"عروض في الذاكرة" تسترجع نسخة سورية من مسرحية الملك لير

دمشق - تواصل تظاهرة “عروض في الذاكرة” في المعهد العالي للفنون المسرحية رحلتها لاستعادة مجموعة من أعمال مشاريع التخرج لدفعات المعهد السابقة.

وآخر الأعمال المسرحية المستعادة كان مسرحية “الملك لير” التي جسد أبطالها خريجو قسم التمثيل دفعة 2015 بإشراف المخرج فؤاد حسن.

العرض الذي تمت استعادته على شاشة مسرح سعدالله ونوس بحضور عدد من طلاب المعهد والمهتمين بالفن الرابع بهدف إثراء تجربتهم وإغنائها ليكتسبوا مهارات إضافية، من بطولة لجين إسماعيل وإيهاب شعبان وتوليب حمودة وجان حدوح وشادي قاسم وطيف إبراهيم وفارس ياغي وكندة حميدان ومجدي المقبل وآخرين.

أما قصة المسرحية الشكسبيرية التي يعرفها كل رواد أبي الفنون فتعتبر من النصوص التراجيدية الصعبة، كتبت عام 1605 ونشرت بعدها بثلاث سنوات. وهي ‘لير’ ملك بريطانيا الأسطوري الذي تقول بعض المصادر إنه حكم في القرن الثامن قبل الميلاد.

وتدور أحداث المسرحية في بريطانيا القديمة عندما يقرر الملك لير التخلي عن الحكم وتقسيم مملكته على بناته الثلاث ولكن ابنتاه الكبرى والوسطى تنجحان في خداعه والاستيلاء على عرشه وإبعاد الصغرى ثم نفيه فيعيش الملك تحت وطأة عذاب الضمير والندم إلى أن تتدخل الابنة الثالثة لإنقاذ أبيها الملك في معركة تخسر فيها الموقعة فيلقى القبض عليها وعلى أبيها ويودعان السجن، ولكن الأحداث تؤدي إلى وفاة زوج الابنة الأولى ومن ثم كيد الأخت لأختها للقضاء عليها للاستئثار بالحكم وحدها، فتلقى الابنتان حتفهما والثالثة أيضا تموت وهي في السجن ويكون المشهد الأخير مؤثرا حين يموت الملك وهو يحمل ابنته التي كانت مخلصة له.

وتعدّ مسرحية “الملك لير” رؤية مأساوية للإنسانية في تعقيدها، وفي تفاعلاته مع الشخصيات ورسمه لأهدافه وتطور الأحداث المأساوي. ويقول نقاد مسرحيون إن المسرحية صورة مصغرة عن الجنس البشري بناء على الآفاق الغامضة التي تكشفها والسمات الإنسانية الأساسية التي تسلّط الضوء عليها ومنها: القلق، القسوة، الرؤية المأساوية، الوفاء، الخيانة، الخداع، الطمع، الحب، والتعاطف. ومن خلالها نجح شكسبير في نسج رائعة من الروائع المسرحية وعالم مصغر يظهر فيه معدن الإنسان وهوسه بالسلطة والنفوذ بشكل عام.

وتعتبر مسرحية “الملك لير” أكثر مسرحيات شكسبير تجسيدا في العالم العربي بالإضافة إلى مسرحية “هاملت”. وعرضت “الملك لير” خلال الأعوام الماضية في أكثر من بلد، ففي النسخة اللبنانية أدى الممثل روجيه عساف دور الملك لير، أما في النسخة المصرية فيلعب دور لير فيها يحيى الفخراني وفي النسخة التونسية جسّد لير، الممثل فتحي العكاري.

أما في النسخة السورية من المسرحية الشهيرة فيؤدي دور الملك الممثل لجين إسماعيل.

وبيّن تامر العربيد عميد المعهد العالي للفنون المسرحية أهمية مثل هذه التظاهرات التي تهدف إلى إغناء تجارب الطلاب الجدد، لاسيما أنها تعيد عرض أعمال مسرحية منتقاة بعناية كبيرة من قبل مختصين.

وأشار العربيد إلى الشغف الذي لمسه لدى طلاب المعهد بكل دفعاته الجديدة وإلى ضرورة منح الخريجين الجدد الفرصة ليواكبوا عالم المسرح والاستفادة من تجارب الكبار.

وأكد عميد المعهد أن التظاهرة لن تتوقف عند تقديم عروض تخرج دفعات طلاب المعهد، بل ستقدم عروضا من ذاكرة المسرح السوري لتكون مع ملتقى الإبداع ذاكرة بصرية ومعرفية للطلاب.

وقال مهيار المصري الطالب في اختصاص تمثيل إن هذه التظاهرة حققت له الفائدة من حيث الاطلاع على النصوص والأداء التمثيلي وزادت من خبراته، ولفت إلى عشقه لعدد من شخصيات المسرحيات القديمة للراحل ونوس والتي يرغب في تجسيدها يوما ما.

أما وسيم نصار، وهو طالب في الجامعة العربية الدولية اختصاص تمثيل، فأشار إلى أنه استمتع بالعرض الذي يحقق لهم الفائدة من حيث الوقوف على خشبة المسرح والاستفادة من خبرات الكبار.

ويذكر أن العرض السابق ضمن فعاليات تظاهرة “عروض في الذاكرة” كان مخصصا لعرض مسرحية “تكرار” التي قدمتها دفعة المعهد عام 2016 في قسم التمثيل، كمشروع تخرج لها بإشراف الفنان بسام كوسا، وتناولت المسرحية ثلاث حقب زمنية تمتد بين العصور الوسطى في باريس مرورا بالتاريخ الحديث وصولا إلى الزمن الحاضر لتطرح قصة شابين ثريين يتقدمان لخطبة شابتين شقيقتين هما ابنتا رجل فاسد من محدثي النعمة لنتابع إسقاطات هذه القصة التي تتكرر وتستمر عبر الزمن مقدمة خلاصة مفادها بأن القيمة الحقيقية للإنسان تكمن بما يمتلك من أخلاق حميدة ومعرفة لا بما يملك من المال.