الدول العربية على تكثيف التنسيق لاحتواء هذه الظاهرة، كما أن هناك إجماعا في ما يخص القضية الفلسطينية ورفض القرارات الأميركية تجاه القدس والجولان إلى جانب الإجماع على رفض التدخل الإيراني في المنطقة العربية”. وأعرب الصيني عن أمله في أن يكون هناك اختراق حقيقي لهذه القمة قياسا بالقمم السابقة.

وبدوره أعرب الإعلامي السعودي محمد فهد الحارثي عن أمله أن تكون قمة تونس هذه المرة قمة استثنائية وما يصدر عنها يستجيب لطموحات الشعوب العربية. وأضاف “القمم العربية عادة ما تعطي نوعا من التفاؤل لكن نتائجها أقل من التوقعات”.

للمزيد:

2